.مأمون حميدة مأمون حميدة وزير الصحة الجديد في ولاية الخرطوم أكاديمي ورجل أعمال ومقدم تلفزيوني معروف – لكن ما لا يعرفه الناس عن هذا الرجل هي تلك الفترة من حياته العملية التي تولى فيها منصب مدير جامعة الخرطوم عامي 91 و92 و93 ربما – لست متأكدا من التواريخ باليوم والشهر حتى أكون واضحا. كنا طلابا يومها وكانت الجامعة تعيش احتقانا بين الاتحاد والإدارة – دعا الاتحاد لمقاطعة الامتحانات أوائل عام 92 – في هذه الأجواء الملبدة عين حميدة مديرا للجامعة – وقد دخلها كما الحجاج بن يوسف يوم ولي أمر العراق وخطب في أهله خطبته الشهيرة من فوق منبر مسجد في الكوفة متوعدا ومنذرا بشر لم يساور اهل الكوفة حتى في كوابيسهم. تعامل حميدة مع الطلاب بقسوة وخاض معركة العمر لافشال مقاطعة الانتخابات وقد نجح لكن بتكلفة عالية وعقوبات طالت كثيرا من نوابغ الطلاب وبدلت مسار حياتهم الى اليوم – كانت قراراته نافذة وسريعة وقد حرم مجموعة من طلاب الصف الاول في العلوم من الالتحاق بكليتي الطب والصيدلة رغم ان نتائجهم كانت تؤهلهم لذلك وذلك لاسباب سياسية بحتة. وهناك مئات الحالات في كليات اخرى يمكن لاصحابها ان يدلوا بدلوهم. لم يعمر حميدة طويلا في جامعة الخرطوم التي تخرج منها وعمل فيها لسنوات – خرج اثر خلافات مع وزير التعليم العالي حينها البروفيسور ابراهيم احمد عمر وقد نشر الرجل جانبا من تلك المعركة في الصحف اظهر فيها دفاعه عن تدريس الطب باللغة الانجليزية وحرصه على الجامعة ومكانتها وغير ذلك – مقابل تمسك عمر بالتعريب والتأصيل في اطار ما سمي انذاك بثورة التعليم العالمي. هذا الحرص لم نلمسه ابدا ابان ازمة مقاطعة الانتخابات - يومها كان حميدة وفيا لقرارات الانقاذ الثورية غير الآبهة بشيء حتى وان كان حكم التاريخ. يعود حميدة اليوم الى العمل العام – يعود من منصة رجال الاعمال الناجحين باستثمارات ضخمة في التعليم الطبي والمستشفيات – لذلك ربما نفهم مبادرته بالاستغناء عن السيارة الحكومية والتبرع براتبه لاطفال المايقوما – سنراقب اداء حميدة في وزارة الصحة بولاية الخرطوم - سنفعل انا والاف من طلاب جامعة الخرطوم في تلك السنوات العصيبة لاسباب تخصنا وتخص نظرة بعض المسؤولين للعمل العام والخلط الذي عرفته البلاد في اوائل التسعينات بين الشدة غير المبررة والادارة باعتبارها خدمة تؤدى للشعب دون من أو أذى – نتمنى النجاح لمامون حميدة في موقعه الجديد فالخدمات الصحية في الخرطوم والسودان ككل تعيش اسوأ مراحلها.