مفردة ولفظة (أمريكاني)هنا مستلفة من قصيدة ست الدار للراحل حميد-رحمه الله – واستقبلت العاصمة الخرطوم في الأيام القليلة الماضية وفدين أجنبيين(إسرائيلي وأمريكي) بشأن تطورات الأوضاع في السودان، حيث التقيا بمسؤولين في الحكومة الحالية التي تواجه ضغطًا شديدًا من قبل الشارع الذي رفع مطالبه متمثلة في الحكم المدني الكامل. *الكثير من المتابعين يتساءلون عن سر زيارة الوفدين وما جرى داخل الغرف المغلقة، ومعرفة ماذا يريدان أن يقدماه من رؤية أو حلول؟ وهل ما طرحه الوفدان الإسرائيلي والأمريكي من حلول، هي تتماشى وتنسجم مع مطالب حراك الشارع؟. هذه تساؤلات الشارع وتحتاج إلى إجابة. *أولًا جزء كبير من السودانيين ينظرون إلى زيارة الوفد الإسرائيلي دون الأمريكي بعين الاستغراب وما بين الرؤيا و الأحلام، لاعتبارات كثيرة راسخة في ذهن المواطن السوداني، أولها التضامن مع القضية الفلسطينية، ولأنهم لم يعتادوا على مشاهدة مثل هكذا وفود وزيارات، ولأن الخرطوم كانت تأوي (اللاءات الثلاثة)منذ عام1967 في مؤتمر قمة جامعة الدول العربية -التي لم تحمل سوى اسمها فقط – وأعني الجامعة العربية…وجاءت اللاءات الثلاثة تضامنًا مع القضية الفلسطينية، وتعني (لا صلح، لا اعتراف،لا تفاوض) مع إسرائيل. ولكن منذ عامين لم تعد الخرطوم حاضنة ل(اللاءات الثلاثة)، وتم كسر هذا الحاجز بفعل التغيير الذي حدث في السودان من قبل قيادات حكومة الفترة الانتقالية-والعساكر تحديدًا- وتمت زيارات ومقابلات لمسؤولين إسرائيليين- سرًا وعلانية- وتم التطبيع تحت جنح الليل وفي الخفاء ولم يتم إعلان التطبيع مع إسرائيل بصورة رسمية، نسبة لما واجهته هذه الخطوة من اعتراض كبير في الأوساط السودانية حتى داخل أحزاب الحرية والتغيير التي كانت في السلطة، الشيء الذي أجبر البرهان وحمدوك على التراجع عن التطبيع – رسميًا – وذكر البرهان آنئذ بأنه تم تأجيل التطبيع للبرلمان- الذي لم يتكون إلى الآن – وفي نفس الوقت لم يلتزم البرهان بما قاله، فعمليًا التطبيع مع إسرائيل لقد تم. *هنالك اتهامات تطلق تجاه إسرائيل بأنها تقف إلى جانب المكون العسكري، لأن البرهان في نظر إسرائيل لاعب رئيس ومحوري في ملف التطبيع ، ومعه جنرالات في الجيش على تواصل دائم ومستمر مع مسؤولين إسرائيليين، حتى وسائل إعلام إسرائيلية ومواقع أجنبية أكدت ذلك الشيء الذي يثير الشكوك والظنون وسط الكثير من الشارع السوداني. *وفي اعتقادي أن مثل هذه الزيارات والوفود، وبما فيها مبادرة فولكر -لن تأتي بثمار يتم قطفها – ليس مقام تشاؤم مني ولكن لم يشخصوا الحالة السياسية السودانية بصورة دقيقة – والدكتور أو الطبيب إن لم يشخص المرض بصورة دقيقة لن يصرف للمريض علاجًا ناجعًا وشافيًا، وهكذا على الحالة السودانية، فهم ببساطة شديدة يرون أن ما يخيم في المشهد السياسي السوداني هي أزمة سياسية، بينما يراها الشارع هي أفعال وأعمال ثورية، امتدادًا للثورة التي انطلقت صافرتها في ديسمبر من عام 2018، فهذا هو الخلاف الجوهري بين الشارع والمجتمع الدولي… تشخيص المرض هو أولى خطوات العلاج والتماثل للشفاء.