نسطر كلماتنا اليوم بمدادٍ من الدموع ويتوارى قلمنا خجلًا من العبارات المصوغة لرثاء رجل أمَّة جامع لخصال الخير جلّها والتي تحتاج الخصلة الواحدة منها لمقال منفرد.. فقدت جمهورية السودان صباح الأحد السادس عشر من يناير 2022م المهندس كمال علي محمد أحمد ..خبير المياه العالمي والأستاذ الأكاديمي المربّي الذي تخرّج على يديه كثير من طلاب الهندسة .. الوزير المهني الأكاديمي الذي عمل بتفانٍ وإخلاص طيلة حياته، . فقدنا عفيف اليد واللسان … الرجل الاجتماعي البار لأهله ومواصل أصدقائه وجيرانه وزملائه في جميع مناسباتهم في السراء والضراء يذهب ويتجول دون أي حراسة ولا بروتوكول ،و لم يمنعه سقم من التواصل ..صاحب عطاء بلا حدود وكرم فيّاض .. فقدنا رجل البرّ والإحسان الذي يشهد له الفقراء والبسطاء بيديه الممتدّة بالعطاء دومًا لهم كافل اليتامى والضعفاء .. فقدنا الخال الحنين والمربّي العظيم صاحب القلب الكبير الطيب الودود اللطيف الممازح للجميع صغارًا وكبارًا . .. فقدنا الرجل الأمّة الحكيم العالم الجليل في مجال المياه والريّ والإنسان الخلوق صاحب الصوت الخافض ..الذي عمل منذ ستينيات القرن الماضي في حكومة السودان متجولًا في جميع ولاياته .. مخطّطًا ومنشئًا لكثير من المشاريع التي يتمتع بها السودان اليوم.. فقيد الوطن الذي كان هميمًا قويًا شجاعًا في رأيه ولو على منصبه.. خاصة قضية سدّ النهضة الذي سماه سدّ الخراب.. وكان رأيه واضحًا منذ البداية لِخبرته عن مدى الضررالذي سيقع على السودان من إنشاء السد ..وأوضح ذلك في عدة مقالات وندوات ولقاءات إعلامية. فقد الوطن الراحل وللأسف لم ينعه كبار الوطن بينما نعاه الآخرون لأنهم يعرفون قيمته. وكبار الوطن لا يعرفون قيمة العلماء والمخلصين له أصحاب الخبرات الطويلة الذين لم يستثمروها في الخارج ظلوا مرابطين بالداخل حتى آخر عمرهم ،حزنت جدًا عندما رأيت ذلك النعي من الأشقّاء العرب ولم أجد جهة رسمية أو مهنية أو حتى سياسية ببلادي تنعاه…. فقد الوطن موسوعة تمشي على أرض وتاريخًا اجتماعيًا ومهنيًا وأكاديميًا وسياسيًا…. فقد حي المسالمة الأمدرماني العريق حكيمًا ركنًا أساسيًا من أركان عائلة الكتيابي والماحي وحسان وآل النعيم بكراوي، حيث سنفقد مجيئه الأسبوعي يوم الجمعة وحديثه الشيّق والذكريات الجميلة التي كان يمتعنا بسردها بكل أدب وتواضع جم.. سائل عن أحوال كل أفراد العوائل السابقة الذكر وما من زيارة يوم جمعة إلا وسبقها ملبيًا لمناسبة فرحًا أو مؤديًا لواجب عزاء وغيرها.. اليوم وعلى المستوى الشخصي أفقده ناصحًا وداعمًا لما نكتبه بل لمسيرة الحياة عمومًا.. حيث أفقد ذلك التواصل اليومي صباحًا ومساءً مستفسرًا عن أحوال الجميع وأحوال الوطن ..حديثه عبر الهاتف لو استمر ساعات لا يكفي ولا تحس بأيّ ملل منه.. ماذا قال عنه أصدقاؤه وزملاؤه؟ د.مهندس صلاح عبدالله أحمد عبدون مهندس بوزارة الري والموارد المائية وخبير منتدب بالمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة اكساد :"الرحمة والمغفرة لأستاذ الهايدرولوجي العالم الجليل المتواضع كمال علي محمد .لايفوتنا في هذه اللحظات الحزينة بفقده إلا نعطيه حقه. إنه كان رجلًا صدوقًا قويًا، رجل موقف ومبادئ.صدح بالحق ووضح بكل شجاعة الآثار السالبة لسد النهضة وانتقد في الإعلام المرئي والمسموع مواقف السودان الفنية المنقادة خلف إثيوبيا. عندها واجه حربًا شرسة من نظام الإنقاذ والمطبلين من مهندسين زملاء له كان معظمهم قد ارتقى على أكتافه وهم كثر .