الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهراً حينما كانت الطائرة الهليكوبتر طراز (MI-17) تحلق قرب مطار نيالا بولاية جنوب دارفور، وهي قادمة من محلية أم دافوق وعلى متنها (21) راكباً أغلبهم من القوات المسلحة بالإضافة إلى طاقمها المكون من (3) أشخاص. الهليكوبتر أوصلت تعيينات ومعينات لقوات الجيش بأم دافوق وعادت أدراجها، إلا أنها كانت تحلق بسرعة أكبر من المألوف في طريقها للهبوط ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان. أوامر البرج المراقب الجوي بالبرج أرسل إشارة هبوط لطائرة أخرى مروحية من ذات الطراز تتبع لبرنامج الغذاء العالمى كانت في طريقها للمدرج، وكانت الأولوية في الهبوط لطائرة ال(UN)، ولكن في تلك الأثناء وبينما مروحية القوات المسلحة تحلق بسرعة في طريق الهبوط، لاحظ كابتن الهليكوبتر أن هنالك طائرة أخرى في طريقها للهبوط، وهنا حاول تلافي الأمر إلا أن عطلاً تقنياً حدث بالمحرك أدى لتعطله ليحاول معه الكابتن الهبوط لإخلاء المدرج، ولكن سبقت نجاح محاولاته وقوع الكارثة. تحطم واحتراق في تلك الأثناء كانت الهليكوبتر المنكوبة تقارب الأرض وفي سبيل هبوطها اضطرارياً ليختل توازنها وفقد الكابتن السيطرة عليها فاصطدمت مؤخرة الطائرة (الريشة) بالأرض، ما أدى لانقطاع ذيلها وتحطمه، وبعدها فقدت الطائرة السيطرة نهائياً، وانقلبت واشتعلت فيها النيران بصورة سريعة، ونجا جميع ركابها بسرعة فائقة. مركبة الإطفاء التي كانت موجودة بالمدرج وسارعت نحو الطائرة المحترقة وقامت برشها بمادة (الفوم) بكثافة كبيرة أدت لانطفاء النيران. مصير طائرة (UN) فور رؤية كابتن طائرة برنامج الغذاء العالمي لما حدث أمامه بالمدرج. وعلى الرغم من أنه كان يحلق بمسافة قريبة من سطح الأرض استعداداً للهبوط بموجب إشارة الهبوط التي تلقاها من برج المراقبة الجوية، إلا أنه قرر تغيير وجهته وزاد من سرعته واتجه بطائرته إلى الأعلى في وضع التحليق عالياً ليغادر بعدها ولاية جنوب دارفور متجها إلى ولاية شمال دارفور حيث حطت طائرته بسلام في مطار الفاشر. إغلاق المطار فور وقوع حادثة تحطم المروحية بمطار نيالا أعلنت سلطات مطار نيالا عن إغلاق المطار حفاظاً على سلامة الطائرات والمواطنين وتم إلغاء الرحلات ويذكر أن العناية الإلهية قد حالت دون امتداد الحريق لمخزن الوقود، واتخذت سلطات المطار إجراءات السلامة اللازمة وقامت بتفريغ الطائرة من الوقود واستمر تفريغها لنحو ساعتين وتم تبريد هيكلها حتى لا يتجدد الحريق، ونجا جميع ركابها وكان بعضهم مصاباً إصابات طفيفة لا تذكر. بيان الجيش وفي السياق أصدر الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد د.أحمد خليفة احمد الشامي بياناً جاء فيه : (تعرضت مروحية عسكرية من طراز (MI 17 ) ظهر الاثنين إلى عطل فني مفاجئ أثناء هبوطها في مطار نيالا قادمة من أم دافوق في رحلة إدارية روتينية، واصطدمت بمدرج المطار مما أدى إلى اشتعال النار فيها واحتراقها، فيما نجا من الحادث أفراد الطاقم وجميع الركاب الذين كانوا على متنها). حوادث مماثلة في ديسمبر العام الماضي لقي أحد عناصر القوات المسلحة مصرعه على أثر تحطم طائرة حربية بالساحل الشرقي لبورتسودان. وكان الطالب الحربي سياف إدريس عثمان سليمان، قد لقي حتفه على أثر سقوط طائرة تدريب كان يقودها من مطار الكلية الحربية بمدينة بورتسودان في جولة تدريبية اعتيادية، نتيجة عطل فني أدى لتحطمها. وفي يونيو من العام الماضي تحطمت طائرة عسكرية عقب إقلاعها من مدينة دنقلا، على بعد 530 كيلومتراً شمال العاصمة الخرطوم. وكانت الطائرة الهليكوبتر من طراز (مي 17) تابعة للقوات المسلحة في مهمة رسمية إلى مدينة الدبة، وتحطمت بسبب سوء الأحوال الجوية مما أدى لاستشهاد جميع أفراد الطاقم المكون من أربعة أفراد. وفي أبريل 2016م تحطمت طائرة عسكرية من طراز "أنتينوف 26" عند هبوطها في مطار مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال دارفور وتوفي أفراد طاقمها الخمسة، وأيضاً في يونيو 2013م، توفي طاقم طائرتين عندما تحطمت مروحية عسكرية في منطقة النيل الأزرق وبعد ذلك بأسبوع تحطمت أخرى في ولاية جنوب كردفان. ويرى مراقبون أن الجيش السوداني الذي يعتمد على الطائرات الروسية قد فقد مؤخراً عددا من الطائرات العسكرية التابعة له، وعلى الرغم من رفع العقوبات الاقتصادية المفروض على السودان، وإبرام الخرطوم صفقة لشراء طائرات من ماركة سوخوي المقاتلة، إلا أن حوادث الطيران العسكري ما تزال مستمرة وأودت بحياة عديد من منسوبي القوات المسلحة كما أن معظم الحوادث التي وقعت كانت أسبابها الأعطال الفنية والتقنية المختلفة.