وصل رئيس مجلس الوزراء وزير المالية معتز موسى ووفده المرافق لمباني صندوق الإمدادات الطبية في تمام العاشرة من صباح الأمس.. وقبل أن يعقد مؤتمره الصحفي، انخرط الرجل في اجتماع مغلق لأكثر من ساعتين مع قيادات وزارة الصحة لإطلاعه على أوضاع القطاع وخاصة الدواء.. ليخرج بعدها رئيس الوزراء إلى قاعة المؤتمرات مُرتباً حاملاً أوراقه التي حوت خلاصات اجتماعه المغلق من موجهات وقرارات وخُطط استرتيجية.. ماذا قال معتز موسى؟ رئيس مجلس الوزراء ابتدر حديثه بتحية الحضور، وخص بالتحية الإعلاميين الذين وصفهم بممثلي الشعب لدى أجهزة الدولة، وأضاف: "يصعب أن يحضر الشعب ليسمع ما نقرره ونقوله، لكن حضر من ينقل لهم الوضع كما هو.." معتز كشف عن إن منهج حكومته يركز على الزيارات الميدانية بهدف الاستماع لطيف واسع من المسئولين وللوقوف على الحقائق في مكانها وفق تجرد ووضوح وحرية في التعامل معها. رئيس الوزراء قطع بأن اهتمامه بأمر الدواء يأتي من منطلق ديني في المقام الأول، لأن الحفاظ على النفس من مقاصد الشريعة الإسلامية. مشيراً إلى مسئوليتهم في توفير الدواء مباشرة وأن سلامة الناس أمر مهم، وأنه لا يُتصور أي استقرار أو تطور أو نهضة في مجتمع لا تكون فيه الصحة في المقام الأول. وشدد موسى على أن الدولة منهجها قاطع ونهائي في توفير ووفرة الدواء كحق من حيث المبدأ.. مؤكداً على أن تحقيق هذا المبدأ يحتاج لعمل ومجهودات وخُطط واضحة المعالم، لأنه لا يُعقل أن يحتاج مريض للدواء ولا يجده وبالسعر الذي يمكنه من شرائه، مؤكداً سعيه في التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق للمواطن وأن تصله هذه الخدمة. وكشف معتز عن الدولة تكفُل ألف صنف دوائي معظمها مجاناً للفئات أصحاب أمراض الكلى، السرطان، الأطفال دون الخامسة، وأدوية الطوارئ.. مشدداً على أن خطوته الأولى في هذا الصدد هي التأكد من أن هذه الفئات تتلقى العلاج مجاناً بتنفيذ جولات ميدانية على المواطنين للتأكد من توفير العلاج المجاني للمرضى. رئيس الوزراء وزير المالية دعا وزارة الصحة للتوعية بأهمية التأمين الصحي وخدماته وميزاته، منوهاً إلى أن كثير من الناس خارج التأمين الصحي جهلاً به. تحديات وتوجيهات ووعود ولخص معتز التحديات التي تواجه قطاع الدواء، وحددها في توفير النقد الأجنبي لاستيراد الأدوية، بالإضافة إلى التزامات وزارة المالية بالمكون المحلي، وكذلك التحديات بين المركز والولايات في إيصال الدواء. مطالباً بنك السودان المركزي بإعطاء أولوية للدواء والعلاج المجاني. ووجه رئيس الوزراء بمحاربة الفساد بإغلاق كل الأبواب التي يأتي منها وسد كل منفذ يأتي منه سواء بسبب الإدارة أو التراخي، مشدداً على محاسبة كل من تصدر منه هفوة وفق القانون، وأضاف: "لا يمكن أن نترك الخزنة مفتوحة ونمسك عصا ونقف بها لمن تمتد يده على المال". وأكد موسى العمل على الإيفاء بتدفق العملة الحرة للدواء وفق ترتيبات مع بنك السودان، إضافة للعمل مع وزارة المالية للإيفاء بالتزاماتها للإمدادات الطبية، فضلاً عن تحسين الصلة بين الولايات، وأضاف: "هدفنا هو المواطن". معلناً بأن حكومته تريد أن يصل الدواء للمواطن وأي حلقة غير ضرورية غير مرحب بها. ووصف معتز علاقة الدولة أو الحكومة مع القطاع الخاص بالطيبة، واعتبرها مطلوبة وليس