أصدر عمر البشير مرسوماً جمهورياً أمس بتعيين عوض محمد أحمد ابنعوف كوزير للدفاع ، بدلاً عن رئيس هيئة الاركان المكلف الفريق مصطفى عثمان عبيد ، بعد شهرين من تعيين مجلس الوزراء عقب انتخابات التمديد . و كان وزير الدفاع الجديد ابنعوف مديرا للاستخبارات العسكرية ، ونائبا لرئيس هيئة الاركان حين أحيل للتقاعد يونيو2010، ووضعته الولاياتالمتحدةالامريكية فى لائحة عقوباتها بسبب دوره فى تسليح مليشيات الجنجويد التى ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان فى دارفور. وتفاوتت وجهات النظر فى تقيم خصائصه الشخصية بوسائل التواصل الاجتماعى ، حيث وصفه أحد الضباط السابقين بانه جبان ، هرب ابان ضرب قوات حركة تحرير السودان مطار الفاشر 2003 واختبأ فى مكتب مدير المدرسة الثانوية ، ومن يومها يتندر عليه العساكر بلقب (حضرة الناظر) ، وقال آخر ان ابنعوف (ذهنه متفتح وتفكيره متقدم على الكثير من العسكريين…)، فيما أكد متداخل آخر انه معروف بحدة المزاج والعنصرية وكان داعماً لمليشيات (الاحجار الكريمة) التى يجند لها على أساس عنصرى وقبلى . وقال مصدر مطلع ل(حريات) ان أهم سببين لتعيين عمر البشير لأبنعوف ، هما الخوف من الانقلابات العسكرية ، وقبول التنسيق مع مليشيات قوات الدعم السريع . وأضاف المصدر المطلع ان خصائص ابنعوف الشخصية ربما تكون مثار تفاوت ، ولكن الثابت انه عضو بتظيم الاسلاميين فى القوات المسلحة ، وضابط بالاستخبارات العسكرية لسنوات طويلة ، ومن خلال موقعه كمدير للاستخبارات نسق وأدار علاقة الجيش بمليشيات الجنجويد فى دارفور والمليشيات القبلية فى الجنوب ومليشيات جيش الرب فى يوغندا . وأضاف ان عمر البشير ، المشغول أساساً بالحفاظ على سلطته ، يركز حالياً على التجسس على ضباط الجيش – ومن بينهم الضباط الاسلاميين الساخطين على تفشى الفساد – ، وعلى قبول الجيش لمليشيا الدعم السريع التى باتت أهم مستند موثوق لسلطة عمر البشير ، ولذلك وجد فى ابنعوف – بحكم تجربته وممارساته السابقة – الأفضل لتولى وزارة الدفاع ، خصوصاً وان ابنعوف – كضابط فى المعاش ومتهم بارتكاب جرائم حرب وخاضع للعقوبات الامريكية -غالباً ما لن يفكر فى الانقلاب على عمر البشير . وأضاف المصدر المطلع ان غالبية ضباط الجيش لا يستلطفون الاستخبارات العسكرية ويطلقون عليها (الاستخباثات – من الخبث) ، وقد تعززت صورتها السلبية بعد سيطرة المتأسلمين عليها واستخدامها للسيطرة الحزبية على القوات المسلحة والتخلص من الكفاءات المهنية والقومية ، وقال ان تعيين ابنعوف كوزير للدفاع – سيرسخ لدى الضباط حقيقة ان النظام لم يعد يثق بالقوات المسلحة وانه يريد التجسس عليها ، وهذا على عكس ما يتوقع عمر البشير ، غالباً ما يفاقم من السخط وسط الضباط . وسبق وخصص معهد الدراسات الامنية (The Institute for Security Studies ISS) – مقره الرئيسى بريتوريا بجنوب افريقيا ولديه افرع فى نيروبى بكينيا وأديس ابابا باثيوبيا ويتلقى تمويلاً من استراليا وكندا والولاياتالمتحدةالامريكية وبريطانيا – حلقة لمناقشة اعادة تشكيل هيئة قيادة الجيش السودانى يونيو 2015 ، باديس ابابا فى شهر أغسطس الجارى ، وتحدث فيها بروك مسفن – Berouk Mesfin- اثيوبى ، من ابرز باحثى المعهد . وأكد الباحث ان قرارات من يقود الجيش السودانى ، ظلت فى الغالب ولا تزال ، خاضعة لنزعات عمر البشير بحماية نفسه ، وان الضباط الذين يفتقرون الى القدرات المهنية عادة ما يعينون فى الوظائف الافضل وتتسارع ترقياتهم بسبب ولائهم ولضمان ولاء القوات المسلحة بمنع الانقلابات . كما تمارس باستمرار سياسة (قسم واحكم Divide and rule بصورة شخصية . وأضاف ان عديدا من الخبراء العسكريين يعتبرون قيادة القوات المسلحة الجديدة مكونة بالاساس من ضباط يدينون بالولاء الشديد لعمر البشير ولهم تاريخ من التنسيق مع جهاز الأمن ، مما يشير الى مكانة جهاز الامن كالقوة القائدة فى السودان . وأضاف ان مصدرا مطلعا فى السودان قال ان هناك ضباط فى القوات المسلحة السودانية يريدون من الحكومة اصلاح القوات المسلحة ولكن بدلاً عن ذلك انتهت القوات المسلحة الى الوقوع تحت سيطرة عمر البشير . ويعتقد الكثيرون ان الضباط من الرتب المتوسطة والصغيرة الساخطين من عدم تحقق الاصلاح ربما يفكرون فى كيفية تغيير الوضع الراهن .