كلمة (مَحْسوبيَّة) في معاجم اللغة تعني: مُحاباة، ميل خاص فيه تحيُّز ظاهِر، اِخْتِصاص الأصدقاء والأنصار بالوظائف والنِّعَم، واصطلاحًا تعني اعتبار القرابة العائلية أو السياسية أو المذهبية جواز مرور لتحقيق مصلحة ما؛ كإسناد الوظائف أو الترقيات أو غيرها، وجعل الحسب أو النسب في المقام الأول. وثمة فرق بينها وبين الواسطة، فالواسطة في الاصطلاح الشرعي تعني: "طلب العون والمساعدة من شخص ذي نفوذٍ وحظوةٍ لدى من بيده القرار لتحقيق مصلحة معينة لشخص لا يستطيع تحقيقها بمفرده". يقول أحد الباحثين – في تناوله للفرق بين الواسطة والمحسوبية – إن مفهوم الواسطة يختلف عن مفهوم المحسوبية، وإن كان أيٌّ منهما لا يوجد إلا بوجود سلطة أو نفوذ، ويهدف إلى تحقيق نفس الهدف. والمحسوبية أو المحاباة أو الواسطة ( nepotism) تعني تفضيل الأقارب أو الأصدقاء الشخصيين بسبب قرابتهم وليس كفاءتهم. وتُعرَّف بأنها: طلب المساعدة من شخص ذي نفوذ وحظوة لدى مالك القرار لتحقيق مصلحة معينة لشخص لا يستطيع تحقيقها بمفرده. قد يسأل قارئ عن مسوِّغ هذه (الحصة اللغوية)؟ فنحيله إلى اعتراف معالي وزير المالية جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة باستثناء سيارة ابن أخيه الراحل خليل رحمه الله من الجمارك، وأوردت (المجرة برس) إسنادًا إلى صحيفة (الإنتباهة) الصادرة الخميس 8 سبتمبر أن معالي الوزير أوضح أنّ الاستثناء ليس قاصرًا على الحركات، وليس بدعة، وقال: " لا نجد في هذا حرجا، أو استغلالا للنفوذ، ولا أيّ شكلٍ من أشكال الفساد". وللإجابة على السائل نقول إن (حصة اللغة) تستفهم ما إذا كان تصرُّف دكتور جبريل إزاء سيارة ابن أخيه داخل فى مفهوم المحسوبية أم الواسطة؟ بيان أسرة خليل ينفي طلب الشفاعة أو الواسطة، بالتالي فإن قرار د. جبريل باعفاء سيارة ابن أخيه من رسوم الأرضيات البالغة 562000 جنيه؛ تصرُّف فردي ولا علم للمعنيين به، وهذا ما يُدخله في تصنيف المحاباة. في متابعاتها أشارت كاتبة زاوية (كلام صريح) بصحيفة (السوداني) إلى أن خطاب أسرة أواب نجل خليل إبراهيم برَّأت نفسها من تصرُّف وزارة المالية، ورفضت أي تمييز لها من حركة العدل والمساواة، وأخلت مسؤولياتها من شبهة أي تجاوزات، وأثبتت أمام الرأي العام أنها تساند حق المساءلة والشفافية والمحاسبة، ووصفت الكاتبة بيان الأسرة بأنه "درس في الأخلاق". وللعلم فإن البنك الدولي يُعرِّف الفساد بأنه شكل من أشكال خيانة الأمانة من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة، أو إساءة استخدام السلطة لصالح الفرد. لا يُشكك أحد في نزاهة د. جبريل، ولا يُنكر أو يجحد تفانيه ومجاهداته بمفرده في ظروف استثنائية ومعقدة حيث (لا دولة) لاستعدال بوصلة اقتصاد منهك وكسيح، وبالطبع هذا لا يُبرِّر له مجافاة الاقتداء بالسُّنة النبوية الشريفة: "وأيمُ اللهِ، لو أنَّ فاطمةَ بنتَ مُحمَّدٍ سرَقَتْ، لقطَعْتُ يدَها"، وهو كما نعلم رجل على خُلق، ويتمتع بقيم نبيلة ومثل عليا.. لكن لكل جواد كبوة، ولكل سيف نبوة، ولكل عالم هفوة، ولكل مسؤول سقطة، ويستحيل أن تخلو الصحائف من الشوائب لتبدو بيضاء نقية