قالت لي..وقلت لها محمد عبد العزيز مدخل: "القراءة جعلت دونكشوت رجلاً محترماً لكن تصديقه ما قرأ جعله مجنوناً" برنارد شو (1) السماء صافية هنا أكثر من أي وقت مضى، كأنها كنست مرتين ثم رشت بالماء، والنجوم تبدو اقرب، اتخير منها نجمة تحاذي مرقدي، احدد موقعها، بمسافة عشر دقائق من عمود الكهرباء العاري، اتخذها خليلتي رغم ان جاراتها بدون اكثر إغراءا، ولكنها كانت تبزهن جاذبية ودفئا من نوع خاص، كنت اعرفه جيدا، كان محفورا في داخلي، وكنت مخلوطا به، لم اذقه من قبل، ولكن راودني منذ بدء الخليقة، لذلك كانت الاحاديث تاخذك بعيدا عما عهدته. (2) قلت لها لما لا تقرئين؟!، ردت على بسؤال ماذا اقرا؟!، قلت لها كل شئ من شانه ان يزيد معرفتك، هومت بعيدا واشاحت بوجهها، قبل ان تقول القراءة دون فهم مثل الاكل دون هضم!. ابتسمت وقلت لها انك على حق، عاجلتني سريعاً وكأنها تستدرك شيئا فاتها، اين يمكن لي ان اجد ما يستحق القراءة، شعرت بالدهشة وكانني تذكرت شيئا فاتني، قبل ان اقول لها اخشى ان مكتبتي تفرقت دماؤها، والمكتبة التى كنت استاجر منها الكتب، تخلت عن نشاطها القديم وباتت رسالتها الجديدة تحويل الرصيد وتزيين السيارات!. (3) قالت لي باتت لدي عقدة من القراءة منذ ان تسببت الكتب المدرسية لي بآلام ظهر حادة وانا فى سنواتي الاولى بالمدرسة ، انكسر اصبع السبابة بسبب عدم استطاعتي ان اميز بين (أكبر من) و(أصغر من)، بين (الزاي) و(الذال)، هذا فضلا عن عدم حفظي المتقن لسورة (الكافرون). (4) قلت لها لا عليك.. ذاك زمن ولى، ردت سريعا وولت معه رغبتي فى القراءة او كل ما يتعلق بالدراسة، انا متمردة كاسرة لكل القيود، حتى اللغة ارفض الاعتراف بقواعدها التي وضعها الاقدمون، اما المعاني فاميل للمرسل منها لا أحب أن (أحشر) فى زاوية بعينها، وان قرات باني استمتع بما وراء النص أكثر من ظاهره. بهت حينها ولم أجد بدا من أقول أدهشتني بغرابتك، ويح من كان وراء كسر سبابتك. (5) قالت لي اتذكر محاكمة البحر لسمكة غادة السمان، قلت لها يبدو انها سقطت سهوا من ذاكرتي فى زحمة الحياة، ردت سريعا وهى تشعر بنشوة الانتصار، قال البحر للسمكة: لماذا أخطأت الطريق؟ - انها تياراتك يا سيدي. قال البحر للسمكة: لماذا التهمت ما ليس لك؟ - انها مجاعتك يا سيدي. قال البحر للسمكة: لماذا جبنت أحيانا عن قول الصدق؟ - انها اسماك قرشك يا سيدي. قال البحر للسمكة: ولماذا هاجرت من كهف الى آخر؟ - كنت أفتش عن الشمس يا سيدي. قال البحر للسمكة: يا لك من مخلوق غريب غامض! - انا ابنتك يا سيدي (6) شكرا لك.. فهذا نصك!.