النكتة المشهورة تقول إن دورية للشرطة عثرت على رجل سكران ملقى على الأرض فسأله الشرطي:وين البطاقة الشخصية؟ رد الرجل ضاحكا: هي الشخصية وينا يا جنابو عشان يسووا ليها بطاقة؟ أذكر هذه القصة بين يدي أسئلة كثير عن رأينا في الأحداث الأخيرة التي تم بموجبها اعتقال بعض الإخوة العسكريين والمدنيين، وكنت كلما يمر علي سؤال ألوذ بتصريحات الأخ وزير الاعلام الناطق باسم الحكومة لاستخرج الرد المناسب ، فأبدأ بكونها عملية تخريبية فاجد نفسي (سارحا ومارحا) في كون هذه العملية لا تشبه التخريب فطبيعة العمليات التخريبية أنها تكون ذات رسالة محدودة غالبا ما تكون في اطار الحرب النفسية وتلجأ لها الحركات الثورية والمنظمات الارهابية ردا على فعل أو تمهيدا لفعل من نفس النوع بنظرية(لفت انظار العدو بعيدا عن الهدف)، وليس من الطبيعي أن يلجأ لها انقلابيون ففور تنفيذ أية عملية تخريبية ترتفع درجة الاستعداد للدرجة القصوي و لا يمكن أن يفعل الانقلابيون ما يوقظ الأجهزة الأمنية ما لم يضمنوا أنشطة متزامنة أخرى تصل بهم للنتيجة المطلوبة أو وربما اذا كانوا يتعاملون بتكتيك (سكر القط فصاح ِ: أين القطط ؟ أين القطط؟)! فما هو هدف هؤلاء الاخوة ، وهم عقلاء وعلى خلق رفيع ورجال أمن محترفون ؟هذا ما لم تجب عنه رواية أحمد بلال وما جعلنا نتعجب! قالوا اتصالات لأجل عمل انقلابي ، هذا مناسب ، طيب ماذا سنقول تحليلا حول اتصالات جرمت أمنيا ولم تكتمل فيها الاجراءات القضائية غير أن طبيعة العمل الأمني أن تحتاط الأجهزة الأمنية لأسوأ الفروض ولكن أليس المعروف في شأن الانقلابات ألا يقطع الخيط حتى تكتمل الحلقة ويصل الناس لكل الخلايا المشاركة الفاعلة منها والنائمة؟ فلماذا لم نصبر عليهم حتي يتورطوا بالثابتة ونكشف من خلفهم؟ قلنا ربما تكون كما قيل ،بل هي اجراءات احترازية، هذا أمر موضوعي فالاحتراز لا يعني الادانة والاحتراز يكون إما خوفا من الشخص أو خوفا عليه وفي كل الأحاويل يصبح الأمر تقديريا ، ولنسلم _جدلا_ بحق الأجهزة المعنية في التحفظ عليهم فلماذا هذا الزخم الاعلامي و المؤتمر الصحفي والتصريحات للفضائيات، وهذا المسلسل الطويل الذي مهد للاشاعات وهيأ الجو للدعاية المضادة للبلاد والتي ستلقي بظلالها على الاستثمار وعلى السياحة وعلى كثير من الأشياء المتعلقة بالعلاقات الخارجية التي بذلت دبلوماسيتنا جهودا عظيمة لتثبيتها . مؤكد أن هنالك شيئا استدعي هذه الجلبة ومؤكد أنه شكل خطرا حقيقيا ماثلا أومتوقعا لجهة ما ِ، لكن عجز المعنيون عن وصفه وعجزوا عن عرضه اعلاميا فاصبح في خانة الاحتمالات المفتوحة التي تحصد منها بلادنا الثمرات المرة! لعلك _عزيزي القارئ_ مازلت تطالبني بالحديث عن (الانقلاب) ، لا مانع لدي فقط أسألوا الدكتور أحمد بلال عثمان : الانقلاب وينو عشان نتكلم عنه يا (جنابو)؟