بالعودة للقصة، فإن وسائل الاتصال الاجتماعي كسرعة البرق تناقلت حادثة مقتل سائق عربة خاصة بشارع النيل أم درمان عند التاسعة من مساء أول أمس (الاثنين) وأوردت أنباءً متفاوتة بالفيسبوك، والواتساب، وكل له روايته. (السوداني) استنطقت الناطق باسم الشرطة، العقيد حسن التيجاني الذي قال إن الحادث وقع أثناء العمليات المنعية لضبط وحسم الظواهر السالبة في المجتمع، كاشفاً أنه وأثناء خروج دورية الشرطة في شارع النيل بأم درمان وجدت سيارة مظللة تقف في وضع اشتباه - بحسب تعبيره -، منوهاً إلى أن الشرطة وعند قيامها بعملية التفتيش للسيارة المتوقفة والمشتبه فيها، ركب صاحب السيارة على متن سيارته وأدار مُحرِّكها بالشارع العام مباشرة، مُتسبِّباً في حوادث سير أصابت ثلاث سيارات، وأشار إلى أن صاحب السيارة وقتها حاول الهروب من الشرطة إلا أنها أطلقت أعيرة نارية على إطار السيارة، بغرض شل حركة السيارة وإيقافها جانباً، لافتاً إلى أن الرصاصة أصابت صاحب السيارة في (مقتل). العثور على زي نظامي التيجاني لم يقف عند ذلك بل كشف ل(السوداني) عن أنه وبتفتيش شرطة الدورية للسيارة عثَرَت بداخلها على زي نقيب شرطة، إضافة إلى عثورها داخل هاتفه المحمول على صورة للمجني عليه وهو يرتدي الزي النظامي، بجانب ضبط ممنوعات داخل سيارته، لافتاً إلى أنها حُرّزت كمعروضات مضبوطة داخل السيارة، مبيناً أن شرطة الدورية قامت بإسعاف صاحب السيارة إلى المستشفى. معتاد جرائم العقيد التجاني في إفادته ل(السوداني) قال إنه وبمراجعة الصحيفة الجنائية للمتهم اتضح أن لديه (16) بلاغاً وتم سجنه ولديه كرت معتاد جرائم، مؤكداً أن جميع المستندات بحوزة دائرة المباحث بالولاية، مشيراً إلى أن المباحث عادت إلى سجلاتها ووجدت أنه من معتادي الإجرام، ولديها المستندات بذلك، نافياً علم الشرطة عند تفتيشها السيارة بمن داخلها، معللاً بأن العربة كانت مظللة، وأضاف قائلاً: إن تفتيشها كان من باب (الكشات) أي الحملات التي تقوم بها الشرطة. إلى ذلك أورد بيان الشرطة التوضيحي الذي استلمت (السوداني) منه نسخة مساء أمس، بأنه وفي إطار حملات شرطة ولاية الخرطوم وتنفيذاً للخطط الموضوعة سلفاً للحد من مكافحة الظواهر السالبة والسرقات النهارية، اشتبهت في سيارة آكسنت موديل (2013) كانت تقف في شارع النيل متجهة من الجنوب إلى الشمال وأثناء وصول الدورية حاول من في العربة الفرار حينها قام سائق الدورية باعتراضه لمنعه من السير إلا أنه اصطدم بالدورية من الخلف فأصاب الملازم قائد القوة والفرد الذي معه ولاذ بالفرار مما تسبب في إحداث تلف ثلاث سيارات كانت تسير بالطريق أثناء وقوع الحادثة، إلا أن أحد أفراد الشرطة قام بإطلاق عيار ناري من بندقيته بغرض تعطيل العربة مما أدى لإصابة المذكور، ليتم نقله إلى المستشفى وتوفي بها واتُّخذت كافة الإجراءات اللازمة جنائياً وفنيا. وبمراجعة الصحيفة الجنائية لسائق العربة موضوع الحادث اتضح أن له سوابق جنائية وسبق أن حوكم في أكثر من (16) بلاغاً جنائياً ولديه كرت (معتاد إجرام) بدائرة المباحث الجنائية وقسم مدينة النيل تحت المواد (174 _ 176). وافاد إعلام شرطة ولاية الخرطوم، أن