سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
توثيق في مسيرة الصحفي والناقد الفني الأستاذ الراحل ميرغني البكري.. رفض والدي أن أتعيّن في حكومة الإنجليز لكرهه لهم.. وأول مقال كتبته في العام 1949 الزعيم إسماعيل الأزهري هو من عالج الفنان محمد الأمين فعاد بصره.. الكاشف وأحمد المصطفى كانا وزيرين في زو
ابتدر الأستاذ ميرغني البكري عن مولده ونشأته قائلاً: (ولدت يوم 30/9 في العام 1928 في حي الهاشماب بعدها انتقلنا إلى حي البوستة بأمدرمان في العام 1933، كانت بداية تعليمي في روضة مدرسة البنات بالموردة، ثم خلوة المعهد العلمي، ثم الكُتّاب الأميرية أمدرمان، ثم مدرسة الأقباط الخيرية، ثم مدرسة الأحفاد التي نلت منها الشهادة الابتدائية، ثم قضيت عامين في المعهد العلمي). عن طبيعة عمل والده يحكي البكري قائلاً: (كان والدي مُوظّفاً كبيراً بشركة النور والقوة الكهربائية وقتها والآن تسمى الإدارة المركزية للكهرباء، لأنّ والدي كان يكره الإنجليز واستقال من وظيفته ورفض بعد تخرجي في المعهد أن أتعيّن في الحكومة الإنجليزية، لذلك عملت صناعياً بالخرطوم في دكان عمنا بكري عثمان والد أحمد بكري طبيب الأسنان المعروف بالامتداد، كُنت وقتها مُولعاً بقراءة الصحف المصرية والسبب في ذلك كان "أبو" فصلنا في الأحفاد شيخ الدين جبريل طلب منا ونحن في ثالثة ابتدائي إنشاء صحف، فنجحنا فيها وكنا ثلاثة، منهم عصمت يوسف الآن مغترب بالسعودية وفتحي حسين علوب رئيس تحرير صحيفة "الأمة" وشخصي الضعيف). (2) كشف البكري عن أول مقالٍ كتبه قائلاً: (أول مقال كتبته كان لجريدة صوت السودان في العام 1949 كان رئيس تحريرها وقتها محمد أحمد السلماوي، وكان الموضوع عن الرجال الذين يتحرّشون بالنساء في الترماي وأرسلته بالبريد، والصُّحف التي كَانت مَوجودة في ذلك الوقت هي (صوت السودان)، (النيل)، (الصباح الجديد) و(التلغراف) التي كانت الأكثر توزيعاً، أذكر أنّني لأول مرة أكتب فيها قصة نُشرت لي على جزئين في الصفحة الأخيرة كنت وقتها زعلت، ولما كبرت عرفت أهمية النشر بالصفحة الأخيرة). (3) يُواصل البكري عن الكيفية التي أصبح من خلالها مُشرفاً على الصفحة الفنية ب "الأيام": (في عام 1956، المتجر الذي كُنت أعمل فيه كان مُقابلاً لمتجر حسين منصور بشارع الجمهورية وشقيقه الأكبر هاشم كان يجلس معنا في المتجر، عندما صدرت (الصباح الجديد) وصيت شقيقه كي يتوسّط لي حتى أكون محرراً رياضياً، دارت الأيام في العام 1967 أن أصبح مشرف الصفحة الفنية بصحيفة "الأيام"). ومن الطرائف، عندما كُنت مُشرفاً على الصفحة الرياضية بجريدة "الزمان" كان المحرر الفني البروف الطاهر، وأنا أول من أصدر الصفحة الرياضية يومياً وشجّعني وقتها رئيس التحرير د. محيى الدين صابر. (4) مُواصلاً: (أول من تنبّأ أن أكون صحفياً لي شأنٌ هو حسين عثمان منصور، ووقتها كانت الصحفيات ينشرن كمتعاونات من بينهن المرحومة آمنة بنت وهب وآمال عباس، وأول حوار فني لي كان في العام 1957 مع الفنان إبراهيم عوض، وأول صحيفة تمّ تعييني فيها رسمياً "مجلة الإذاعة والتلفزيون"، الإذاعة كانت في العهد الوطني.. وكان الفنان محمد الحويج المشرف على الصفحات الفنية في مجلة الإذاعة والتلفزيون ورشحني محمد العبيد مدير الإذاعة في مكانه، وكان يتعاون معي في المجلة الشاعر عبد الوهاب هلاوي وسعد الدين إبراهيم وكنا نطبع خمسين ألف نسخة ولا يُوجد لها راجعٌ، وأول مُرتّب لي كان 15 جنيهاً). مُواصلاً: (اشتغلت عامل سروجي "شنط سفرية وأحزمة" وقتها كان الجيش الإنجليزي موجوداً والسوق لديه "شنّة ورنّة" خلال هذه المراحل من عملي بمجلة الإذاعة وكل الصحف التي تعاونت معها ووكالة السودان للأنباء لم أتخل عن تلك المهنة التي علّمت منها أولادي وبناء بيتي والفضل فيه يعود للفنانة حنان بلوبلو). (5) وكشف البكري عن تاريخ زواجه قائلاً: (تزوجت في 6 أكتوبر 1964 وأكبر بناتي شجن متزوجة وموظفة في الإدارة المركزية بالخرطوم ومواهب مُوظّفة بمحلية أمبدة ود. وداد في السعودية وأبو بكر يعمل في محل اتصالات ماجستير في الاقتصاد السِّياسي ود. ملاك ووصال بتحضِّر ماجستير وشغّالة في جَامعة جُوبا وهيثم تاجر بشارع النص، والزواج اشتركوا فيه 48 فناناً وفنانة أبرزهم محمد مسكين وعلي إبراهيم اللحو ومحمد الأمين وأبو عركي البخيت وصالح الضي ومحمد وردي وقتها كانوا ما معروفين وأحمد المصطفى والكاشف والعاقب محمد حسن والتاج مصطفى كانوا وزرائي في العرس). (6) وواصل البكري: (كان التاج حمد صديقاً شخصياً للصحفيين، قدّمت له اقتراحاً بأن هناك فنانين مُحترمين لماذا لا يتم إشراكهم في ليالي المسرح، فقال لي "الفنانين المناطقهم بعيدة سيوفر لهم حق الترحيل والإقامة والبروفات"، فبلغت الفنان محمد الأمين وقلنا له أن لا يأتي إلا بعد أن نُدبِّر ليه حفلاً تجارياً يفيده دخلها، وبالفعل أقمنا حفلاً في القراند هوتيل معه شرحبيل أحمد وأنا كنت سبباً في قدوم الفنان محمد الأمين 1963، وكان يعيش مع الفنان بهاء الدين أبو شلة في الموردة). (وحدث يومٌ، إنني قابلت الفنان محمد الأمين خارجاً من الإذاعة وهو حزينٌ وعندما سألته عن السبب، قال لي "علي مكي رئيس إدارة الموسيقى طردني وقبلها طرد ترباس لأنّي عايز أسجّل أغنية وحياتك ابتسامك وكان اسمها "لقاء وعهد"، وكتب لي الصوت والأغنية غير مُجازة نصاً ولحناً، فذهبت وقلت له الأغنية "دي إنتو ناقلناها في المسرح وتقدمونها صباحاً ومساءً كيف ما تجيزوها" فكتب بالقلم الأحمر تسجل فوراً، بعدها جئنا لتسجيل الأغنية ونوتها الموسيقار موسى محمد إبراهيم وعزفها في أول حفل أكتوبر سنة 1965 وكان الزعيم الأزهري موجوداً وعندما قدموا محمد الأمين للغناء، قال الزعيم الأزهري "تجيبوا لينا فنان مخمور؟" فقال له الفنان إبراهيم الكاشف "ما مخمور ده لكن نظره ضعيف"، فالتفت علي أبو حسبو وقال له "ليه يا ماجد فنان أكتوبر ما بيشوف وإنت قاعد؟" وبالفعل قام بتسفيره إلى لندن مرتين وعاد بصر محمد الأمين). (7) وفي بيت محمد الأمين ورجله في الجبص ووجهه على الشُّبّاك وأنا في الكرسي تحت الشُّبّاك دخل علينا فضل الله محمد وقال له يا ود الأمين مالك انقطعت مننا أنا جيت كم مرة لقيتك نائم قالوا لي محمد مُتحسِّس شوية؟ كلمة مُتحسِّس هذه أوحت بأن تكون مَطلع أغنية، فقال له فضل الله محمد (ود البكري زَواجه قريب عايز الأغنية دي قريب، وفي ظرف عشرة أيام محمد الأمين أتى بأغنية "قالوا مُتحسِّس شوية" التي أصبحت "قالوا مُتألِّم شوية" وعيال أب جويلي وسبعة يوم واليوم سنة قلبو الجافي لقليبي ألحان ود الحاوي). مُختتماً: (كان محمد علي جبارة مفتش حسابات ذهب الى مدني لمُراجعة الحسابات، وفي قعدة عاملين أقاموا له تكريماً والتقى بخال الفنان مُحمّد الأمين مُحاسب في الإدارة المركزية وعرف أنّ مُحمّد علي جبارة شاعر، قال له "عندي ود أختي مرضان بالغناء ما عندك قصائد تديهو ليهو؟"، قال له "بكرة بجيب ليك قصائد عشان تتلحّن" وبالفعل أتى له بقصيدة "حرمان وأمل" وهي أول قصيدة يُلحِّنها مُحمّد الأمين وما غنّاها ولم يحدث أن الفنان مُحمّد الأمين قابل لجنة، لأنّه كان قد صدر قرارٌ من طلعت فريد، بأن كل الذين اشتركوا في مهرجان نوفمبر 62 مجازة أصواتهم وأغنياتهم وتُسجّل للإذاعة فوراً).