في فاتحة أعمال مؤتمر شورى الوطني... حديث البشير... رسائل في اتجاهات متعددة! تقرير: البشاري – الهضيبي في ساعات مبكرة من صباح أمس بدأ أعضاء مجلس الشورى القومي للمؤتمر الوطني في التقاطر صوب المركز العام للحزب من وزراء وولاة الولايات وأعضاء برلمانيين، الاجراءات عند بوابة الدخول لم تستثنِ أحدا، فالكل في اللجان الموكل لها مهام التنظيم والوقوف على نجاح المؤتمر كل يقوم بدوره بإتقان شديد، سوى بعض الهنات التي جابهت تسليم الاعلاميين ديباجات حضور فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي بدأ على غير العادة متأخرا عن موعده المضروب بنحو ساعتين. بالمقابل وعلى غير العادة وبدون أي ضجيج دلف رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الوطني المشير عمر البشير إلى القاعة الكبرى بالمركز العام للمؤتمر الوطني لإلقاء خطابه في فاتحة دورة الانعقاد السادسة لمجلس الشورى القومي للحزب أمس، الرئيس الذي دارت تكهنات وأحاديث كثيرة قبيل يوم من انعقاد الجلسة عن عدم مخاطبته لأعمال المجلس ومغادرته لإنجمينا لحضور قمة الساحل والصحراء، هذه التكهنات جعلت العديد من الصحفيين ومراسلي القنوات يعزفون عن الحضور لتغطية فعاليات الجلسة الافتتاحية... تقدم الصفوة من قيادات الوطني للصفوف الأمامية في الجلسة التي بدأت فعالياتها بتلاوة توصيات دورة الانعقاد السابقة وإجازة جدول أعمال دورة الانعقاد الحالية والذي يشمل خطاباً عن الأداء السياسي قدمه نائب رئيس الحزب للشؤون التنظيمية د. نافع علي نافع وخطاب عن الاداء التنفيذي قدمه نائب رئيس الحزب للشؤون التنفيذية علي عثمان محمد طه وخطاب الاداء التشريعي قدمه رئيس المجلس الوطني أحمد إبراهيم الطاهر وخطاب عن أداء الولايات قدمه رئيس مجلس الولايات الفريق آدم حامد موسى، بجانب تنوير أمني عن المفاوضات مع دولة الجنوب قدمه كبير المفاوضين د. إدريس محمد عبدالقادر. إغلاق المنافذ بالمقابل لم يخلُ خطاب البشير الذي استمر لبضع دقائق قبل أن يتوجه لاستغلال الطائرة الرئاسية المتجهة الى إنجمينا، لم يخلُ من تجديد حديثه بتمسكهم القاطع بكل ما جاء في اتفاق التعاون مع دولة الجنوب وعدم التنازل عن ما جاء فيه، بل وتعدى الامر ذلك في سياق خطابه عندما أعلن رفضهم للتفاوض مع قطاع الشمال. البشير الذي كان يتحدث وسط حشد من قيادات الصف الاول بالحزب أرسل رسائل في اتجاهات متعددة، فأوصد الباب أمام أي تنازلات أو تعديل أو تراجع أو تجاوز لاتفاقية التعاون المشترك مع دولة الجنوب، وقال "لن نقبل بأي تراجع أو تعديل أو تنازل في منطقة (14) ميل وقضية ترسيم الحدود وأبيي"، وشدد على أنهم لن يقبلوا بأي تراجع من قبل دولة الجنوب حول منطقة (14) ميل ولن ينظروا في أي مناطق مدعاة جديدة بخلاف المناطق المختلف حولها، بجانب تمسكهم ببروتكول أبيي وتنفيذ الترتيبات الانتقالية المتعلقة بإنشاء الهياكل والمؤسسات بالمنطقة، وزاد "لن نقبل بأي حلول مفروضة من قبل الوساطة أو مجلس السلم الافريقي أو مجلس الامن"، وتابع "نحن ما في زول بفرض رايو علينا، وبنعمل الفي مصلحة البلد، ومهما تعاظمت الضغوط الناس تتجهز وتتحزم". ونحا البشير منحىً آخرَ في حديثه بدعوته للاحزاب السياسية للاستعداد منذ الآن للانتخابات المقبلة التي ستنطلق بعد عامين من خلال الشروع في ترتيب صفوفها وعقد مؤتمراتها القاعدية، بيد أنه عاد واستطرد قائلا "إن الاحزاب ستعلن مقاطعتها للانتخابات قبيل انطلاقتها بحجة مفاجئة المؤتمر الوطني لهم بالانتخابات"، مؤكدا جاهزية حزبه لخوض الانتخابات في أي زمان باعتباره حزبا مؤسسيا. إلغاء الشريعة وأقر البشير أن عيب الدستور الحالي أنه دستوري انتقالي، لكنه شدد على أن الدستور الانتقالي شاركت في وضعه كل الاحزاب السياسية وكفل لها الحريات. ومضى البشير في حديثه بتحديه للداعين لفصل الدين عن الدولة وللموقعين على وثيقة "الفجر الجديد" بعدم قبول الشعب بطرحهم في الانتخابات المقبلة، وتساءل "هل الشعب يقبل بإلغاء الشريعة وأن تكون الموبقات مباحة؟"