دفعت حمير الولاية للانتحار... النمِتّي...حكاية حشرة حيرت (العدو والصديق)..! الولاية الشمالية: قذافي عبدالمطلب تنفس سكان الولاية الشمالية الصعداء مع قدوم الرياح الأخيرة التي أزاحت عنهم كابوس حشرة النمتي أو (حشرة العذاب) كما يطلق عليها هناك والنمتي حشرة صغيرة كانت تظهر في موسم اللقوحة -(تلقيح النخيل)- وتختفي بانتهاء الموسم لكنها في السنوات الأخيرة تخلت عن ارتباطها بالموسم وتحل قبل موعدها بشهور ضيفاًً ثقيلاًً. طلائع جيوش: الحاج أمين حسين قال ل (السوداني) إن طلائع جيوش النمتي ظهرت في يناير الماضي غير أن موجات البرد حدت من حركتها ونشاطها ومع ارتفاع درجات الحرارة في فبراير استعادت الحشرة حيويتها وغزت المزارع والقرى بكثافة عالية وتسببت في الكثير من الأضرار. إعاقة عمل: في ذلك المكان، يحرص القرويون على وضع ناموسية مصممة لتغطي كامل الوجه وتتدلى على الصدر والظهر للحيولة دون وصول الحشرة المتناهية الصغر إلى العيون والفم والأنف وهي أعضاء الجسم التي تستهدفها هجماتها ويعدد السكان أضراراً كثيرة للنمتي يمكن تصنيفها بأنها اجتماعية وصحية لكن أبرزها الاقتصادية حيث تعيق عمل المزارعين بالذات خاصة وأن نشاطها يزداد ضراره في ساعات الصباح وتتراجع في ساعات منتصف النهار لتعود وتصل ذروتها في الأمسيات وهي ذات الأوقات التي يقصد فيها المزارعون مزارعهم للعمل. ناموسية رأس: عزم الدين عثمان كان مشغولاًً بحصاد الفول ومعتمراًً (ناموسية للرأس) بدت لوهلة غريبة علينا، لكننا عرفنا سرها عندما التقيناه حيث قال: إن النمتي يحد من حركته كثيراً لأن الناموسية التي تفرضها علينا تقلل من الرؤية وتبطئ من سرعة العمل والحشرة نفسها تسبب الكثير من الإزعاج والأمراض ويضيف: (أنا شخصياً بتقوم لي حساسية الصدر التي أعاني منها إلى أن تختفي الحشرة). حساسية وكدا: ويؤكد مساعد الطبيب محمد سعيد ما ذهب إليه عزم الدين ويقول إن الحشرة مسؤولة عن الكثير من الأمراض المنتشرة في القرى كحساسية العيون والجلد والتهابات العيون لكنه قال إن الأمر يحتاج إلى دراسات متخصصة للإحاطة بكل المرتبات الصحية للحشرة. انتحار (الحمير): ويبدو أن وطأة أضرار الحشرة على الحيوان أثقل فمجالس القرى تتحدث عن أبقار أجهضت وحمير انتحرت ورمت بنفسها في النيل مفضلة الموت غرقاً على الحياة مع النمتي ويصف الحاج أمين ما يتردد في المجالس بأنه أقرب للواقع ويقول إن الحيوانات لا حول لها ولا قوة أمام هجمات الحشرة خاصة الحمير التي تعاني عندما تتوغل الحشرة في تجاويف أذنها الضخم أو في أنفها ونحن من تجاربنا نعلم أن الحمير لا تحتمل بقاء الحشرات حتى على ظاهر جسمها وتطردها دائما بذيلها وتحريك رأسها وبالتأكيد فإن وصول النمتي إلى أعضاء حساسة كالأنف والأذن يصيبها بالجنون ولا استبعد مطلقاً أن يصل بها (الضيق) إلى الارتماء في النهر ويضيف ضاحكاً لكنني بالتأكيد لن أجزم بأن ما أقدمت عليه انتحار مع سبق الإصرار. فوائد غير مرئية: عذاب النمتي يطول حتى بني جنسها، والقرويون يقولون إنها تطرد الذباب إلى داخل الغرف وفي ساعات وهذه حقيقة لاحظتها (السوداني) في ساعات ذروته، فنشاط النمتي يجعل الذباب يتراجع ويقل وجوده في المساحات المفتوحة وتزداد كثافته داخل الغرف المغلقة المعتمة التي لا يقربها النمتي ويلجأ إليها الناس، ورغم الأضرار الكبيرة التي تسببها الحشرة إلا أن الناس هناك خاصة كبار السن يتحدثون عن فوائد غير مرئية لها أهمها أنها تساعد في تلقيح النخيل بنقلها لحبوب اللقاح من شجرة إلى أخرى. تلقيح نخيل: في الختام يقول ل (السوداني) الحاج أمين أن النمتي حشرة هشة تتأثر بأحوال الطقس فسريعاً ماتنشط عندما يكون معتدلاً وتختفي عندما ترتفع درجات الحرارة أوتنخفض لكنها تظهر مجدداً عندما يلائمها (الجو) وهي أيضاً تختفي ليلاً وتعاود الظهور قبيل شروق الشمس كبار السن يقول أنه يساعد في تلقيح النخيل ويؤكدون أنها تنقل حبوب اللقاح من نخلة إلى أخرى لكنهم أيضاً رغم ذلك يشتكون من طول فترة بقاء الحشرة التي ظهرت منذ أكثر من ثلاثة شهور ولا زالت توجد بكثافة.