الحقيقة والإدعاء! أكول: نعم... لي 550 ضابطاً و3 آلاف جندي ولكن(....)! شريلو: لماذا أثارت الحركة الشعبية هذه المسألة الآن؟ وأنا أجلس بقربه في صالة منزله الأنيق، اتصل عليه أحدهم ليتحدث معه في ذات الموضوع الذي جئت من أجله.. استمع إليه لمدة دقيقتين ثم أسهب في الضحك، وقال له "طيب لو قتلوا 200 من قوات لام أكول، الفضل لي لام أكول شنو؟!".. ورغم أن التعليق على محادثة هاتفية يبدو محرجا بعض الشئ.. إلا أنني تجاوزت الأمر وسألته معقبة على ما قال "وهل يعقل يا دكتور أنك لا تملك 200 عسكري؟!". فأجاب بعد أن تحولت الضحكة إلى ابتسامة خفيفة هادئة "ما عندي.. لأني اخترت العمل السياسي وألقيت السلاح جانبا". الحركة الشعبية تدفع بحجج منطقية لاتهاماتها المتمثلة بأن لدى رئيس الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي د. لام أكول أجاوين قوات مسلحة تشن هجمات على الجيش الشعبي بهدف إسقاط دولة الجنوب أو لزعزعة الأمن والاستقرار، وفي ذات الوقت لأكول حجج لا تقل قوة ومنطقا بأن قواته التي اندمجت في الجيش الشعبي عقب انضمامه للحركة الشعبية من الصعب جداً فصلها وإعادتها إليه مجدداً. الخرطوم: لينا يعقوب هذه المرة الاتهام ليس من وزير داخلية الجنوب أليسون منايا مقايا، ولا من قائد الجيش الشعبي.. ولا من رجال السياسة المحنكين أمثال باقان أموم ودينق ألور، إنما اتهام جاء من قبيلة أولاد حميد الرعوية التي تقطن في جنوب كردفان وبالأدق في المناطق المتاخمة على الشريط الحدودي لولاية أعالي النيل. فقبل أربعة أيام فقط شكا مواطنو محلية أبو جبيهة من اعتداءات وعمليات نهب وسلب تقوم بها مليشيات لام أكول، مشيرين إلى أن تلك القوات يصل عددها نحو 500 جندي، يستغلون 40 عربة لاندكروزر محملة بالأسلحة المختلفة، وهذا الاتهام يعيد إلى الأذهان اتهام سابق شنه أولاد حميد قبل خمسة أشهر، ذكروا فيه أن قوات لام أكول (وللمفارقة، وصفوها بالتابعة لحكومة الجنوب) اعتقلت (18) مواطنا من قرى بمحلية أبوجبيهة، وألحقت ب(6) منهم الأذى الجسيم، وأضافوا أن القوات استولت على عربتي لاندروفر كانوا يستغلونها وممتلكات عينية ومبالغ مالية تتجاوز (150) ألف جنيه. مجرد أسئلة؟! مواطنو أبو جبيهة يتوزعون على قبائل نوبية وعربية سودانية مقيمة في الشمال، وهو ما أثار فضولا حول أسباب اتهامهم لقوات معارضة تحارب دولة الجنوب.. وهنا تكمن الدهشة والحيرة وتكثر الاستفسارات والأسئلة.. هل للام أكول قوات؟ أين توجد؟ وماذا تفعل؟ لماذا تعتدي على مواطنين وقرى في الشمال؟ وهل هي قوات مسلحة تؤمن بمبادئ أم مجرد مليشيات تسرق وتنهب؟ وما حقيقة هذا الاتهام؟ من أين جاء ومن الذي وراءه؟ المراقبون والمحللون في الجنوب كيف يقرأون الوضع؟ وإن كان لصاحب التغيير الديمقراطي قوات.. لماذا ينكر؟ وماذا يستفيد؟ أليست القوات إحدى مظاهر القوة؟ فالرئيس سلفا كير فاوض في الجنوب حاملي السلاح ولم يفاوض السياسيين؟ هل يمكن أن يعود أكول إلى الجنوب؟ ولماذا يخشى الاعتقال طالما أن حزبه يمارس عمله بشكل طبيعي في الدولة الوليدة؟. وثائق ومستندات بعد أشهر قليلة من انفصال الجنوب قدم وزير الداخلية آنذاك قير شوانق تقريراً حوى مستندات ووثائق تشير أن للام أكول قوات ومليشيات مسلحة في أعالي النيل، ويعلق على الحدث المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة المصير ميثيانق شيريلو ل(السوداني) من جوبا أن التقرير حينها تضمن اعترافات مسجلة لمسلحين تم القبض عليهم واعترفوا أنهم يتبعون لقوات لام أكول، غير أنه يطرح تساؤلا موازيا في ذات النقط حينما قال "السؤال يكمن في التوقيت، فلماذا لم تتحدث الحركة الشعبية عن قوات لام أكول إلا بعد أن انفصل من الحركة الشعبية ووقع الانفصال؟". ورغم الاتهامات الحقيقية أو المزاعم المغرضة التي تعلنها حكومة جوبا أن رئيس الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي يمتلك قوات مسلحة، إلا