فيما كانت وسائل إعلامية تتحدث عن غضب رئيس الوزراء واعتكافه بمنزله ليومين ، خرج بقرارات تعيين وكلاء وزارات، ما فسره البعض ان الرجل يريد ان يقول (انا موجود)، لكن ذلك ليس كافيا ليثبت انه يملك كامل قراره ولا احد يتدخل فيه، فتشكيل الحكومة القادمة سيكون خير حكم .. كيف سيتم تشكيل الحكومة وماهي التحديات التي ستواجهها، وماذا عن الحاضنة السياسية ؟ وزراء معادون للإسلاميين تحليلات تُشير الى ان اختيار عبد الله حمدوك لوكلاء الوزارات اعطى انطباعا بأنه سيرجع للحرية والتغيير في تشكيل حكومته القادمة ويحاول التقرب منها بعد الجفوة التي حدثت عقب توقيع الاتفاق السياسي او على الاقل يضمن انهم لن يعرقلوا حكومته، وربما يختار حمدوك وزراء مستقلين لكن معادون للإسلاميين مثل وكيل وزارة العدل والذي عرف بعدائه للإسلاميين. ولم تُستبعد التحليلات وجود قائمة متفق عليها مسبقاً مع البرهان في اختيار وزراء مستقلين لكن أيضا معادين للإسلاميين، وفي هذا يحاول حمدوك إرضاء البرهان، ومثل هذا الاتفاق ستكشفه الأيام وستوضح أنه اتفاق عقلاني أم مبني علي مصالحهما، وربما أيضاً تظهر حاضنة سياسية لحمدوك تقف إلى جانبه لاكمال الفترة الانتقالية بالاضافة إلى المجتمع الدولي. مقربون من حمدوك أشاروا إلى أنه ربما يختار حمدوك وزراء مستقلين لكنهم غير معروفين، وفي هذه الحالة ستكون الحكومة باهتة، لأن الوزراء، وهذا لا يعني أن المستقلين ليس لهم موقف سياسي، فقط ليس لهم حزب .. ومثل هذه الحكومة يمكن أن تجعل البرهان وحمدوك يتنازعان في السياسة كما يشاءان ، فيما يظل الوزراء مهتمين بعملهم بوزاراتهم . مطلع الاسبوع الحالي عين رئيس الوزراء عبدالله حمدوك 20 وكيل وزارة لتصريف شؤون الوزارات، الخطوة وجدت رفضا من بعض القوى السياسية المعروفة ب(مجموعة اعتصام القصر) والتي ساندت رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان في القرارات التي اتخذها في 25 أكتوبر الماضي، بحجة أن حمدوك استبدل بعض الإسلاميين بآخرين محسوبين على اليسار. لكن في الجانب الآخر رأى محللون سياسيون أن تعيين وكلاء الوزارات يدل على أن الحكومة القادمة لن ترى النور قريباً، بسبب الاختلافات السياسية التي كادت ان تعصف بالفترة الانتقالية، بل أصبح الأمر أكثر تعقيداً بعد أن تم وضع حمدوك في مربع واحد مع العسكر بسبب توقيعه علي الاتفاق السياسي مع رئيس مجلس السيادة، ووصفوه بالانقلابي، كثيرون يتساءلون عن شكل الحكومة القادمة أو ملامحها في ظل الوضع السياسي المعقد، وتبادل الاتهامات بين الحاضنة السياسية فيما بينها من جهة وبينها والعساكر من جهة أخرى ؟ ليسوا مستقلين رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان قال في أكثر من مناسبة إن اختيار الحكومة متروك لحمدوك وحده، وعليه أن يختار حكومة كفاءات مستقلة، مايعني أن المكون العسكري لن يتدخل في الأمر، لكن المشكلة التي يواجهها حمدوك الآن كيف يمكن أن يختار حكومة بتلك الشروط وحركات الكفاح المسلح يجب أن تكون جزءا منها، مايعني أن الوزراء يمكن أن ينطبق عليهم شرط الكفاءة، لكنهم ليسوا مستقلين. قوي الكفاح المسلح أكدت أنها محتفظة بحصتها في الحكومة الجديدة بحكم الوثيقة الدستورية، وبعض الوزراء يمارسون مهامهم الآن، لآن الإعلان السياسي حفظ لهم مكتسباتهم حسب سلام جوبا. تحديات حمدوك الخبير الاستراتيجي اللواء أمين إسماعيل رأي أن الحكومة ستكون حكومة كفاءات، لكنه أشار إلى أنه وبسبب الخلافات الموجودة في الساحة السياسية ربما يتم اتهام من يتم ترشيحهم بانتمائهم للنظام السابق أو أحزاب أخرى، أو التشكيك في كفاءتهم، وهذا ما ظهر في تعيين وكلاء الوزارات . ولفت إلى التحديات التي تواجه حمدوك من بينها الشواغر المحددة لحركات الكفاح المسلح، والوزارات التي تتبع للمكون العسكري، والأجهزة العدلية والمحكمة الدستورية، وهذه قد تحد من بعض تحركاته، وتحديات أخرى مثل تشكيل التشريعي ومفوضيات الفساد والانتخابات ولجان إعداد الدستور. إسماعيل أوضح أن تفادي حمدوك لتلك التحديات يتطلب منه الاستناد في تكوين الوزارات على كفاءات مستقلة وأن يجلس مع المكون العسكري لاختيار وزراء ليس لهم انتماء سياسي أو نشاط حزبي. إسقاط حمدوك الناطق باسم الحزب الشيوعي فتحي فضل أشار في تصريح ل(السوداني) إلى أن الحكومة القادمة ستعمل على تنفيذ الاتفاق السياسي ما يعني استمرار الانقلاب، لافتاً إلى أن الاجتماع الثلاثي بين حمدوك والبرهان وحميدتي ربما ناقش تفاصيل تشكيل الحكومة بالتالي لن تكون مستقلة، وقال إن الحكومة التي سيشكلها ستكون تحت سلطة الانقلابيين . وأوضح فضل أن حمدوك مسؤول من استمرار الانقلاب، ووصفه بالخائن لدماء الشهداء، مشيراً إلى أنه أراد أن يكون مع الانقلابيين في خندق واحد وأكسب الانقلاب شرعية في الوقت الذي كان فيه الشباب يدفعون حياتهم من أجل إطلاق سراحه ومن أجل تحقيق الحكم المدني، خرج هو وكافأ الجميع وبصم علي إجراءات البرهان في 25 أكتوبر، وقال "(سنسقط حمدوك وحكومته في مزبلة التاريخ ) ، مؤكدا انها ستجد رفضا من الشارع لانها ستستمر في نفس الاخطاء التي ارتكبتها في السابق في تنفيذ السياسات الاقتصادية التي أفقرت المواطن. حاضنة الحكومة وسائل إعلام أشارت إلى وجود حاضنة سياسية ستتشكل خلال ساعات من الحرية والتغيير بشقيها، وستكون داعمه للحكومة، لكن بيانات صحافية خرجت لتنفي الأمر، وبين هذا وذاك يرى مراقبون سياسيون أن مجموعة الميثاق الوطني أو قحت (ب) ستكون الحاضنة السياسية للحكومة الجديدة، لأنها داعمه للإجراءات التي وصفها البرهان بالتصحيحية، رغم أن بعض مكوناتها كانت ترفض عودة عبدالله حمدوك إلى منصبه بعد إجراءات 25 أكتوبر، وطالبت بالبحث عن شخص آخر، بل أنها اقترحت أسماء معينة، لكن ضغوط المجتمع الدولي ومطالبته المستمرة بالإفراج عن حمدوك كانت سبباً في عودته. فيما يرى آخرون أن البرهان كان متمسكاً به ، ويرى أن وجوده مهم في الفترة القادمة باعتبار أنه كان مقبولاً لدى الشارع ، وفي أكثر من مرة يقول إنه لا خلاف له مع حمدوك وأنه متعاون معه.