** إن كانت هناك مناطق بدارفور لاتزال تعيش مآسي الحمى الصفراء، فإن كل مناطق النيل الأبيض لا تزال تحدق في مخاطر وباء الملاريا..فلنقرأ الأسطر الآتية، وما أنا إلا ناقل بالنص.. المراجعة الدورية، والتي ترسلها وزارة الصحة المركزية للولايات، تصف وضع الملاريا بالنيل الأبيض بالوضع الوبائي.. ومن معايير الوضع الوبائي، زادت الملاريا في الأشهر الأخيرة بنسبة (100%)، عما كانت عليها في مثل هذا التوقيت من العام الفائت.. وأن كثافة البعوض تجاوزت في الغرفة الواحدة (22 بعوضة)، علماً بأن الحد المقبول حسب تجارب وعلوم خبراء منظمة الصحة العالمية يجب ألا يتجاوز (5 بعوضات فقط لاغير في الغرفة)، وهذا يعني بالبلدي : كثافة البعوض في غرف الأهل بالنيل الأبيض (جهجهت باكات منظمة الصحة العالمية) ..!! ** أما كثافة اليرقات في الغرف ذاتها ، فقد تجاوزت ( 60 يرقة)، وهذا يعني - حسب تقرير العلماء والخبراء – بأن السلطة هناك عاجزة عن مكافحة أنثى الأنوفليس في كل مراحلها..وملخص تلك الأعداد، بعوضها ويرقتها، هو القائل في تقرير المراجعة الدورية بالنص : سوف يزداد الوضع سوءاً خلال الأسابيع والأشهر القادمة..ثم يصف التقرير جهد حكومة النيل الأبيض بالجهد غير القادر على مكافحة الملاريا، ثم يصف الواقع والمستقبل القريب بالولاية بالحرج.. وقبل أن يصف الحال الحاضر والمستقبل القريب بالحرج، يشرح التقرير كيفية مكافحة المحليات للملاريا وبعوضها قائلاً بالنص : حجم العمالة الموجودة بالمحليات والمسؤولة عن المكافحة لا يتجاوز (29%) من حجم العمالة المطلوبة..!! ** وختاماً، يختصر تقرير المراجعة الدورية وضع الملاريا هناك، كالآتي : نؤكد خطورة الموقف، ويجب وضع خطة طارئة لتكثيف برنامج المكافحة، على أن يستمر البرنامج لفترة لا تقل عن الشهرين، مع أهمية توفير التمويل اللازم.. هكذا التقرير الذي تم تلخيصه في خطاب من قبل وزارة الصحة المركزية، ثم تم تصوير الخطاب وإرسال صورة إلى السادة / النائب الأول لرئيس الجمهورية/ وزير المجلس الأعلى للحكم اللامركزي، وزير الصحة بالنيل الأبيض..هكذا حال الملاريا بالنيل الأبيض، وهو حال لا يسعد غير أنثى الأنوفليس التي تجاوزت كثافتها وكثافة يرقاتها بالغرف أربعة أضعاف الحد الأعلى للصحة العالمية.. ومع ذلك، لا يزال العجز في الطاقة البشرية العاملة في مجال المكافحة بمحليات الولاية (71%)..!! ** أها.. قد يسأل أحدكم سؤالاً من شاكلة : ما الذي يجعل ولاية النيل الأبيض ووزارة صحتها في موقف العاجز عن مكافحة أسباب الملاريا ومخاطرها؟.. وبالتأكيد يكون ردكم على سؤالكم هو : عدم توفر المال بسبب ضعف ميزانية الصحة..ولكن لا، للأسف المال لم يعد سبباً لرداءة الخدمات بالنيل الأبيض.. فلنقرأ وثيقة تؤكد ثراء النيل الأبيض ووزارة صحتها: (الموضوع : إقرار استلام تبرع.. بالإشارة الى الموضوع أعلاه، أقر أنا المدير الإداري لإدارة الطوارئ والعمل الإنساني بوزارة الصحة الاتحادية باستلام مبلغ وقدره (1.960 جنيهاً) من السيد (ع، م، أ)، عبارة عن تبرع للإدارة، ولكم جزيل الشكر..سمية إدريس، مدير إدارة الطوارئ والعمل الإنساني/ وزارة الصحة )، هكذا الوثيقة.. والسيد المذكور في نص الوثيقة - ع، م، أ - هو مندوب وزارة الصحة بالنيل الأبيض، وهذه الوثيقة بمثابة (إزالة عهدة)..!! ** وعليه، نسأل السادة بالوزارتين المركزية والولائية، وكذلك الدكتور أبوقناية رئيس آلية مكافحة الفساد برئاسة الجمهورية : كيف، ولماذا؟، ومنذ متى تتبرع المؤسسات الولائية بالأموال للمؤسسات المركزية؟..ثم السؤال الخطير للغاية، للدكتور أبوقناية والمراجع العام ونيابة المال العام : كيف، ولماذا، ومنذ متى تستلم الإدارات غير المالية - أي الفنية - بالوزارات المركزية التبرعات من المتبرعين مباشرة، أي بدون علم وختم وتوقيع إدارات الشئون المالية؟..تلك هي الأسئلة التي وقائعها تشير بأن النيل الأبيض ليست موبوءة بالملاريا فقط ..!!