لينا يعقوب لا يحتمل الأستاذ ضياء أن يتأخر إنجاز بعض تكليفاته التحريرية، وتخرج منه عبارة عفوية لطيفة "ما تبقى كائن اعتذاري".. غير أن ذات الأستاذ يرى أن بإمكان الشعب السوداني احتمال مأمون حميدة وعبد الحليم المتعافي فترات غير محدودة بحجة أنهما يملكان رؤية مستقبلية!. نحن نؤمن بأهمية اختلاف الآراء ولا نتشدد.. غير أن ما كتبه الأستاذ حول الصورة الأخرى لحميدة والمتعافي وما دعمه من حجج يستحق الرد والبحث والنقاش!. بلا شك، لا تتسع هذه المساحة الضيقة لذكر أنواع الفشل لكلا الوزيرين، لكننا نقول: "إن حميدة والمتعافي لا يعملان في المجال النووي أو اكتشاف الذرة، حتى إن أخطأ في أحد عناصر المعادلة الكيميائية وجدنا لهما العذر.. هما يرأسان قطاعين بدائيين تقليديين (الصحة والزراعة)، من العيب أن يعانيان في أي من الدول الأخرى هذا التدهور المريع". في ذات الوقت الذي كان الأستاذ بمكتبه ليلا يكتب عموده عن الوجه الآخر لحميدة، توفي أحد مرضى الكلى بعد تعطل جهاز الغسيل لمرتين متتاليتين أثناء دوره، تضاعفت الحالة وأسلم روحه إلى بارئها.. قبل ذلك وبعده، تتردى الأوضاع الصحية، تتعطل الأجهزة، وتختفي الأدوية، يموت البائس الفقير وأيضا محمود عبدالعزيز بأخطاء طبية، ولا أحد يسأل ولا آخر يحاسب!!. ركل ابن عوف وظيفة لندن منذ عقود وعاد إلى الخرطوم ليشيد مستشفى حكوميا متخصصا للأطفال، صارع إلى أن انتزع مجانية العلاج لهم.. بنى المستشفى بعقله وقلبه ويديه.. يحيط بذلك المكان القابع وسط الخرطوم المستشفيات من أي جانب، غير أنه كالجزيرة المعزولة عنهم، بعد أن تمسك بمجانية العلاج.. قرار عزل الرجل، ثم إغلاق المستشفى التي تحمل اسمه هو من نوعية قتل الأحاسيس النبيلة، (فليس بالضرورة أن يكون السعي لكسب المال هو هدف حميدة، إنما أشياء أخرى) هو قطاع بلا خدمات أو معدات أو معينات وحميدة يشغل نفسه بالصراعات. أما البشوش الآخر.. فليتني أعلم أي رؤى يحملها.. ليتني أعلم من ذلك المستفز الذي قال: "السودان سلة غذاء العالم"؟، ها نحن نستورد القمح والسكر والبرتقال والتفاح وحتى الثوم والبصل والقائمة تطول.. يفشل مشروع الجزيرة وحلفا والرهد والسوكي ويشتكي المزارعون ولا حياة لمن تنادي.. ها هو الجراد ينقض على محاصيل الشمالية، فأين كانت وقاية إدارة النباتات يا ترى؟. ينجح المتعافي في مشروع واحد ضمن مشاريع قليلة، فهل يعتبر ناجحا!!. ألم ترَ يا أستاذ ذلك الإعلان حينما التهم المتعافي تلك الفرخة الشهية (المحمرة) ليقنع الفقراء أن الدجاج سيصبح طعامهم؟ أكاد أقسم بالله أنه لم يكن يعلم أنها سترخص، فقد ارتفعت الدجاجة إلى ثلاثين جنيها، فهل إن رحمنا الرب ورخصت الدجاجة نسبنا ذلك إلى المتعافي؟؟!!. العبرة بالنتائج.. يتردد أن أسامة عبدالله يصرع من أمامه وخلفه، غير أنه وزير ناجح فها هي الكهرباء استقرت، للبعض ملاحظات حول طريقة عمل كمال عبداللطيف، لكنه وزير ناجح فها هو يكتشف كل يوم مربعا جديدا مليئا بالذهب والمعادن. نقطة أخيرة محورية.. حينما وجه الأستاذ عبر أعمدة متفرقة، انتقادات لوزير الخارجية علي كرتي وللوزارة نفسها - لحقائق كان يراها - فاتت عليه معلومة مهمة، أن كرتي هو الوزير الاتحادي الوحيد في هذه الدولة الذي لا يتقاضى مرتباً ولا يحصل على نثريات سفر، هو الوحيد الذي لا يركب سيارة الحكومة أو يعمل معه سائق يتبع لها.. وهو الوحيد فيهم أيضا الذي لم يعلن للملأ "أن عينه مليانة وغنيان وما محتاج للقروش"، فهل كانت معلومة مهمة في حينها لعدم توجيه الانتقاد؟!!. لا نتهم أو نقذف أحدا زورا دون أدلة، فلله حسابا عسيرا، كما أننا لا نجمل فشلا واضحا، لا نحب أسامة ولا نكره المتعافي، إنما لأجل الكلمة والحق نكتب ونقول. مسكين أنت يا شعب، فعليك احتمال مأمون حميدة وعبدالحليم المتعافي مئات السنين، فرؤاهما تحتاج لذلك الوقت.. ولنا رب كريم. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته