من الواضح إن السياسة الاقتصادية التي ترتكز علي مبادئ العدالة أدت دوراً في التقدم الزراعي والصناعي كما إن فكرة الإهتمام بعنصر الوقت أساسية في تكوين الحضارة الإسلامية حيث إهتم الدين بغرس فكرة ان الإنسان يحاسب عن وقته فيما قضاه لا تزول بعد يوم القيامة حتي يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه ماذا فعل به وعن ماله من أين إكتسبه وفيما إنفقه وعن جسمه فيما إبلاه. إن الإهتمام بعنصر الزمن إضافة إلى إستشارة الإنسان لاعمار الأرض والافادة من تسخيرها له وتهيئة الظروف النفسية والاجتماعية والمادية بشكل بعداً إيجابياً عظيما واستقرارا. وهذا الجانب لم يتم استقراؤه بدقة وعمق حتى الآن، رغم إن الامة تواجه نزفاً خطيراً للعقول الذكية والكفاءات العالية والعمالة الحرفية المتفوقة إستمرت الهجرة إلى الدول العربية المتحضرة وأوربا والولاياتالمتحدةالأمريكية منذ عقود ولا تزال تتصاعد بقوة بسبب الظروف الاقتصادية الدافعة للهجرة من ناحية وظروف عالم الحضارة الغربية والعربية الجاذبة لأصحاب الكفاءات العالية ممن تعبث بلدانهم في المراحل الأولي ثم الانفاق عليهم في المراحل العليا وهم يبتعثون للحصول على الماجستير أو الدكتوراة أو التخصصات الدقيقة وعند ملاحظة الارقام التي نذكرها للدراسات والتقارير المتخصصة يصاب الإنسان بالذهول.. سبب مهم من أسباب تخلف العالم وخطورة الأمر إن عدد الأطباء العرب اكثر من %40 من أطباء لندن وحدها من العرب. لقد أمتنع عدد كبير من المهندسين والأطباء من حملة الدكتوراة من الولاياتالمتحدةالأمريكية عن العودة إلى أوطانهم حتى الآن غير أساتذة الجامعات التي هاجرت إليه في الآونة الأخيرة إلى الدول العربية والمغربية في شتى العلوم. إن هذه الظاهرة الخطيرة قد تعكس ضعف الولاء للوطن الأصلي وكثيرا ما عاد بعض المهاجرين فأصطدموا بالواقع وأصابهم اليأس فعادوا من حيث أتوا وجود ضرائب متراكمة عليهم وقلة عروض العمل لديهم فعادوا حيث اتوا يعيشون لانفسهم ولعلمهم وهواياتهم بعيداً عن مشاكل مجتمعاتهم الأصلية المتخلفة. لقد تمكنت أرض المهجر لاحتواء الكثير من أبناء العالم النامي ومعظمهم من أبناء العالم الإسلامي وضمهم إلى مسيرة الأغنبياء والأقوياء مفرغين عالمنا الشاحب من بقية الدماء النابضة فيه وقد اتحنا بأنفسنا هذه الفرصة لتفريغ دمائنا عندما أرسلنا ابناءنا للدراسة هناك دون أية توعية ماذا فعلنا نحن من أجل البناء والتقدم من أجل انفسنا ومن أجل مستقبل ابنائنا من أجل ثقافتنا ومقوماتنا من أجل عقيدتنا؟ فماذا فعلنا من أجل وقف ذلك؟ واستمرت الهجرة بعد ذلك باطراد.