ووفقًا لتقارير فإن اللقاء الذي تم يأتي في إطار تواصل الهيئة وتناصحها مع ولاة الأمر، وتضمن اللقاء أيضًا مداخل الإصلاح والعمل على تطويرها وذلك من خلال تفعيل دور العلماء عبر المنابر المختلفة، إلى جانب طرحها مبادرات في مجالات حرمة الدماء وإصلاح ذات البين. بالمقابل يرى مراقبون أن الهيئة تكاد تكون جسما موازيا لمجمع الفقه الإسلامي الذي يمارس نفس المهام مما يرفع سقف التساؤل حول جدوى وجود الهيئة وما تقوم به أو ما تقدمهُ من فتاوى بين الحين والآخر، فيما نافح عدد من أعضاء الهيئة في أوقات متفرقة ومنابر متعددة عن الهيئة ودورها وما تقوم به من إصلاح في الشأن العام ومذكرات تناصحية للرئاسة، نافين في ذات الوقت وجود تقاطعات بينها وبين مجمع الفقة الإسلامي، من جهة التكوين وعدد الأعضاء إذا للمجمع قانون مجاز وتتبع لرئاسة الجمهورية فيما تضطلع الهيئة بتقديم الفتاوى ولا تتبع لجهة حكومية، وأنها مسجلة عند مسجل الهيئات الطوعية. في ذات السياق أشار مدير معهد إعداد الأئمة والدعاة بجامعة القرآن الكريم ناجي بدوي في حديثه ل(السوداني) أمس إلى أن هيئة علماء السودان هيئة غير حكومية تقوم بدور مهم فيما يختص بمناصحة الحاكم والمحكومين وأن مناصحاتها تتم وفق المتاح من خلال ترتيبات داخل الهيئة بعد التشاور حول فحوى النصيحة، مشيرًا إلى أن الهيئة هدفها جمع العلماء من كل التخصصات وكل المدارس الدينية معتبرًا أنها نجحت في تحقيق هذا الهدف إلى حد كبير، وحول تشابه الأدوار بين الأخيرة ومجمع الفقه يرى بدوي أنها تتكامل مع مجمع الفقه وأنهما واجهتان للفتوى واحدة رسمية والأخرى غير رسمية، لافتًا إلى أن الشارع السوداني يحتفي بفتاوى الهيئة ويهتم بها بالرغم من الإنتقادات الموجهة والتي تنصب في نتيجة اجتهاد الهيئة، معتبرًا أن لها تأثير في كثير من الأحداث. الدين والسياسة الناظر لطبيعة بعض الفتاوى القريبة من الشأن السياسي يرى أنها لا تخرج عن الخط العام للنظام ففي العام 2013م أفتت هيئة علماء السودان بخروج كل من وقع على وثيقة "الفجر الجديد" بكمبالا من الملة والدين، وأتت فتوى الهيئة عقب توقيع رئيس حزب الوسط الإسلامي يوسف الكودة بالعاصمة اليوغندية على الوثيقة، فيما برر وقتها رئيس هيئة علماء السودان الفتوى بأنهُ على كل إنسان مسلم الاعتراف بحكم الله عز وجل حسب ما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة مستشهدًا بقوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ). ومن الشأن العام إلى الخاص والأفراد على وجه التحديد ففي حياتهُ وموتهُ لم تفارق فتوى التكفير الراحل حسن الترابي حيثُ اتهمتهُ الرابطة الشرعية بالسودان بالزندقة والخروج على الملة بعد إصداره فتاوى وصفت بالمثيرة للجدل كما طالب علماء بعقد جلسة لاستتابته ليعود للإسلام، أيضًا دعت هيئة علماء السودان إلى استتابته وعقب وفاته اعتبر آخرون أنهُ لا يجوز الترحم عليه. الباحث في العلوم الدينية علاء الدين عبد الماجد يرى في حديثه ل(السوداني) أمس، أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال، لافتًا إلى وجود فقه الأولويات وترتيبها وأنهُ من الواجب على المجمعات الفقهية وهيئات العلماء جمع أهل الشأن في المجالات للجواب ومن ثم الفتوى في ما يهم الناس في حياتهم السياسية، الإجتماعية، والإقتصادية معتبرًا أن أصل المشكلة أن فتواهم كثيرًا ما تغض الطرف في الأمور التي تهم الناس. الشأن العام كثيرةٌ هي الفتاوى التي كانت مثار تعليقٍ وجدل ففي العام 2009م أصدرت هيئة علماء السودان فتوى تقضي بعدم جواز سفر الرئيس عمر حسن البشير إلى خارج البلاد، خاصة بعد صدور مذكرة اعتقاله من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. وأشارت الهيئة وقتها إلى أنها ترى أن الدواعي قد تضافرت على عدم جواز سفر البشير لحضور قمة الدوحة المقررة نهاية الشهر الجاري, طالما أن هناك أحدا سواه يمكن أن يقوم بتلك المهمة، واعتبرت الفتوى أن تعرض الرئيس البشير لخطر محتمل هو تعريض الأمة كلها للخطر. لم يكن الأمر محصورًا هنا فقط فقد دعت هيئة علماء السودان ولاة الولايات، ووالي الخرطوم، بوجه خاص، إلى منع إنشاء المقاهي العشوائية على قارعة الطرق العامة وشارع النيل وما سمّتهُ المواقع الحساسة في العاصمة والمدن المهمة في البلاد. وأشار الأمين العام للهيئة بروفيسور محمد عثمان صالح في تصريحات صحفية إلى أن المقاهي المشار إليها صارت أوكاراً للرذيلة وتجارة المخدرات وإشاعة الفاحشة، واصفًا المقاهي العشوائية ب"البقعة السوداء" في وجه المدن الحضارية، مشددًا على ضرورة الانتباه للعمالة الوافدة من الفتيات اللائي يعملن فيها، ولم تمر هذه الدعوة مرور الكرام وقتها أشار كتاب إلى أن "ستات الشاي" اللاتي يعملن في بيع الشاي يعلن أُسَرَاً فهل هذه الدعوة لتشريدهن داعين إلى النظر في الأسباب التي دعتهن للعمل كبائعات شاي، وفي العام 2016م أفتت هيئة علماء السودان بجواز تنظيم الوقفة الاحتجاجية للمواطنين شريطة ألا يتم استخدام السلاح وقطعت في الوقت ذاته بعدم جواز العصيان المدني.