أتمنى ألا تستعجل القوى المتصارعة في السودان بالرد على الأوامر التنفيذية للبيت الأبيض! كما أتمنى من دعاة الحرب أن يتريثوا قليلاً بعد هذ التطور، فالأمر لن يعود عراكاً محدوداً وكل طرف يمني نفسه وأنصاره بالانتصار القريب، بل سيتحول لوبال لا قبل لبلادنا به. الأمر معقد، ففي الوقت الذي يشبه هذا الوضع بما فيه القرارات المتخذة في حالات سابقة على مستوى العالم، فهو كذلك استثنائي في جوانب أخرى. في رسالته للكونغرس الأمريكي قال بايدن: أنا أفرض عقوبات على المتسببين في تدهور الأوضاع في السودان والمتسببين في استيلاء الجيش على السلطة واندلاع العنف في السودان. والخطوة التالية ستكون هي تحديد أسماء هؤلاء الذين عناهم في رسالته.. لكن الحقيقة التي تُرى رأي العين أن الأمر لن يتوقف على الأشخاص الذين ربما نشهد عمليات نوعية في الوصول إليهم وحملهم قسراً إلى حيث لا يريدون. حملت الرسالة ما فحواه أن هناك اتجاه واضح لعدم تلبية مطالب الشعب السوداني وعلى المتصارعين وقف القتال بشكل غير مشروط وأن يكون وقف إطلاق النار دائماً وأن يتم تشكيل حكومة مدنية والعودة للانتقال. يبدو الموقف الأمريكي متشدداً للغاية وما هو واضح أن الإدارة الأمريكية تستعجل أمراً ما، كما أنه من المؤكد أنها تمتلك معلومات كافية وربما أكثر مما نتصور، حول الوضع في السودان وما يجري بين المتصارعين وأطراف أخرى داخلية وخارجية، فوفقاً لرويترز قالت مديرة المخابرات الأمريكية أفريل هانز (ربما نسمع هذا الاسم كثيراً): (إن الخصمين يسعيان للحصول على "مصادر خارجية للدعم" وإذا توافرت هذه المصادر، "ستفاقم، على الأرجح، الصراع واحتمال انتشار التحديات في المنطقة). في غزو العراق (2003) ضم (تحالف الراغبين) دولاً محدودة ورغم ذلك كان الأمر كارثياً، ولكن اليوم سيضم الراغبين تحالف كبير، أي أنه سيشبه ما حدث عند غزو العراق للكويت (1990) حيث تحالفت دولاً كثيرة وكبيرة ضد دخول الجيش العراقي في الكويت وهو قد كان في الحقيقة تحالف المصالح المتعددة الأمر الذي يكاد ينطبق على السودان اليوم. أمور يجب الانتباه لها: – لم يعد مجلس الأمن كما كان ودولاً كثيرة لن تسمح بوجود بؤرة جديدة للصراع في هذه المنطقة من العالم، أو ربما تسمح بها ولكن بأن تكون هي متدخلة بشكل مباشر – روسيا مشغولة بحربها مع أوكرانيا – الصين مصلحتها في وقف الحرب في السودان، علاوة على أنها في غنى عن مشكلة جديدة في السودان تزيد ما لديها من مشكلات مع الادارة الامريكية. – تعبير تهديد استثنائي للأمن القومي الأمريكي الذي ورد في رسالة بايدن وبأن ما يحدث في السودان هو خيانة للشعب السوداني يعني أن هناك جدية في الموقف الأمريكي وخطوات مدروسة موضوعة في صف التنفيذ – العقوبات الامريكية تهدد جهات خارجية وأجنبية لها صلة بهذا العنف – استخدام قوة العقوبات كخطوة لاستخدام قوة السلاح – الصراع ليس محلياً وليس اقليمياً بل صراعاً دولياً على البرهان وحميدتي ومن معهما أن يعيا جيداً خطورة الأمر، فهو سيكون وخيماً ليس عليهما وقواتهما فحسب بل على البلاد كلها.