وصلت ببعضهم الوقاحة بوصفه بالعمالة لمصر.واجه هذه المصائب بجلد وصبر ورباطة جأسش يحسد عليها. ومرت الأعوام وأخيرًا اكتشف الجميع ان ما كان يتبناه من مواقف في سد النهضة هو الحقيقة وكانت أطروحاته من سد النهضة هي الحقيقة .والحمد لله والشكر له إن مد الله في أيامه حتى وضحت الحقيقة ". أما العم المهندس أحمد الطاهر النعيم ابن خال وصديق وزميل ا لدراسة للراحل بحزن عميق قال: "لا نعرف من أين نبتدئ الحديث عن الأخ كمال حيث كان رجلًا ذا أخلاق حميدة ومتعاونًا مع زملائه ويكنّ لهم الاحترام و كان رجلًا متفوقًا أكاديميًا متميز الأداء ، عرفته جميع الهيئات العالمية الفنية خبيرًا وكانت تضع له اعتبارًا ًخاصًا لتميزه" الأخ الحاج أيوب سائق الراحل الخال كمال بكل نبرة حزن "قال لي سيد كمال أقول شنو وأخلي شنو لكن أعطيك معلومة قد لا يعلمها البعض أنه لسع فاتح بيوت وكافل طلاب جامعة ثم ترحم عليه " دكتور مهندس مستشار محمد مصطفى عباس المدير الفني للوزارة للفترة 2006 م وحتى 2011م "فقدنا بالأمس الأحد 16/01/2022 العالم المربي خبير المياه العالمي الوالد المهندس كمال علي فقد كان رجلاً خيّراً بمعنى الكلمة يشهد له جميع العاملين و العاملات بوزارة الري و الموارد المائية. فقد العالم أمس خيرة علماء المياه فقد كان خبيرًا سودانيًا إقليميًا عالميًا. كانت أولى علاقاتي به في العام 1999 حينما تقدمت بورقة علمية للمشاركة في مؤتمر النيل السابع في القاهرة و كان ينقصني في ذلك الوقت التمويل بقيمة التذكرة و الإقامة حيث تم قبول الورقة فنيًا، و كنت وقتها حديث التعيين بوزارة الري و الموارد المائية. تم قبولي أو تم ترشيحي بواسطة المهندس كمال علي و علمت فيما بعد أنه وضع شرطًا أساسيًا للمشاركة في المؤتمر الهام أن تعطى الأولوية للذين تم قبول أوراقهم العلمية أولًا فكنت أنا أحد المحظوظين بهذه المنحة. بعد ذلك عملت مع السيد كمال علي بالمكتب الفني للوزير إلى أن أصبحت مديراً لمكتبه حتى ترك العمل بوزارة الري و الموارد المائية في2011. في هذا العام عندما تم فصل الري من الموارد المائية قال لي بالحرف الواحد أنه رفض أن يكون جزءًا من تقسيم و إلغاء الري من وزارة الموارد المائية حيث إنها تحتفل بمرور 50 عامًا من إنشاء أول مشروع للري بالسودان. و ظلت علاقتي الشخصية معه مستمرة استشيره في كل و جميع دراساتي العلمية بحث الماجستير و بحث الدكتوراه و كنت أجده دائمًا عند حسن ظني به. و قد كنت كاتبه لمعظم مقالاته العلمية المحلية و الإقليمية خصوصًا فيما يخص موضوع سد النهضة". كما عجز قلمنا عن سرد مقدمة بقدر مقام الراحل ووصف حياته المليئة بالكرم والعطاء المتدفق للجميع ليس مالًا فحسب بل رأي ومشورة وتواصل وغيرها..عجز قلمنا أيضًا عن تسطير خاتمة تليق بذلك الرجل الإنسان " خالو كمال " أخيرًا نعزي الجميع من الأهل والأصدقاء والجيران في فقدنا الجلل.. وأعزّي إخوتي د. محمد كمال الذي لا يقلّ صفات عن أبيه هو وأخته المهندس سالي ، نسأل الله لهما ولنا الصبر والسلوان والرحمة والمغفرة للخال العزيز كمال والحمدلله رب العالمين . يَعِزُّ عَلَيَّ أَن نَغدو جَميعًا وَتُصبِحَ ثاوِيًا رَهنًا بِوادِ فَلو فودِيتَ مِن حَدَثِ المَنايا وَقَيتُكَ بِالطَّريفِ وَبِالتِلادِ فتى لا يحب الزاد إلا من التقى ولا المال إلا من قنا وسيوف فقدناك فقدان الشباب وليتنا فديناك من فتياننا بألوف عليه سلام الله وقفا فإنني