خبير تربوي نخبة من حملة الأقلام والذين خضبت أكفهم ببقايا الطابشير، جلسوا بأزيائهم الناصعة البياض ساكنين مهمومين، وهم تحت ظل دوحة وارفة، تتقاطر على أذهانهم ذكريات من الماضي في الزمن الجميل، وهم يتفاكرون حول موجعات التعليم، وسبل انقشاعها، وكان كل منهم يتوكأ على عصا عتيقة هرم وضمر ساقها لكنها أعانته على إنعاش الذاكرة المهترئة، بعد أن سحقها الزمن، وبينما هم في هذه المؤانسة التربوية الخشنة، والسمر الفكري البريء، علا صوت مذياعهم المرهق والموغل في القدم والذي اخترق آذانهم المرهفة الناعمة، صوت كاد أن يختنق مدحاً وتمجيداً بالمعلم الذي وضعه شاعر العروبة شوقي بمرتبة الانبياء، كان هو صوت المشير عمر البشير رئيس الجمهورية، وهو يشيد بالمعلم أمام لفيف من وزرائه، كان حماسه دافقاً، وعباراته مفعمة بالصدق والوفاء، تحدث عن دور المعلم في بناء المجتمع Community وصنعه للإنسان السوي القويم، وصقله للأذهان والمواهب، وشحذه للهمم، وتأصيله للإبداع. أخي الرئيس .. إن التعليم قد أصابه الذهول والضمور والجمود، والوهن العضوي، كما داهمته الإبتلاءات، وطوقته النكبات المفجعات التي صنعها الإنسان بنفسه فكادت أن تقذف به في جب الردى!. التعليم والمعلم يطلبان منك أخي الرئيس أن تضعهما في حدقات عينيك والتفاؤل غمر قلوبنا ونحن نصغي بالأمس لحلو الحديث عن المعلم مما دفع بنا لنتطلع لليقظة والوثبة، ونتوق لإرادة سياسية لا يشق لها غبار، تستشعر بالوفاء للوطن والمجتمع والانسان، ولجيل الغد المشرق الوضيء بمشيئة الله، لقد كان تشجيعك وعاطر ثنائك الأدبي والمعنوي والمادي أخي الرئيس قد طبعت البسمة العذبة على الثغور، فهذه مبادرة طيبة نأمل ونرجو نحن المعلمين أن تكون هذه المبادرة انطلاقة تعيد للتعليم بهاءه وحسنه وشموخه بإحياء بخت الرضا وروافدها ولتصبح كما كانت منهلا عذبا لتأهيل وتدريب المعلمين وكما تلاحظ اليوم أنه بغياب بخت الرضا بل اختفائها تعثرت خطى المعلمين، وتلوثت كرامتهم، وخفتت أصواتهم، وانزوت شخصياتهم بعد أن كانوا سادة المجتمع، ونجومه الساطعه، واخترق صفوف معلمينا اليوم أقزام البشر، ضعاف النفوس ومن يدعون الانتماء للمهنة المقدسة، فهي عنهم براء! فأطاحوا بقيم وأهداف التربية التي وضعها عظماؤنا من التربويين Objectives of Education. فانهار الصرح .. واليوم نناشدك أخي الرئيس وأنت في أوج وفائك للمعلم وقمة نشوتك لعطائه الفكري الثر فهو كما تعلم حجر الزاوية Corner- stone للعملية التربوية آمل أن تضع أخي الرئيس المعلم في حدقات عينيك (وعارفنك ما بتقصر)، وأن توجه بوضع المعايير المهنية والاخلاقية Measures . عند اختياره للانخراط في المهنة المقدسة، وبهذا يستقيم عود تعليمنا، ونعيد الثقة التي فقدت اليوم بين المعلم وتلميذه وبين الأسرة والمدرسة. الأخت سعاد عبد الرازق وزير التربية والتعليم الاتحادي عرفناك باستقامتك الفكرية وعفتك المهنية، وانحيازك للمعلم وللمهنة النبيلة، أن تكوني خير معين للأخ الرئيس بإعادة التعليم لسيرته الأولى ألقا وتألقاً، ونحن على ثقة أنك لن تتهاوني في إحياء مجد بخت الرضا وروافدها.. مناهل التأهيل والتدريب.. سعدت أيما سعادة أختي سعاد لقرارك الصائب بتغيير الزي المدرسي الحالي الموحش إلى زي مقبول تربويا يتناسب مع طقس السودان، وتوحيده بكل مدارس الولايات بالتدرج بدءاً من العام الدراسي القادم بمشيئة الله، فقد بح صوتي وسهر قلمي مطالبا بهذا التغيير التربوي، فلك الشكر، لم نسمع صوتا لتوصيات مؤتمر التعليم القومي العام، آمل ألا تلوذ بوادي الصمت كمثيلاتها. ولماذا هذا البطء في التنفيذ وعامنا الدراسي على الأبواب؟ والله الموفق. حسين الخليفة الحسن خبير تربوي ملحوظة: صورتي الحديثة بالكمبيوتر