هذه الحاسة فقدها بعض الفنانين الشباب بحيث صار لايهمهم اي نقد او توبيخ او حتى توجيه، ولسان حالهم يقول: (كيه للمابينا).!...وان يفقد الفنان (الاحساس) فتلك مصيبة مابعدها مصيبة، وان يصر على خلع عباءة الاحترام وارتداء اخرى مليئة بثقوب العيوب وعدم اللامبالاة، فهي جزئية تستحق الوقوف عندها، خصوصاً ان بعض مطربي هذا الزمان صارت (عينهم قوية) بحيث يقرأون مايكتب عنهم، ثم يلقون بالصحيفة جانباً ولسان حالهم يقول: (ياخي انسى..دا كلام جرايد ساكت)، ومن ثم يستمرون في انتاج الاغنيات المسيلة لدموع الخجل، وعلاج هذه الحاسة المفقودة ليس لدينا ولكن عند الجهات المسؤولة عن هؤلاء الفنانين...(هذا ان وجدت جهة مسؤولة عنهم من الاساس).! حاسة الشم: هذه الحاسة تحديداً فقدها المواطن السوداني، بحيث صار لايستطيع شم اية رائحة بخلاف (موية الفول)، ورائحة (مياه الصرف الصحي) بجوار المستشفيات العامة، وغياب هذه الحاسة بحسب اطباء بدولة (كهرومانيا) الديمقراطية يرجع إلى (تعويدة) انوف المواطنين السودانيين على هاتين الحاستين و(العُشرة) الطويلة التى جمعت بينهما، ويؤكدون انه لاعلاج على الاطلاق لهذا الغياب المبرر لتلك الحاسة المهمة.!! حاسة الذوق: وبعض الشعراء في بلادي اليوم يكتبون اغنياتهم بلا (ذوق)، ويركزون فقط على الجانب المادي من خلال تفصيلهم للاغنيات للفنانين بحسب اصواتهم، فمثلاً يأتي للشاعر احد الفنانين ويقول له وبمنتهى البساطة: (شوف يا استاذ انا داير لي أغنية تكون مقسمة مع صوتي تمام)، ويتأمل الشاعر المسكين ماحوله قبل ان يبدأ في تفصيل الاغنية- بعد اخذ مقاس صوت الفنان بالطبع- ويوضح الخبراء ان غياب حاسة (الذوق) عن الشعر السوداني هو فرضية طبيعية في ظل هجرة الشعراء لعوالم المال، وهجرانهم لعوالم الابداع، و.....(يامال مادخلك شر).!! حاسة اللمس: وهذه الحاسة تغيب عن التعامل مابين الزوج وزوجته، وتفتقدها الكثير من الزوجات واللائي وجدن في مسلسلات (مهند ورفاقه) تعويضاً (بارداً) عن تلك اللمسة، بالرغم من علم الرجال بهذا، لكنهم يرفضون ذلك التعامل، واذكر انني مرة كنت شاهداً على نقاش بين مجموعة من المتزوجين قال احدهم بغضب: (ياخي حب شنو ورومانسية شنو..هسي طلعتنا من الصباح لحدي انصاص الليالي دي براها ما رومانسية..؟)، وغريب امر هؤلاء الرجال...فالنساء لم يطالبن إلا ب(لمسة)...وهل في المطالبة ب(لمسة) اي (التماس)..؟ حاسة الشوف: هي حاسة فقدها الكثيرون، نجدهم في الاسواق يسيرون ببطء وهم يتلمسون الحوائط والاعمدة للوصول للمكان الذى يريدونه، يبتسمون رغم الآلام التى تتوسد دواخلهم، ينادونهم ب(المكفوفين) بالرغم من انهم (كفكفوا) دموعهم وخرجوا للبحث عن لقمة العيش رغماً عن الاعاقة، واختاروا (شوف القلب) مستعيضين عن (الشوف) الآخر، وهؤلاء تحديداً يحتاجون منا للعون والمساندة، يحتاجون لقلوب (ترحم) ونفوس حافلة بالايمان واليقين وعقول مدركة تماماً للرسالة المناط تأديتها تجاههم...هؤلاء هم من يستحقون المساعدة...وهؤلاء هم من لانجيد التعامل معهم للأسف...و(نتأفف) إن طلب منا احدهم ايصاله لمكان ما، فلنفتح اليوم معهم صفحة جديدة، ولنساعدهم على الاقل على عبور الشارع، والله لايضيع اجر من احسن عملاً. شربكة اخيرة: اجمل ماكتب في الحواس كان (فوضتها) التى (رتبتها) احاسيس كاتبة من عيار ثقيل اسمها (احلام مستغانمي).