طبعا تعرفون (ريدة الحمامة لي وليدها) تلك التي ذكرها شاعر (سمسم القضارف) لكنكم ربما لم تسمعوا بريدة (الكديسة لي أخوها) ولهذه قصة، بينما كانت قطتان تجلسان علي الأرض وتتمسحان ببعضهما حبا وودا ،رأي أخوان هذه الصورة فقال أحدهما لأخيه: يافلان أسأل الله أن يجعلنا متحابين كهذه القطط، رد عليه أخوه : يا فلان ، قول إن شاء الله ربنا يجعلنا متحابين وما يدخل بيننا الدنيا! صمت الرجلان، وبعد برهة قام الأخير بالقاء عظم بين القطتين ، فاذا بالقطتين تختلفان وتتشاكسان ، تبسم الرجل ونظر لأخيه وقال له : شفت الدنيا عملت بينن شنو؟ هذه القصة تذكرتها وأنا أقرأ مقالا رائعا كتبه البروفيسور محمد سعيد حربي يوم الجمعة الماضية بصحيفة الانتباهة الغراء وجه فيه رسالة مخلصة ورائعة للدكتور نافع علي نافع، الرسالة اصطحبت تاريخ نافع النير وشهادة بروفيسور حربي لنافع التي تفيد بحرص الرجل على الدين وحماية بيضته ومايحمله الرجل من خير ثم النفاذ لنصح غال من مصدر غير متهم ، ملخص ذلك النصح أن تمسكوا بالدين وارجعوا للمنهج الذي جئتم من أجله وصححوا المسار ، وهذه النصيحة وان كانت مكررة لكن تميزها هذه المرة يأتي من حسن مقالها وحسن قائلها وصدق مبتغاها واسلوبها المؤدب الصادق، فانك لا تكاد تمر بين تلك السطور حتى تعود إلى أيام الصدق والمحبة ووحدة الهدف وتحمل أعباء المسير والتضحيات والرضاء المصاحب لبذل لا ترتجى منه دنيا، أيام المبادئ لا المصالح والدعوة لا الدولة . لقد هزتني جدا اشارة البروف إلى الزمن الجميل والتغير الذي طرأ على سلوكنا في مرحلة الدولة ولأن الخطاب كان لنافع _ والرجل فيه مساحة لقبول خطاب الخير_ استبشرت خيرا بظهور مثل الرسائل وتفاءلت جدا بنتائج ايجابية لها و تمنيت أن تستمر وأن يكثر الناس من منابرها لأن الذكرى تنفع المؤمنين والنصح يوصل للحقيقة ويذكر النفوس الطيبة فيحملها للجادة فنجنى خيرا، لا سيما وأنا محبط جدا من قصة رواها لي أحد الاخوان مفادها أن لقاء تم بين والٍ من ولاتنا ومجموعة من المجاهدين فقام أحدهم فقال للأخ الوالي قصة سيدنا عمر حينما اعترضته امرأة لها مظلمة وشكته لله فاشترى منها عمر رضى الله عنه مظلمتها من حر ماله وقال المجاهد للوالي: مظلمتي من عدم تطبيقك للشريعة وسماحك للفوضى وعدم الالتزام بالتمدد بولايتك و لا أريد شيئا سوى تطبيق الشريعة أو نقاضيك أمام الله. وفي تقديري هذا خطاب عادي وصوت قوي مخلص لابد من سماعه وهو صوت ضروري لا خير في أصحابه إن لم يقولوه ولا خير في المعنيين إن لم يسمعوه ولكن النتيجة كانت سيئة ، قال لي الأخ : جاء توجيه بعدم احضار هذا الشخص للقاءات أخرى! مثل هذا التصرف_ أعني منع الرجل_تصرف غير جميل لا يتوقع من الرجال الواثقين في أنفسهم الحريصين على منهجهم ودينهم وهو أمر لا ينبغي أن يثني الناصحين ولا يحجم رأيهم! أخي بروفيسور حربي: لقد أحسنت من حيث نصحك وأحسنت اختيارك لرجل تعرفه و تشهد له بالخير، وهو_ بلا شك_ محتاج لمثل هذا الصوت في زمن عز فيه الناصحون الصادقون_ وأزيدك في الشعر بيتا_ مازال بعض اخواننا بخير رغم كثرة (العضام) بيننا!