عمر مجذوب خطيب حتى انت يا نيويورك الشرطة الاميركية تفعلها ايضا – تقتحم الميادين وتفض الجموع وتلقي بالخيام وعدة الاعتصامات بعيدا – الزمان ساعات الصباح الاولى في يوم نيويوركي بارد – المكان احد ميادين المدينة الكبيرة حيث يعتصم نفر من حركة "احتلوا وول ستريت" الاحتجاجية. دهمت الشرطة الميدان وفرقت المعتصمين بحجة كثيرا ما سمعناها نحن معشر العالم الثالث – شكوى سكان المنطقة من تغول المحتجين على الميدان ونصب خيامهم والصخب المصاحب – حجة لا تنطلي حتى علينا نحن ناهيك عن النيويوركيين المتمدنين لكن هذا ما حصل . الشرطة شرطة لا تختلف الا في بعض الرتوش احيانا – صحيح ان شرطة نيويورك لم تطلق رصاصة واحدة لكنها كانت عنيفة جدا اثناء فض الاعتصام – هناك ديمقراطية ونظام وقانون وقضاء في اميركا – ومع ذلك هناك ذرائع لا تترد السلطة في اللجوء اليها عند الحاجة – قالها اوباما – "تظاهروا كما يحلوا لكم لكن لا تنصبوا خيمة" – ودخل القضاء على خط الازمة بحكم شبيه – القانون يكفل للاميركيين حق التظاهر لكن نصب الخيام غير مسموح. النيويوركيون حساسون ازاء الخيام – انتفضت المدينة قبل سنوات عندما تنامى لسمع سكانها عزم الراحل القذافي نصب خيمته ابان اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة – تلكم خيمة واحدة يسكنها زعيم – فما بالك بمئات الخيم والاف الناشطين الغاضبين على النظام المالي الاميركي والداعين لاحتلال رمزه الاشهر شارع وول ستريت. شواهد عديدة تؤكد عمق التحديات امام الديمقراطية والنظم السياسية والاقتصاد والنخب الحاكمة – الشارع ثم الشارع ولا غيره – منتفضا ضد احتكار الفعل السياسي من قبل قلة متحالفة مع المال وما جره ذلك من ازمات دفع العامة ثمنها. العبء الاكبر سيقع على قوى الامن والشرطة – شعرة رقيقة تفصل بين الديمقراطية والديكتاتورية في حالات كهذه – ترتفع الهراوات عاليا ولا تتردد شرطة نيويورك في القاء المحتجين بعيدا بقسوة بالغة – ويستعير عمدة نيويورك الملياردير مايكل بلومبيرغ صرامة عمد الصعيد المصري. الحل اوضح ما يكون – لجم النظام المالي وتقييد التحالف بين السلطة والمال – ليس في الغرب وحده وانما في العالم اجمع – لان المعادلة نفسها تعمل في معظم بلدان العالم وما من قوة تستطيع وقف الشارع بعد اليوم – نعم - فالناس جربت الانتخابات صوتت يمينا ووسطا ويسارا لكن شيئا لم يتغير. اتى يوم اضطرت فيه اجهزة الشرطة في العالم الديمقراطي الاول اللجوء الى القمع والشدة مع المتظاهرين اسوة بما يجري في العالم الثالث – والتوقعات تشير الى مضيها قدما في هذا الطريق – لان عامة الناس فرغوا من طرح الاسئلة الملحة ومحاولة فهم ما يجري حولهم – وانتقلوا الى الفعل – فعل لا يزال في خطواته الاولى لكنه ماض في طريقه حتى يستبين خيط الاقتصاد الحق المفتوح امام الجميع من اقتصاد القلة والاحتكارات والتحالف مع النخب السياسية الحاكمة.