، وأضاف "يريدون التغيير عن طريق الحرب والتعاون مع الحركات المسلحة وإحلال المليشيات محل القوات المسلحة"، واستطرد "هل المليشيات التي تربت في كنف أجهزة المخابرات الأجنبية قادرة على حفظ الأمن بالبلاد؟، وهل ناس كمبالا قادرين على إدارة البلاد"، وقطع البشير بعدم التفاوض مع قطاع الشمال وأنهم يرفضون أي حلول خارجية تفرض عليهم للتفاوض مع حملة السلاح، وقال "نحن أحرار ونملك قرارنا"، وأن حاملي السلاح من أفراد الجيش الشعبي من أبناء المنطقتين ستتم معالجة أوضاعهم ودمجهم في القوات النظامية. وتزامنت دعوة البشير برفض التفاوض مع قطاع الشمال بدعوة قدمها رئيس الآية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي لرئاسة الحركة الشعبية قطاع الشمال للحضور إلى أديس للتفاوض مع الحكومة في الخامس من مارس القادم بناء على قرار مجلس الأمن (2046)، الامر لم يقف عند حد الدعوة بل أبرقت قطاع الشمال الوساطة الافريقية رسميا أمس بموافقته على الدعوة وحضوره للتفاوض في الموعد المضروب، بالمقابل اتجه للقول بأن البلاد دفعت ثمن الاستفتاء بفقدانها لحوالي 80% من النفط بجانب فقدانها لثلث مساحة البلاد، ومضى بحديثه إلى أن الله من عليهم بنعمة الذهب، الذي أحدث بعض المشكلات بعدم توفر عمالة لموسم الحصاد وتسرب حفظة الخلاوي والرعاة لمناطق التعدين، مشيرا إلى وجود بقايا للتمرد بدارفور وأنها إلى زوال، وجدد دعوته للاحزاب السياسية للمشاركة في وضع الدستور القادم حتى يكون معبرا عن غالبية الشعب. خيبة وتراجع رئيس مجلس الشورى القومي أبوعلي مجذوب أبوعلي، قال إن المؤتمر الوطني حري به أن يلتزم بالشورى وأن يُعملها في هياكله ومراعاة إشراك الشعب في قضايا الحكم وفتح حوار موسع للتوافق على دستور يوصد الباب أمام دعاة "الفجر الجديد" الذي فيه مخالفة لله، ومضى بالقول إلى أن دعاة "الفجر الجديد" يريدون تغيير نهجنا وقد خاب مكرهم وأنه حتى من ساندوهم تراجعوا عن الوثيقة، واتجه الى إطلاق الاتهامات تجاه قادة دولة الجنوب، قائلا إن إخواننا في الطرف الآخر لا يريدون سلاما وينفذون مخططا كبيرا سيبوء بالفشل، وتابع: لن نفاوضهم حتى ينفذوا ما تم الاتفاق عليه، مشيرا إلى رفضهم محاولة حكومة الجنوب بفرض التفاوض مع قطاع الشمال. أبوعلي اتجه لمطالبة رئيس الجمهورية بإعلان حالة الاستنفار العام وسط الشعب وتقوية الجيش والقوات النظامية والدفاع الشعبي بسبب ما أسماها التحرشات والمؤامرات التي تحيكها دولة الجنوب ضد البلاد، وطالب الدولة بالاهتمام بالمواطن وخفض الإنفاق الحكومي ومحاربة الفقر والفساد ومتابعة تنفيذ البرنامج الثلاثي والاهتمام بالانتاج بإحياء المشاريع الزراعية. البيان الختامي مجلس شورى (الوطني) قبيل فض جلساته وفي بيانه الختامي دعا إلى ضرورة التأكد من إنفاذ سياسات خفض الانفاق الحكومي عبر إعادة هيكلة الدولة والعمل على سن قوانين لمحاربة تجارة العملة بالسوق الموازي للحد من ارتفاع أسعار العملة، وأوصى بضرورة إنفاذ خطط الدولة في التصدي لعمليات التجنيب في المؤسسات الحكومية، بجانب الاسراع في إكمال ما تبقى من البرنامج الثلاثي بالتركيز على قطاع التعدين وزيادة حجم الانتاج النفطي... المجلس لم يكتف بملامسة الازمة الاقتصادية بل اتجه إلى المطالبة بضرورة وضع خطة أمنية للحد من ظاهرة انتشار السلاح ومحاربة الغلو في الافكار والتطرف عبر انتهاج ما أسماه بالفكر الوسطي.