جاءت الحكومة العريضة بعرض آلاف الامتار الذي يجعل من الجلابية أكبر من إستيعاب جسد الاقتصاد المنهك.. مستشارون ومساعدون بالعشرات ووزراء اتحاديون ووزراء دولة ووزراء بالولايات بالمئات، استيعاب كبير لمكونات الحكومة العريضة في الأجهزة التنفيذية وكمان جاء البعض باصهارهم وأقاربهم في وظائف عليا ومتوسطة، التناقض هنا أن مشروع الموازنة الذي هو أمام البرلمان يرتكز على نقطة مهمة في مجال خفض الانفاق الحكومي، بل أن السيد وزير المالية الذي أعيدت فيه الثقة مرة أخرى أول ما بشر به في إطار برنامجه لمعالجة الفجوة الإيرادية الكبيرة هو خفض الانفاق الحكومي.. تحدث في عدد من اللقاءات أمام أصحاب العمل ومجلس الوزراء واللقاءات الصحفية أن أول ما تبدأ به وزارته من تقشف هي الحكومة نفسها ثم كان محور السياسات المالية في البرنامج الاسعافي يستهدف لخفض عجز الموازنة العامة تخفيضاً ملموساً ليصل إلى المستويات اللازمة لتحقيق الاستقرار عن طريق تخفيض الانفاق الحكومي بنحو 20% عام 2011م، و25% عام 2012م، وقال بالحرف الواحد، إن هذا الإجراء اللازم يتطلب إعادة هيكلة شاملة وجذرية في كافة مستويات أجهزة الدولة الاتحادية والولائية. لكن هاهي المياه تكذب الغطاس لم تحدث إعادة الهيكلة التى تعتمد عليها وزارة المالية بل أن الهيكلة الجديدة جاءت بإضافات جديدة وعلى خزينة الدولة ان "تسردب" وتقف للصرف القادم على الوظائف الجديدة. لا اعتراض على الحكومة العريضة إذا ما كان هذا العرض اختصر على القادمين الجدد فهو أمر مطلوب ومهم في هذه المرحلة السياسية التى تحتاج فيه إلى اشراك الاخر، كان على المؤتمر الوطني ان يعمل في إطار الابوة للمشروع السياسي الجديد ويستغني عن كثير جداً من منسوبيه وليس بالضرورة إعمال المعادلة السياسية الخاصة بنسب المشاركة فطالما أنه الحزب الأقوي والاكبر في نظام الحكم فليس من الضروري أن يحتل مقاعد اكثر من غيره من الاحزاب المشاركة، ذهلنا كما الشارع السوداني بهذا الكم من المستشارين والمساعدين ومساعدي المساعدين خاصة من كوادر الوطني الذين ظلوا يطلون على الدوام في مواقعهم أو مواقع أخرى-عملية احلال وإبدال كانت الفرصة سانحة لذهاب جزء كبير منهم من الجهاز التنفيذي والسياسي للحكومة إلى مقاعد الحزب وفي هياكله العليا. الآن ماذا تقول وزارة المالية للناس حول برنامجها التقشفي.. وحول مقترحاتها لسد العجز الايرادي.. البنزين لن تزاد أسعاره وبقوة البرلمان نفسه.. والانفاق الحكومي لن يخفض وبقوة الحكومة العريضة؟ لا 20% ولا 20% بل ستبلغ الزيادات وليس نسب أعلى بكثير من تلك المقترحة في التخفيض لمستويات أجهزة الدولة الاتحادية والولائية.. لكن الامر لن يقف عند الحكومة العريضة نفسها بل سيزيد الطين بلة مع إصرار القادمين الجدد على قيام مشروعات تنمية مناطق نفوذهم وقواعدهم لن يكون الامر هنا خاضعا للأولويات التى رأتها وزارة المالية كمخرج ضمن برنامجها. لا أعرف لماذا اهتم كثير من الناس والإعلام بخفض مخصصات الدستوريين صدقوني هذا التخفيض لن يكون له أي تأثير إيجابي لتوفير موارد مالية.. لن يكون الخصم بالحجم الذي يقدره البعض.. المشكلة ليست في كبر حجم مخصصات الدستوريين المشكلة في الاستمرار في تعيين المزيد من الدستوريين والتنفيذيين في المركز والولايات.