ازيز الحافلة المرتفع جعله يبدو طنينا أمام صوته العالي وهو يرغي ويزبد على هاتفه المحمول (أنا مش قلت ليك ما تطلعي حتى لو ماشة ناسك امك ما بتسمعي الكلام انا بوريك لمن اجي لا لا ما تبرري لي..) وتتواصل المحادثة التي جعلت ركاب الحافلة ينصتون لها مكرهين، ولحسن حظ الركاب و(لسترة) الرجل كانت المحطة القادمة هي محطته فنزل وما يزال يصيح مع زوجته في الطرف الآخر . ما إن نزل الرجل حتى بدأت التعليقات على تصرفاته في غيبة مفتوحة طرفها مجموعة من الركاب المتضجرين استهلت الحديث المرأة التي كان يجلس بجوارها قالت بصوت عال للتي تجلس بجوارها في الطرف الآخر (في داعي للفضايح دي؟ عندو كلام ما ينتظر لحدي ما يصل بيتو هسي الناس سمعت كلها مشكلتو مع مرتو دي) ردت عليها الاخرى ( والله انا ما هامني كلامو قدر الازعاج العملوا لينا في الحافلة ياخي ده تنشن بينا عديل كدة يا خالة) التقط الحديث كمساري الحافلة قائلا (زي ديل كلم يوم بلاقونا والله كرهونا الحافلة بنقتهم الكتيرة اي واحد عندو مشكلة ما برتاح في الكلام الا بعد يركب الحافلة ويمسك التلفون ويقعد "يكورك") . الطالبة الجامعية وزميلتها اللتان تجلسان في آخر الحافلة همست احداهما لصديقتها "والله السودانيين ديل ما عندهم اتوكيت نهائي لا في الحديث ولا التعامل واي شيء ." هذا بعض ما يحدث من الكثير من السودانيين في افتقادهم لابسط ادبيات الحديث والتعامل على المركبات العامة فمنذ أن صار الهاتف المحمول عند معظم الشعب اصبح استخدامه الخاطئ احيانا مصدر ازعاج للكثيرين خصوصا في المركبات العامة فمن غير قصد يتسبب الشخص في ازعاج كل الموجودين بالاضافة الى انتهاك خصوصيته عبر الحديث الذي يضطر الكثيرين الى سماعه مكرهين وعنوة بل قد يفرضه عليهم فرضا بلهجته العالية في الحديث . عزيزي المتحدث انت في مكان عامة فقمة الاحترام أن تتحدث بلهجة منخفضة مراعاة لحرمة المكان، ايضا قد يكون ما تتحدث به سرا لا تريد لاحد أن يطلع عليه فبالحديث يمكن أن تبوح بهذه الاسرار على الملأ ،اما اذا كنت مستقبلا للمكالمة فحاول الا تطيل في الحديث واختصر بقدر الامكان ويمكن أن تعتذر بلطف انك في مركبة عامة ويمكن أن تعاود الاتصال به لاحقا . عزيزي حتى لا تكون عرضة لتعليقات ساخرة أو همهمات غاضبة من ركاب المركبات العامة حاول أن تكون دبلوماسيا في تعاملك مع الهاتف المحمول حتى في وضع (النغمات) فكثير من النغمات تكون مزعجة واحيانا تحتوي على اغان غربية صارخة ومرتفعة تجعل الانظار تلتفت اليك ليس اعجابا ولكن تقززا حتى وإن لم ينطقوا تكفي نظراتهم لتخبرك. تذكر عزيري أن الصوت المرتفع ارتبط بالهمجية التي تتصف بها الحيوانات وتذكر قول عز من قائل ( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)) سورة لقمان. وبالله التوفيق