في التاسع من يناير الماضي سير تجمع المهنيين، موكبا من موقف الشهداء بأم درمان نحو البرلمان لتسليم مذكرة تطالب بإسقاط النظام وتنحي الرئيس المخلوع عمر البشير، إلا أن الأمر لم يكن مقبولا للسلطات فقوبل الموكب بالقمع الشديد، مما أدى إلى استشهاد عدد من الثوار وإصابة البعض، أشهرهم كان الكادر الإسلامي هشام الشواني. وأثناء عملية القمع كان معظم النواب يقفون أمام الاستقبال الداخلي وينظرون عن بعد لما يحدث من القوة الأمنية من إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع، وعجز البعض الآخر عن إقناع رئيس البرلمان باستلام المذكرة. أمس الأول (الاثنين) عند عودة رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر من العاصمة القطرية الدوحة تم القبض عليه بمطار الخرطوم والتحفظ عليه ووضعه في الإقامة الجبرية بمنزله بأم درمان، كما تم إغلاق حساب البرلمان المالي بالبنك المركزي. عقب إطاحة البشير لم يتغيب الموظفون عن الحضور إلى المجلس الوطني يوم الأحد الماضي إلى أن أخطرهم الأمين العام بأنهم في إجازة وعليهم الحضور إلى حرم البرلمان يوم الأربعاء (اليوم) حتى يبلغهم ماذا سيحدث بعد أن يعقد اجتماعا مع إدارته. السياسة أم أعمال خاصة؟ البعض يرى أنه لا بد من سلطة تشريعية وأن يظل المجلس العسكري الانتقالي سياديا وأن يشكل حكومة مدنية، متوقعين أن يلجأ المجلس العسكري إلى تعيين برلمانيين بعدد أقل من العدد السابق، مشيرين إلى أن المجلس العسكري ليس فيه كفاءات للعمل التشريعي وليس فيه واجهات تمثل كل السودان. يذهب النائب المستقل السابق مبارك النور، في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أنه متفائل بالمجلس الانتقالي لأنه سيحارب الفساد ويقود البلاد حتى الوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، إضافة إلى أن على المجلس أن يقف على مسافة واحدة من كل الأحزاب وأن لا يقصي أحداً، مبرراً ذلك بأن الثورة قام بها كل السودان وأنها من أجل سودان جديد. وكشف مبارك عن محاولات لسرقة الثورة، مؤكداً أن المستقلين بالبرلمان عملوا على تهيئة جو الحراك والثورة عبر فتحهم لعدد من ملفات الفساد، وإقرارهم بفشل الطاقم الاقتصادي السابق. وقطع مبارك بأن للأعضاء البرلمان اعمال خاصة أن عضوية البرلمان ليست وظيفة بل عمل سياسي طوعي، مؤكداً أنهم سيشاركون في الانتخابات و(الحشاش يملا شبكتو). نشاط إضافي منذ سقوط البشير لم تمر عربات التشريعيين بشارع المجلس الوطني الذي أُغلق بأمر العسكر وبذلك وضعت (الطبل) على أبواب اللجان الدائمة. النائب السابق عن الحركة الشعبية قطاع الشمال بالبرلمان، صالح جمعة، يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن التغيير كان محسوما وأمرا ضروريا لأنه بإرادة الشعب، مشيراً إلى أن تعطيل الدستور أمر طبيعي وأن المطلوب هو مجلس تشريعي رقابي انتقالي، وأوضح صالح أن الأصوات أصبحت تتعالى لذلك لا بد من مواجهتها بعدد من القوانين والتشريعات وأن الجسم التشريعي مهم للتمهيد للدستور، مقترحاً أن يتم تكوين المجلس بعدد يتفاوت بين (150-200) عضو، يمثلون جميع القوى السياسية. وأضاف أن مدة العضوية في البرلمان كانت معلومة لذلك كان النواب على علم بأنهم سيغادرون مناصبهم، مؤكداً أن عددا منهم أصحاب مهن خاصة ووظائف في الخدمة المدنية، مشيراً إلى أن الحياة لن تقف، وتوقع عودتهم إلى أماكن عملهم بالولايات أو الخرطوم بالإضافة إلى تكثيفهم العمل السياسي لأنه ليس مهنة بل نشاط إضافي. (كفاية خلافات) النائب السابق عن الاتحادي الديمقراطي الأصل أزهري وداعة الله، يذهب في حديثه ل(السوداني)، أمس، إلى أن البلاد كانت بحاجة إلى التغيير والرؤية والمؤشرات واضحة، مؤكداً رضا الاتحادي الأصل عن دوره داخل البرلمان. وأضاف: ليس هناك دولة بدون تشريع موضحاً أن نقاط الضعف هي غياب التشريع، لذلك لا بد من تشكيل مجلس تشريعي انتقالي مؤقت لفترة محددة، مطالباً بإعادة هيكلة البرلمان وتقليص عدد الأعضاء ونواب الرئيس ودمج اللجان، وتعيين رئيس مجلس مستقل، مشيراً إلى وجود قوانين تحتاج إلى تعديلات وفكر تشريعي، مؤكداً وجود كفاءات في المجلس السابق مؤهلة إضافة إلى خبرات الشباب وأن يكون على قلب واحد (كفاية خلافات). قاطعاً بأن أعضاء البرلمان معظهم يمتلكون مهنا أخرى غير عضويتهم في البرلمان، مشيراً إلى أن القضية الآن قضية وطن وليست عطالة أفراد.