للدولة غنى عنها وأضاف: "سوف نضعها في إطارها الصحيح، أي أن تكون علاقة منتجة وليست متضاربة أو متنافرة". التصنيع والرقابة على الدواء وأشار معتز إلى أن الغرض من الزيارة تحقيق أهداف استراتيجية في قطاع الصحة أهمها تصنيع الدواء وطنياً في السودان وفق أجل زمنيّ محدد للوصول لتغطية دوائية شاملة، وأضاف: "ملف التصنيع الدوائي يحتاج إلى عمل". وشدد معتز على أن قرار تصنيع الدواء ليس قراراً حماسياً وإنما يحتاج إلى سلسلة إجراءات ولعمل سياسي وإداري واقتصادي دؤوب. فضلاً عن أن يكون كل سوداني تحت مظلة التأمين الصحي باعتبارها مسئولية أساسية. مطالباً التأمين الصحي بوضع برنامج وسياسات وخطط وفق زمن محدد. وفي مجال الرقابة على الأدوية، أكد رئيس الوزراء بأن لدى حكومته أذرع للمصادقة على الأدوية والرقابة عليها وجودتها وتوفيرها وسعرها وهي الصندوق القومي للإمدادات الطبية، والمجلس القومي للأدوية والسموم، والصندوق القومي للتأمين الصحي.. مؤكداً أن موضوع الصحة العلاجية ووفرة الدواء وجودته واستلامه واستدامته هو هدف أساسي يسعون له. التزام بالمخرجات من جانبه اعتبر وزير الصحة الاتحادي محمد أبو زيد مصطفى زيارة رئيس مجلس الوزراء لتفقد الوضع الدوائي بالإمدادات الطبية، دليلاً على جدية الدولة في البحث عن مشاكل المواطن ومعالجتها. وأضاف: "أول زيارة ميدانية بعد البنك المركزي تعد إشارة واضحة للمواطن بأن الدولة بحكومتها الجديدة جادة في حل العقبات التي تواجه المواطنين". معلناً التزامه بكافة التوجيهات التي تصدر عن الاجتماع، مؤكداً العمل كفريق واحد لإنجاحها. العملة الحرة والدواء.. الموقف الآن في نوفمبر من العام 2016م طبقاً لرصد (السوداني) رفعت الدولة يدها عن دعم الدواء، ضمن حزمة من الإجراءات الاقتصادية لتحرير السلع، وبموجب ذلك ألغى بنك السودان نسبة ال(10%) من حصائل الصادرات غير البترولية التي كانت مُخصصة لدعم استيراد الدواء، تلك الخطوة رغم تأثيراتها إلا أنها لم تخلُق أزمة في الدواء كالتي حدثت إبان قرار البنك المركزي بعدم توفير النقد الأجنبي للشركات من أجل استيراد الدواء. ليجمع حينها أهل الشأن والاختصاص أن ذلك يعني ارتفاع وتذبذب لا حدود له في أسعار الدواء. الأزمة على ما يبدو ما تزال قائمة وستظل بحسب صيادلة ومختصين، مؤكدين بأن الحل إما بتوفير دولار مدعوم للدواء أو تحريره بالكامل في سعر الشراء والبيع كحال سلعة القمح.. رئيس اتحاد الصيادلة د. صلاح الدين إبراهيم يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أنه لا يوجد إلى الآن اتجاه لتوفير دولار رسمي من بنك السودان لاستيراد الدواء رغم المطالبات. مؤكداً على أن حل أزمة الدواء تكمن في أمرين لا ثالث لهما؛ إما أن يلتزم بنك السودان بتوفير دولار بقيمة ثابتة للاسيراد، أو يُترك الأمر للسوق وأسعاره دون تدخل من مجلس الأدوية والسموم في تسعيرة الأدوية. الصلة بين المركز والولايات.. ماذا يقصد معتز؟ (تحسين الصلة بين المركز والولايات) ذكرها رئيس الوزراء ضمن التحديات التي تُعيق قطاع الدواء، وقال بأنه لا بد من القضاء على السماسرة والوساطات بين الدولة والمواطن واجتزازهم نهائياً، وأضاف "هذا مال عام ينبغي عندما يخرج من الخزينة أن يذهب للمواطن مباشرة، حتى لا تكون النتائج دائماً من سيء إلى أسوأ".