المتوفى وُجِدَ بحوزته داخل العربة زي شرطي برتبة النقيب وصورة بالزي الرسمي له بجواله وبعض المعروضات من (الممنوعات) داخل العربة. رواية الأسرة أسرة القتيل وبعد البيان الأخير للشرطة، أصدرت بدورها بياناً، قالت فيه إن القتيل كان جالساً بسيارته المملوكة شرعاً وقانوناً في مكان عام، لا يُحظر الوجود فيه، حين تمت الجريمة، بينما كان يمارس حقه المشروع قانوناً ودستوراً في حرية الانتقال دون قيد أو شرط، مشيرة إلى أن القتيل لم تتم إدانته قضائياً أو الحكم عليه أو سجنه وفق ما ذكر بيان الشرطة التي طالبتها الأسرة بالإفصاح لوسائل الإعلام عن رقم البلاغات والقضايا والأحكام القضائية الخاصة بالقتيل ونشرها فوراً. وأضافت الأسرة أنه وبنص قانون الإجراءات والشرطة لعام 2008، لا يجوز استخدام القوة الجنائية المميتة تجاه متهم، ما لم يصدر منه فعل واستخدام للقوة المميتة تجاه الشرطي، ويكون استخدامها بقصد تعطيل (تصويب على الأطراف السفلى) وليس القتل والتصويب على سيارة، منوهةً إلى أن الهروب من موقع جريمة أو إتلاف مركبات الشرطة لا يمكن تفسيره قانوناً بالقوة المميتة. وقالت الأسرة إنها الآن في حالة حزن تام وأسى، وستستأنف كافة الإجراءات القانونية بانتهاء مراسم العزاء، بما في ذلك المنظمات الدولية والحقوقية العالمية وكافة وسائل الإعلام داخل وخارج السودان. بيان ثانٍ للشرطة بعد بيان الأسرة بساعات صدر بيان من شرطة ولاية الخرطوم أصدره لواء شرطة سر الختم عثمان نصر مدير شرطة ولاية الخرطوم بالإنابة، أكد فيه أن حادث وفاة المواطن بشارع النيل بأم درمان قد وقع أثناء إنفاذ شرطة محلية كرري في عملها اليومي وسعيها لتحقيق الأمن والسلامة، وذلك أثناء قيام دورياتها بعملها الروتيني اليومي وقع الاشتباه في عربة كانت متوقفة، وأثناء الإجراءات العادية للتأكد من السلامة تحرَّكت العربة في محاولة للهروب، مما أحدث ارتباكاً بالطريق العام تخللته بعض الحوادث المرورية، وشكَّلت العربة الهاربة خطراً على السلامة العامة تخلَّلتها محاولة للاعتداء على الشرطة بالاصطدام بها أكثر من مرة، مما دعا القوة لإطلاق النار لتعطيل العربة ولكن شاءت إرادة الله أن تتجاوز الطلقة وتصيب من بداخل العربة... أسرعت الشرطة بإسعاف المصاب لمستشفى النو الذي حدثت وفاته فيها. ويضيف البيان أن شرطة ولاية الخرطوم إذ تؤكد حرصها على سلامة المواطنين، تؤكد أيضاً حيادية وسلامة الإجراءات القانونية في هذا الحادث وحرصها على سير هذه الإجراءات تحت مراقبة الجهات العدلية الأخرى. ونوهت شرطة ولاية الخرطوم إلى أن المعلومات المتداولة بالوسائط لا علاقة لها بالواقع، وهي سالبة ومضللة، كما أكدت أن هذا التحقيق مُتاحٌ لكُلِّ الأجهزة وكل الحادبين على ضمان تحقيق عدالة القانون بشفافية وحياد تام. من جهته، تقدم النائب البرلماني فتح الرحمن فضيل بطلب إحاطة لوزير الداخلية المهندس إبراهيم محمود عبر لجنة الأمن والدفاع تم رفعه أمس للشرطة. وأشار فضيل في تصريحات صحفية بالبرلمان إلى أن التصرف يحتاج لضبط من الشرطة لأفرادها في استخدام السلاح خاصة، مطالباً بمثول وزير الداخلية أمام البرلمان لمعرفة ملابسات القضية.