أنها لم تُصدر مذكرة اعتقال بحقه، ويقول شريلو: "كان من الأجدى للسلطات أن كانت تملك الأدلة الكافية أن تلاحق أكول قانونيا وقضائيا لأن التقارير الاستخباراتية يصعب تناولها إعلاميا خاصة إن تضمنت معلومات سرية لم تُكشف من قبل للعلن". أكول: (...) هذه كانت قواتي!! بالتأكيد أن د. لام أكول كانت لديه قوات، وباعترافه كانوا 550 ضابطا و3 آلاف عسكري.. ولأن الرجل كان قد انسلخ من الحركة الشعبية قبل الانفصال، فإن أول ما قام به رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت أن أعلن امتلاك لام أكول لقوات ومليشيات تحارب دولة الجنوب، وبالتأكيد أيضا أن اتهام سلفا لم يكن الأول، فمنذ أن أسس الرجل حزب التغيير الديمقراطي التصق هذا الاتهام به، فمنع من ممارسة العمل السياسي بجوبا إلى أن قام برفع شكوى لدى المحكمة الدستورية في عام 2010 والتي حكمت لصالحه (لا توجد دلائل تشير إلى امتلاكه قوات). يقول لام أكول ل(السوداني): "إن فصيله المتحد بعد أن أجرى حوارا مع الحركة الشعبية اتحد معهم وأصبح الطرفان جميعا حركة شعبية، "السياسيون دخلوا السياسة والجنود والعساكر دخلوا الجيش"، ويشير إلى أن 550 ضابطاً و3 آلاف عسكري كانوا منضوين قبل الاتحاد تحت قيادته، ويعضد حديثه أن الفترة التي اندمج فيها الجنود داخل الجيش الشعبي كانت ست سنوات وهي كفيلة وكافية بأن يحدث الاندماج التام.. ويستغرب لام من هذا الاتهام ويقول: "لو أعلنت أنا رفع السلاح في وجه الحركة ربما لانضم إلىَّ الجنود، لكني أعلنت أن أسبابي سياسية وخلافي مع الحركة الشعبية سياسي ولم أقل مطلقا إني سأحاربهم عسكريا". ويؤكد أنه اختار العمل عن طريق البرنامج السياسي السلمي الذي وضعه، ولا ينسى أن يذكر بأن حزبه ليس حزب قبيلة، إنما حزب برنامج، ويقول: "لدىَّ نائبين أحدهما دينكاوي والآخر نويراوي". ويرى المحلل السياسي كيم يوال لوانق أن لام أكول لا يملك قوات بعد أن اندمجت داخل الجيش الشعبي، ويعتبر في حديثه ل(السوداني) أن الرجل الآن مجرد معارض سياسي سلمي، وأن الاتهامات التي تطلق ليست إلا دعايات تمارس ضده، ويشير إلى أن من يحملون السلاح معروفون وقواتهم كذلك معلومة للجميع. تشويه سمعة لام أكول يعتبر اتهامات الحركة بحمله السلاح القصد منها فقط تشويه سمعته كرئيس حزب سياسي، فهو أنسب سلاح يمكن أن تستخدمه الحركة بحقه، ويكشف زعيم التغيير الديمقراطي العلاقة الطيبة التي تجمعه مع قبيلة أولاد حميد، وذلك حينما أقام له الأمير عبدالرحمن حفل عشاء في نادي الضباط بالخرطوم، ويؤكد وجود علاقات ممتازة تجمعه مع قبائل حميد وحوازمة، ويقول لام: "لو كان لدىَّ قوات هل منطقيا أن استخدمها في حق هؤلاء؟، وكيف أقاتل الشمال أن كنت متهماً بمقاتلة نظام جوبا؟!". الرجل في سطور يقول صحفي من دولة جنوب السودان ل(السوداني): "من حق الحركة الشعبية أن تخاف وتحذر من رجل سياسي محنك وذكي قادر على قلب الطاولة في أي لحظة، كيف لا وهو المهندس الكيميائي الذي نال الدكتوراه من جامعة لندن، وهو أيضا صاحب الانشقاقات الشهيرة، فبعد التمرد انضم إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1986 وانشق عنها عام 1990 أسس بعدها حركة الفصيل الموحد المؤلفة أساسا من أبناء قبيلته الشلك، انسحب لام أكول في يوليو 2002 من حزب المؤتمر الوطني الحاكم حين لم يعينه في مكتبه السياسي، وانسحب معه كل من مكي بلايل وأمين بناني، بسبب ما اعتبروه غياب الشفافية وعدم الالتزام بمبدأ الحريات.. بعدها أسس الثلاثة حزب العدالة الذي لم يلبث أن عرف انشقاقا، وفي أكتوبر 2003 عاد فصيله الموحد لينضم وينسق نشاطاته مجددا مع الحركة الشعبية وذراعها العسكري الجيش الشعبي. في يونيو 2009م شكل أكول حزبا سياسيا جديدا أطلق عليه اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان- التغيير الديمقراطي. هو من قبيلة الشلك ثالث أهم قبيلة في الجنوب بعد الدينكا والنوير،