بات مشهد تراص المواطنين في مواقف المواصلات الخالية لساعات طويلة مألوفاً بولاية الخرطوم، يقطعه بين الحين والآخر تدافع العشرات نحو مركبة قادمة للتو يصدهم قائدها بلوم باين وهو يخبرهم باختصار عدم نيتهم العودة بعبارة (ما راجعين)!. خارج الموقف ومن الملاحظات اللافتة الغريبة في الإستاد عدم دخول المركبات العامة إلى الموقف حيث تقف بعيداً غرب الإستاد أو في تخوم (عمادة) جامعة السودان بعيداً عن الموقف المعلن شرق الإستاد حيث يجب أن تنتهي رحلتها والأمر نفسه ينطبق على (كركر) الموقف الجديد الذي تجوبه حشود كبيرة من المواطنين بحثاً عما يقلهم إلى منازلهم ونطاق بحثهم يتعدى حدود الموقف إلى شرق غرب كبري الحرية وشماله ويمتد غرباً إلى الكبري الطائر بشارع الغابة والمشهد باختصار دوامة فوضى ضحيتها المواطن الذي يتحرك في مساحات واسعة بحثاً عن المواصلات ويدفع في أحايين كثيرة التعرفة مضاعفة بسبب جشع بعض السائقين. (السوداني) قامت بجولة مطولة وتحركت بين موقفي الإستاد وجاكسون واستطلعت بداية عدداً من المواطنين الذين أكدوا أن الوضع لم يعد محتملاً واتهموا سائقي الحافلات ب(اللعب) على المواطنين واستغلال الوضع وعدم الالتزام بالخطوط حسب تعبير سفيان سر الختم الذي قال أيضاً إنه قضى أكثر من ساعة بالموقف الجديد دون فائدة. من جهتها وصفت المواطنة تهاني عبداللطيف مايحدث بمواقف المواصلات بالأزمة المفتعلة وقالت عشرات الحافلات تقف هنا وهناك ولا أحد يحركها بعد أن غابت حكومة الخضر التي تختفي من الشارع بحلول الرابعة مساء وتمضي وتقول هناك نساء وأطفال وعجزة ومرضى وسط هذه الحشود تنتظر وتعاني في صمت بينما كان يمكن أن يحل (عسكري واحد) المشكلة بإجبار الحافلات على التحرك. نقص مركبات في المقابل يقدم سائقو المركبات رؤية مختلفة للازمة، ويقول السائق حامد مختار: "باختصار المشكلة في تناقص عدد الحافلات بسبب الأعطال وعدم قدرة أصحابها على صيانتها فمثلاً (عمرة) الروزا تكلف أكثر من (8) ملايين جنيه و(جوز اللساتك) (1600 جنيه) والحل الوحيد إذا كانت الحكومة جادة في معالجة المشكلة عليها دعم قطع الغيار بدلاً من التنظير واستيراد البصات بلا فائدة"، ورداً على اتهامات التهرب يقول حامد هذا صحيح بالرغم من أن ما يحدث ليس دائماً تهرباً فأحياناً تحتاج الماكينة إلى القليل من التبريد والسائق إلى بعض الراحة وفي حالات أخرى نخاف على المركبات من تدافع الركاب الذي كثيراً ما يتلف الأبواب والتنجيد، هذه الأسباب مجتمعة هي التي تجعل الكمساري يردد جملة (ما راجعين). أما زميله ياسين الصادق فارجع المشكلة إلى زحمة الشوارع وقال هي السبب الرئيسي في أزمة المواصلات التي ظهرت مؤخراً وأن العربات الملاكي التي كثرت أعدادها في الفترة الأخيرة زادت الازدحام، أما السائق عبدالباقي الفضل فقال (اتفق تماماً) مع حديث زميلي الأول وزاد عليه إن مايقال عن زيادة أسعار البنزين والاسبيرات هو الذي أدى إلى خلق هذه الأزمة غير صحيح، وإن الزيادة التي حدثت لم تؤثر كثيراً على السائقين أو بالنسبة لأصحاب العربات فيما يتعلق بالتوريدة اليومية، أما فيما يتعلق بالاتهام الذي يوجه لهم من المواطنين بأنهم (يتهربون) من الطلاب بوقوفهم خارج المواقف المخصصة لهم حتى تنتهي أوقات خروجهم أو الساعات المحددة لدعم تذكرتهم الرسمية، فرد بأن هذا الكلام غير صحيح وأن كل حافلة تحمل عدداً معيناً من الطلاب وأن الطلاب أساساً ينظمون أنفسهم بمعنى إذا رأى أحدهم أن المقاعد المخصصة للطلبة قد اكتملت فإنه ينتظر الحافلة التي تليها. وأضاف أن أغلب هؤلاء الطلاب يدفعون تذكرتهم كاملة واختتم حديثه قائلاً (ليس هناك سواق بتهرب من طالب، أساساً هم المحركين الشغلة).. من جانبه اختطف زميلهم الهادي بشير الحديث بقوله "العندو والماعندو بركب معانا" مؤكداً أن أصحاب العربات لم يتضرروا أبداً وأن التوريدات تأتيهم كما هي، أما عن الذين لا يدخلون المواقف ويأخذون الركاب من الخارج قال: إن هذا الأمر يسأل عنه المسؤولون عن تنظيم المواقف. أما السائق بشير عوض قال إن بصات الوالي لعبت دوراً كبيراً في زحمة الشوارع كما أنها تعيق انسياب الحركة وتجعل المركبة تستهلك الكثير من الوقت أما السائق حسين مصطفى، قال لنا بعد أن أكد أيضاً على أنه لا توجد أزمة حقيقية في المواصلات بقدر ما يوجد ازدحام في طرق المرور. وزاد: "قديماً كانت هناك ساعات معينة يكون فيها الازدحام شديداً أما الآن 24 الشوارع واقفة".. وأضاف "أن الزيادة التي حدثت في الأسعار بسيطة ولا يمكن أن تكون سبباً رئيسياً للأزمة". وأشار إلى أن تغيير اتجاهات الطرق بدون دراسة أيضاً لديه أثر كبير... سألناه أيضاً عن التذاكر التي تدفع من قبل السائق إلى بعض الأشخاص في نقاط معينة من الطريق فقال عنها "إن هذه التذاكر عبارة عن رسوم تفرضها نقابة الحافلات على كل حافلة في كل رحلة وذلك حتى لا تأتي عربة أخرى من خارج الخط وأحياناً يلزم الأمر وجود عسكري لأن هناك من يرفضون دفع ثمن التذكرة".