** محمد خير الزبير، محافظ بنك السودان، لصحف الخميس الفائت، واصفاً ومحذرا بالنص: (تجار العملة بالسوق الأسود خارجين عن القانون، "وديل ناس ما مسؤولين"، وسنتخذ ضدهم إجراءات قانونية، ولقد منحناهم فرصة كافية للعمل وفق اللوائح بفتح بنوك وصرافات، ولكنهم - تجار العملة - لم يلتزموا باللوائح)، هكذا الوصف والتحذير.. رحم الله الفقيد مجدي محجوب ورفاقه، إذ لم يجدوا تحذيراً كهذا ولا فرصاً كهذه، بل تم وصفهم بتجار العملة والمخربين قبل إعدامهم بأيام معدودة..!! ** المهم.. الدولار - في البلاد ذات العقول الاقتصادية التي تدير الاقتصاد بالتخطيط العلمي والاستراتيجي- مجرد عملة، ولكن تتحول تلك العملة في البلاد التي عقولها تدير اقتصادها بالعشوائية والصُدف - ونظرية رزق اليوم باليوم- إلى سلعة، أي كما الحال في بلادنا.. فلندع سعر الدولار في الأسواق السوداء، ونسأل محافظ بنك السودان: كيف - ولماذا - يقفز سعر الدولار إلى أعلى في سوق بنك السودان ذاته؟.. ليست هناك إجابة غير أسطوانة (خروج بترول الجنوب)، وهذا الخروج محض غطاء مراد به تغطية ضعف الإرادة وعجز العقول عن التفكير.. لم يكن بالسودان بترولاً عندما قال صلاح كرار مبرراً ثورته (لو ماجينا سعر الدولار كان بقى عشرين جنيه).. ليس بالبترول تنهض الشعوب والأوطان ويستقر الاقتصاد، ولكن بحسن الإدارة ومكافحة كل أنواع الفساد، بالقانون وليس بالتحذير والتخدير..!! ** وعلى سبيل المثال، ليس من حسن الإدارة أن يدع بنك السودان أداء دوره الرقابي ويغرق في أداء الأدوار التنفيذية التي من شاكلة احتكار شراء وتصدير الذهب.. لأي بنك مركزي - في بقاع العالم - وكلاء يحتكرون تجارة الذهب غير بنك السودان؟.. ما جدوى الشركات والمصارف والبنوك التجارية إن كان بنك المركزي يؤدي مهامها التجارية باحتكار يرفضه الشرع ودستور البلد؟.. ثم من هم؟ وكيف تم اختيار وكلاء بنك السودان في مواقع الإنتاج ليحتكروا شراء الذهب؟.. سوح العمل العام في بلادنا أضيق من (قد الإبرة)، ولم يعد مخفياً للرأي العام بأن وكلاء البنك المركزي في مواقع الإنتاج لم يصبحوا من المحتكرين باسم البنك عبر عطاءات الصحف ولجان الفرز في القاعات المفتوحة، وإن كان كذلك فليمدنا المحافظ بوسائل الإعلام التي تم فيها نشر إعلان من شاكلة: (عطاء، مطلوب وكلاء يحتكرون شراء الذهب لصالح البنك المركزي حسب الشروط الآتية)..!! ** ثم نقراً ما يلي نصا مقتبساً من آخر تقرير للمراجع العام، وهو النص الذي يكشف الحجم الرقابي لبنك السودان، ولم يقدمه لنواب البرلمان، هكذا النص: بلغ الحجم الكلي للتعثر في مصارف وبنوك القطاع العام (3.06 مليار جنيه).. والتعريف البلدي للتعثر هو أموال التمويل التي استرداد أقساطها الشهرية (في تولا)، أي هالكة أو مشكوك في تحصيلها.. (3.06 مليار جنيه)، بالجديد، هي حجم تعثر بنوك القطاع العام.. وبنك السودان - الجهة الرقابية والمسؤولة عن تلك الأموال ومصارفها - آخر من يعلم وينتبه، لأنه إما (مشغول بشراء الذهب)، مثل أي شركة او مصرف تجاري، أو (مشغول بمطاردة تجار العملة)، مثل أي شرطي أو وكيل نيابة.. نعم، غيّب دوره الرقابي، وتفرغ لتجارة الذهب، ولذلك ليس في الأمر عجب أن تخسر الناس والبلد والمودعين (3.06 مليار جنيه)..!!