انتهت نتيجة مداولات البرلمان حول الموازنة كما توقعت في الحلقة الماضية وهي اسقاط الزيادة المقترحة على اسعار البنزين التي اثارت جدلاً واسعاً على مستوى الصحافة والشارع العام والبرلمان الى درجة ان وصفها أحمد ابراهيم الطاهر رئيس البرلمان بالاحتقان بين البرلمان والمالية ، وهو امر محمود من البرلمانيين ويشكرون عليه، وان جاءت في اطار تكتيك محكم الاخراج لتمرير اشياء أخرى، سوف تظهر كالنبت الشيطاني في الربع الاول من تنفيذ الموازنة الجديدة والتي تبدأ في فاتحة يناير المقبل، لان البدائل المطروحة غير واضحة ومحددة. لا اعتقد ان البرلمان باستطاعته بعد هذا الجهد تحريك رقعة شطرنج واحدة (في اللعبة) في بقية بنود الموازنة، فوزارة المالية باستجابتها لاسقاط الزيادة على اسعار البنزين اصبحت في وضع (كش ملك بالوزير) وانهاء اللعبة في الموازنة واجازتها ببقية احوالها، وقد اجيزت في مرحلة عرضها الثالث وهي المرحلة العظم وما تبقى مجرد لحم ودم يكسو العظم، ولا يستطيع البرلمان فعل شيء آخر يحسب في صالح المواطن، وحتى مخصصات الدستوريين التي خفضها وزير المالية بحسب ما اعلن مراراً، تظل معلقة لا يعرف أحد كم هي نسبتها؟ وكم تضيف للايرادات؟ بعد ان فشلت رئاسة الجمهورية بالمجيء بحكومة رشيقة، وهناك وزراء من احزاب اخرى يريدون أن يحتفظوا بمخصصات رصفائهم السابقين، بل هناك وزراء دولة تم تعيينهم بمخصصات وزراء. بحسب ما ورد عن جلسة الامس التي اجيزت فيها الموازنة في مرحلة العرض الثالث ان البرلمان كاد ان يسقط الموازنة جملة وتفصيلا لولا ممارسة رئيس المجلس أحمد ابراهيم الطاهر الضغوط الايمائية على النواب، حينما غير اسلوب الموافقة على اسقاط الموازنة (بنعم أو لا) الى التصويت المباشر (عداً) حينها كان التردد وسط البرلمانيين، وفي وسط هذه الاجواء مررت الموازنة. وصفت هذه الموازنة بموازنة العبور الى السودان الجديد الذي فقد جزءا عزيز منه، والتقديرات تقول تحقيق نسبة نمو (2%) مع الحفاظ على معدل تضخم في حدود (17%)، وعجز في حدود (3,8%) من الناتج المحلي، وزيادة في اجمالي المنح الاجنبية بنسبة (4%)، هذه المؤشرات من الصعب تحقيقها، بالاجراءات والسياسات المعلنة هذه، الامر يحتم على وزارة المالية اجراء تعديلات في منتصف الطريق لزيادة رسوم او فرض ضرائب لتغطية العجز كما فعلت العام الماضي عندما عدلت الموازنة قبل ان يمضي على تاريخ اجازتها شهر واحد وتم فيها زيادة في الوقود والسكر. ونواصل