واعتبرت المجلة الأمريكية أن هذا الإعلان كان بمثابة أحدث دراما سياسية تتكشف في السودان، حيث يحتج المتظاهرون منذ شهور، مطالبين بإصلاحات اقتصادية وسياسية، إلا أنها تعتبر كذلك أحدث مؤشر على أن الاضطرابات في السودان لم تنتهِ بعد. وقال محللون – وفقا للمجلة - إن استقالة ابن عوف قد تشير إلى أن الجماعات داخل القوات الأمنية السودانية ما تزال تتنافس على السلطة خلف الكواليس، مشيرين إلى فصيلين محددين. من هي الفصائل؟ أحد هذه الفصائل المتنافسة يضم مسؤولين عسكريين لهم صلات مع مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، ومن بينهم ابن عوف ورئيس المخابرات السودانية السابق صلاح قوش. فيما يبدو أن البعض الآخر يحظى بدعم قطر وتركيا، الدول التي تضغط من أجل المزيد من النفوذ في السودان في امتداد لمنافساتها الإقليمية مع دول الخليج الأخرى. وقال بايتون كنوبف، الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي عمل في السودان، إنه يتعين على الولاياتالمتحدة التركيز على ضمان عدم تصدير المنافسات الإقليمية إلى هناك، مشيرا إلى أن "الولاياتالمتحدة لن تحل هذه القضية من تلقاء نفسها، لكن يمكنها أن تقود إجماعًا دوليًا إلى انتقال بقيادة مدنية". من جانبها قالت سوزان ستيجانت، مديرة برامج إفريقيا بمعهد السلام بالولاياتالمتحدة أنه "لم يتم الاتفاق حقًا على من سيشارك في الحكم ومن سيخرج". "هناك خطر تصاعد العنف بين تلك الفصائل." ذات اللعبة فيما قال الباحث في شؤون السودان في جامعة نيوكاسل ويلو بيرجيد، إنه في الأشهر التي سبقت الإطاحة بالبشير، كان يجري محادثات مع القطريين والسعوديين من أجل المزيد من المساعدات الاقتصادية، مشيرة إلى أن الضباط العسكريين الذين يحكمون السودان الآن قد "يحاولون ممارسة نفس اللعبة". مشيرة إلى أنه في واشنطن، دعا المسؤولون الأمريكيون إلى انتقال ديمقراطي للسلطة في السودان، لكنهم امتنعوا حتى الآن عن أداء الدور الرائد في التوسط في الأزمة. في ذات الأثناء، قالت ماري ييتس، التي عملت قائمة بالأعمال في السفارة الأمريكية في الخرطوم لفترة مؤقتة، وتعمل حالياً مديرةً للمعهد الأطلنطي أنه "قد لا تكون الحكومة المؤقتة العسكرية لمدة عامين هي ما يريده المحتجون". وقالت ييتس التي تعتبر أكثر الدبلوماسيين الأميركيين خبرة في الشؤون الإفريقية، وكانت تعمل مستشارة خاصة لدى الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول القضايا الإفريقية، إنه من المهم معرفة الدور الذي سيؤديه الجيش، وما هي الصلاحيات التي سيحتفظ بها جهاز الأمن والمخابرات الوطني، معتبرة أنه من المشجع "إذا كانت التقارير صحيحة" الإفراج عن المحتجين المناهضين للحكومة الذين تم اعتقالهم. بحثاً عن الديمقراطية من جانبه يرى نائب مدير مركز إفريقيا في المجلس الأطلسي برونوين بروتون أن الوضع في السودان مشابه لما حدث في زيمبابوي في نهاية العام 2017 عندما تخلى روبرت موغابي عن منصبه، عقب أربعين عاما، فقد طُرد الدكتاتور روبرت موغابي وحل محله أتباعه، معتبرا أنه لم يكن انتصارا للديمقراطية. وقال بروتون إن السؤال الذي يطرح نفسه حاليا في السودان هو: "هل ستشمل الحكومة العسكرية المؤقتة المقترحة عددًا من المعتدلين والإصلاحيين الذين يمكن اعتبارهم أكثر مصداقية من الجنرال ابن عوف". ويشير بروتون إلى أن ابن عوف قد قال في بيان إن البشير محتجز في "مكان آمن". ولم يكن واضحًا ما إذا كان سيتم تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية أو ما إذا كان محتجزًا في حجز لحمايته. كذلك أعلن ابن عوف تعليق الدستور، وفي ضوء هذا الإعلان، قال بروتون أنه "ليس واضحًا، بغض النظر عن الأحكام العرفية، ما هو شكل القانون الذي سيتم استخدامه". سفير أمريكي وجددت ييتس التوصيات "بالحاجة إلى تعيين سفير أمريكي في السودان في أقرب وقت ممكن والذي سيعمل عن كثب مع حلفاء واشنطن والمنظمات الدولية خلال هذا الوقت الحرج". وقالت ييتس: "يجب تعليق خطة المسارات الخمسة في العلاقة بين الخرطوموواشنطن وعملية المتابعة الحالية حتى نعرف مع من ستتفاوض الحكومة الأمريكية". "كانت هذه الخطة آلية مهمة لدفع العلاقة بين الدولتين إلى الأمام، لكن يجب إيقافها مؤقتًا في هذا الوقت". وقال بروتون إن إدارة الرئيس دونالد ترمب "في موقف صعب لأنه على الرغم من أنها قد تفضل من حيث المبدأ رؤية سلطة انتقالية يقودها مدنيون في السودان، إلا أنه لا يُعرف سوى القليل جداً عن جمعية المهنيين السودانية - معتبرا أنها مشكلة كبيرة في بلد له علاقات عميقة بالإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى. فيما اقترحت ييتست إجراء تحقيق جدي في من يقف وراء جمعية المهنيين السودانية. وقال بروتون، إنه في حين أن إدارة ترمب مهيأة للمساعدة في المسائل الاقتصادية في السودان من خلال تخفيف العقوبات، فإن "السؤال هو ما إذا كانوا يرغبون في القيام بذلك دون معرفة من الذي سيقود حكومة انتقالية". "قد يترددون أيضًا في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لحكومة تتألف من أشخاص لا تعرفهم بعد".