السؤال الذي ظل مطروحًا منذ الإعلان عن البيان كان حول مصير الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير، ما قاله ابنعوف في هذه النقطة لم يُكن مرضيًا للشارع، فقال: قررت اللجنة الأمنية العليا وقواتها المسلحة ومكوناتها الأخرى تنفيذ ما لم يتحسب له رأس النظام، وتحملت المسؤولية الكاملة بتغيير كل النظام لفترة انتقالية لمدة عامين، تتولى فيها القوات المسلحة بصورة أساسية وتمثيل محدود لمكونات تلك اللجنة مسؤولية إدارة الدولة والحفاظ على الدم الغالي العزيز للمواطن السوداني الكريم، وعليه أعلن أنا وزير الدفاع رئيس اللجنة الأمنية العليا اقتلاع ذلك النظام والتحفظ على رأسه بعد اعتقاله في مكان آمن. مطلب الجماهير (مكانٌ آمن) لم يكن المطلب أو الشعار الذي ظل ينادي به المجتجون طيلة الشهور الأربعة الماضية، عزل البشير بل وتقديمهُ للمحاكمة ، وبحسب الكثيرين فإن المكان الآمن ليس سوى التفاف على مطالب الشعب، وهو ذاتهُ ما كان يرددهُ الشارع عقب سماعه للبيان، فضلاً عن مطالبة الجنائية الدولية للمجلس العسكري بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير، بسبب اتهامه بجرائم حرب ضد الإنسانية في دارفور منذ عام 2009م. الكاتب الصحفي محمد عبد السيد يرى في حديثه ل(السوداني) أمس، أن مصير البشير يعرفهُ فقط قادة الانقلاب، وأن البيان لم يجب على مطالب الناس وانصب في مجمله على الجانب الأمني ومحاولات الإشارة إلى انفلات الأوضاع الأمنية وانزلاقها، معتبرًا أنهُ لم يتطرق للقضايا الأساسية ولم يتحدث عن قضايا الفساد أو المحاسبات. وبدأت تتزايد الشكوك حول ما حدث إذ لا يرى البعض أنهُ سيتم تقديم البشير للمحاكمة وعلى الرغم من إعلان قفل الأجواء لمدة أربع وعشرين ساعة والمداخل والمعابر في كل أنحاء السودان لحين إشعار آخر، إلا أن ثمة حديثًا يدور حول إقلاع طائرتين من مطار الخرطوم قبيل إعلان البيان. شكوك الشارع شكوك الشارع بحسب عبد السيد هي أن ما جرى هو اتفاق بين مكونات الوطني المدنية والعسكرية وأن ما تمت الإشارة إليه هو محاولة لإسكات الشارع وأن هناك تغييرًا، لافتًا إلى أن المواطن السوداني خرج أكثر وعيًا من كثيرين ممن يمسكون بزمام الأمور وأضاف: البيان في شكله العام منفصل عن حراك الشارع كما يوحي بأن هناك سلطةً أبوية ستشرف على كل شيء مثل الحديث عن بناء الأحزاب، ويرى عبد السيد أن البيان لا يشبه التحولات الكبرى التي تقوم بها الجيوش في المنطقة العربية والإفريقية. محاكمة قانونية نائب رئيس حزب الأمة الفريق صديق إسماعيل أشار في حديثه ل(السوداني) أمس إلى أنهُ يفترض أن يكون البشير قيد الإقامة الجبرية والحجزُ في مكانٍ آمن ليس إلا للبعد عن روح التشفي والانتقام مرجحًا وجوده في الإقامة الجبرية حتى تقديمهُ لمحاكمة وفقًا للقانون، وأضاف: أما إذا رتبت لهُ مغادرة خارج البلاد فهذا سيقع تحت مسؤولية ابنعوف. و قبيل تطور الأوضاع أصدرت دول الترويكا بيانًا أشارت فيه إلى أنهُ إذا لم تتم الاستجابة لمطالب الشعب السوداني فلن يجد الاستقرار طريقًا للسودان. ويرى عبد السيد أن في البيان قراءةً حقيقية للوضع في السودان، وأضاف: ما يريدهُ الشارع ليس تغيير أشخاص فقط بل المؤسسات القائمة وفصل واضح للسلطات وهذا ما لا توجد مؤشرات له. ملاذ آمن من جانبه يرى الكاتب والمحلل محمد مصطفى جامع في حديثه ل(السوداني) أمس أن ما جرى هو إعادة إنتاج للنظام مرجحًا أنها عملية جرى الاتفاق عليها لجهة عدم الحديث عن مصير البشير بشكل مفصل. وأضاف: المحكمة الجنائية طالبت بتسليم البشير وأتوقع تدخل دول مجاورة لاستقباله وتوفير ملاذ آمن له من الجنائية وعلى ذلك يرجح جامع أنهُ ربما تم الاتفاق على الإخراج فابنعوف لم يتحدث عن تقديم البشير لمحكمة محلية رغم حديثه عن الفساد، الظلم وجرائم القتل. من جانبه أبدى الناطق باسم حزب المؤتمر السوداني محمد حسن عربي في حديثه ل(السوداني) أمس –أبدى- خشيتهُ من أن يعود البشير غدًا إلى موقعه رئيسًا ويدعي أنهُ كان في استراحة محارب. القضاء السوداني بالمقابل اعتبر رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني في حديثه ل(السوداني) أمس أنهُ من المتوقع أن يوضع البشير أمام منصة العدالة وذلك بتقديمه للقضاء السوداني وليس أيّ قضاء أجنبي ويتم ذلك بصورة طبيعية. وحول التوقعات بتوفير مخرج آمن للبشير من قبل دول مجاورة يرى ميرغني أن ذلك عُرض سابقًا على البشير لكنهُ تردد في الاستجابة وأضاف: لا أتوقع أن يستفيد الآن من ذلك فقد تجاوز وجود فرصة لاتخاذ مثل هذا القرار فهو الآن تحت قبضة السلطات التي ليس لديها سوى أن تسلمهُ للقضاء السوداني. من جانبه أشار القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي في حديثه ل(السوداني) أمس إلى أنهُ وفقًا للبيان فإن البشير في مكانٍ آمن وهذه مسألة تعالجها القوات المسلحة، وأضاف "آمن" تفسر نفسها بنفسها تفاصيلها لدى المجلس العسكري، لافتًا إلى أن السيناريو الوحيد هو أن البشير سيكون تحت حماية المجلس العسكري في مكانٍ آمن وليس هناك أكثرُ من ذلك.