عندما جاء الدفاع الشعبي قبل عقدين من الزمان كمؤسسة للتربية الجهادية جاء ليلبي أشواق آهل السودان في الجهاد والاستشهاد والرباط، جاء ليُرسي قيم التضحية ومعاني الفداء ويؤصل للأدب الجهادي وجاء رافعاً رايات العزة للأمة فخرج تحت لوائه المجاهدون الأخيار منهم من مضى لله شهيداً ومنهم المنتظرون على دروب المجاهدة والانتصار. وظل المجاهدون في الدفاع الشعبي يمثلون السند الحقيقي للقوات المسلحة السودانية يشاركونها الخنادق ويحملون معها البنادق قابضين على جمر القضية لم تفتر عزيمتهم ولم تلن لهم قناة ولم تنكسر لهم إرادة إنما كانوا فرسانًا في مواجهة العدوان ورهبانًا في محاريب العبادة لم تبهرهم الدنيا ببهارجها ولا السلطة بصولجانها فقد كانوا على العهد بهم صبرٌ عند اللقاء وخفاف عند الفزع. وشكلوا مع القوات المسلحة بنيانًا مرصوصًا في مواجهة تآمر التمرد ومن يدعمه من الذين سعوا لإجهاض مشروع السودان الحضاري والتنموي وعملوا جاهدين لوأد الفكرة وطمس هوية الأمة وإبعاد قِيم الفضيلة في المجتمع ليحلوا بدلاً منها الفوضى الخلاقة وإشاعة الرذيلة والمجون والفجور، لهذا فإن المجاهدين والدبابين من إخوان الشهداء ما برحوا خنادقهم وما ضعفوا وما استكانوا وظلت أياديهم على الزناد. لذلك فإن حلقات التآمر التي ينسجها أعداء الوطن بارتمائِهم في أحضان الأجنبي الذي يوجههم ليصنعوا في وطنهم الخراب وينشروا فيه الفتنة فإن المجاهدين من أبناء السودان أول من سيتصدى لهم ولجبهتهم الثورية التي رفعت العلمانية شعارًا وصاغت وثيقة جمعت لها شُذاذ الآفاق من كل مكان فوقَّعوها بعد أن امتلأت رؤوسهم بالحرام وكانوا في غيهم يعمهون وفي منتجعات كمبالا يترنحون وحزموا أمرهم لإسقاط النظام وإبعاد الشريعة الإسلامية من أن تكون حاكمة في السودان وكتبوا في وثيقتهم الموبوءة عن تغيير جذري للجيش السوداني يريدون أن يستبدلوه بجيش عميل للحركة الشعبية فاقداً للمناعة ضعيفًا مهزومًا بعد أن كان من أقوى الجيوش في العالم العربي والإفريقي، وقالوا في وثيقة فجرهم المظلم إنهم سيقيمون دولة متحررة منفتحة، والتحرُّر عندهم أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ويجعلوا من العاصمة ماخوراً مثل العواصم التي تشرّبوا فيها الخيانة والعمالة، والمجاهدون بكل كتائبهم وألويتهم وقواتهم الخاصة في البرق الخاطف والفرقان وجند الله والطيارين والدبابين والأهوال والخرساء ومسك الختام والقعقاع وألوية الشهداء التي شاركت في المتحركات لواء الشهيد الزبير والشهيد عبد السلام والشهيد إبراهيم شمس الدين والشهيد الكرار والشهيد أحمد البشير وغيرها من السرايا والكتائب من مجموعات السائحون والصادقين والأبرار وألوية الردع لا بد أن يتواثقوا صفاً كأنهم بنيان مرصوص ليردوا على وثيقة الخزي والفجور والظلام بوثيقة ممهورة بعهد الشهداء الذين مضوا بعد أن تركوا ميثاقًا لا تراجع ولا نكوص عنه وألا يخلص للدين والوطن وفي الناس عين تطرف. لا بد من أن تخرج من خنادق المجاهدين واتكاءتهم وثيقة الفجر الصادق والوعد الحق وثيقة لتأكيد الجاهِزية ورسالة لتحالف الجبهة الثورية التي جعلت من كمبالا مركزاً لها. وبما أنني أحد المجاهدين الذين تواثقوا وتعاهدوا على نصرة الدين والوطن وفي أعناقنا بيعة في سبيلها نجاهد ونخاصم فإنني أصالة عن إخواني المجاهدين ونيابة عن نفسي أدوِّن وثيقة الفجر الجهادي لتجيء كالآتي: إعلاء قيمة الجهاد لنصرة الشريعة والوطن وأن تكون جذوة الجهاد مشتعلة في وجدان الأمة وتأكيد الجاهزية لكل مجاهدي السودان بكل شرائحهم وقطاعاتهم من طلاب وشباب وعمال ودعاة وأطباء وعلماء وزراع وحرفيين ومعلمين وغيرهم من قدامى المحاربين وأهل السبق للتشكيل في كتائب ومعسكرات الدفاع الشعبي. إعلان التعبئة وفتح معسكرات التدريب وتسخير الإمكانات للمجهود الحربي وإعداد الكتائب وتأهيلها وتوفير كل احتياجاتها لتكون سنداً للقوات المسلحة لضرب أوكار العدو المتربص بأمن واستقرار وهوية الوطن. إيقاف كل أشكال التفاوض مع الحركة الشعبية التي تأوي وتدعم ما يسمى بقطاع الشمال والجبهة الثورية وسد كل منافذ الدعم التي تصل لهم. تحريض المجتمع السوداني على تقديم الدعم العيني والمادي للقوات المسلحة والمجاهدين وتسيير قوافل زاد المجاهد ودعم المجهود الحربي واستنفار الخيرين ورجال الأعمال والشركات والبنوك والقطاع الخاص للمساهمة والمشاركة في النفرة الكبرى. تبصير المجتمع بخطورة وثيقة الفجر الكاذب وما تتضمنه من بنود تنادي بفصل الدين عن الدولة وإسقاط النظام لتحل بدلاً منه الفوضى والعمالة والارتهان للأجنبي. إعلاء قيم الشهادة في سبيل الله وما أعده الله للشهداء من حياة كريمة في جنات الخلد والنعيم ثم تكريم أسر وأبناء الشهداء وإكرام الجرحى والمعاقين في العمليات بتوفير أسباب الحياة الكريمة لهم. تفعيل منظمات العمل الوطني والجهادي ومدها بكل وسائل الحركة والاتصال لتؤدي دورها في تحريض واستنفار وتعبئة الأمة للذود عن كرامتها ومكتسباتها وثوابتها. ترقية السلوك وتزكية الوجدان بإرساء ثقافة الجهاد والأدب الجهادي وروح التضحية والفداء في الأمة لإعلاء معاني الولاء لله وللوطن في مواجهة التحديات والمؤامرات التي تحيكها الدوائر الصهيونية وعملاؤها من العلمانيين والطائفيين. القضاء على كل مظاهر الجهل والأمية وبث الوعي في المجتمع واستنهاض الهمم وإحياء معاني النفرة والاستنفار.