الأوقاف ..أطراف عديدة ومتهم واحد ! تقرير: لينا يعقوب هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته أحداث قتل، ملفات فساد، تحطم طائرات، وقضايا أخرى، تصدرت عناوين الصحف خلال سنوات وشهور عديدة مضت، جذبت أعين القراء وأصابتهم بالخوف.. حركت أجهزة الدولة وضاعفت من جهود المسؤولين، اشتركت تلك الملفات في شيء واحد، أو بالأدق في تصريح وردة فعل واحدة وذلك بعد مرور (24) ساعة فقط من إعلان الحادثة على وسائل الإعلام.. "تم تشكيل لجنة تحقيق للوصول إلى الحقيقة وتقديم المتهمين للعدالة". لكن في الحقيقة، قلما ندر، أن تواصل القضية مجراها إلى أن تصل إلى أروقة المحاكم، ليندر أيضاً أن تتوصل المحاكم إلى حكم في قضية قبل أن ينساها الزمن. لكن بالأمس.. أعادت محكمة اختلاسات المال العام قضية تصدرت عناوين الصحف وشغلت الرأي العام، خاصة أن أصحابها أو من تحدثوا فيها مثل د.الطيب محمد مختار، خليل عبد الله، خالد سليمان وغيرهم كانوا يجاهرون برأيهم، ويتهم كل واحد منهم الآخر. ملف معقد قضية تجاوزات الأوقاف، كانت أشبه بالفيلم الهندي، لا تدري متى ينتهي ولصالح من، في كل فصل من فصوله تظهر أحداث ووثائق وأسماء جديدة.. طبيعة القضية المعقدة والعصية على فهم البعض جعلت الناس يتخذون موقف الحياد دون إصدار أحكام والاكتفاء بالاستماع. كان أول من فتح النار وتحدث عن الفساد في هذه القضية هو الأمين العام السابق للأوقاف د.الطيب مختار، الذي لم يترك شاردة ولا واردة إلا وكالها للوزير السابق خليل عبد الله، في سابقة كانت غريبة من نوعها، غير أن الأغرب كان صمت وزير الإرشاد على الاتهامات التي تطوله من الطيب مختار الذي هدد في الصحف بفتح بلاغات في مواجهته، وبعد أن صمت طويلاً جاء خليل في قبة البرلمان ليفتح ناراً أقوى، وأعلن عن ما أسماها تجاوزات خطيرة على الأوقاف خاصة في المملكة العربية السعودية لتدخل القضية إلى أروقة المحاكم، ويعلن المراجع العام لمحكمة جنايات الخرطوم شمال، عن وجود اختلاسات بوزارة الإرشاد والأوقاف بمبلغ (1.4) ملايين ريال سعودي تحصل عليها أمين الأوقاف بالخارج(السعودية ) خالد سليمان عن طريق التلاعب في المستندات الرسمية. ويكشف المراجع العام أن اللجنة المشكلة من القنصل العام للسودان بجدة وبرئاسة السفير عصام خليل وثلاثة آخرين من القنصلية لحصر الأموال الثابتة والمتحركة، أن المتهم تحصل على الأموال عبر دفعات بطلب من أمين عام الأمانة القومية، للتصديق له بسلفية مستردة لأمانة الأوقاف بالخارج التي مقرها جدة، على أن يقوم بإعادة المبلغ فور الحصول على إيرادات الأوقاف بالمملكة السعودية، ووقع على شيكات باسم الهيئة القومية الإسلامية وحولها لمنفعته الشخصية بالإضافة إلى صكوك ل(19)عقاراً تضم عمارات وأراضي بقيمة (353)ألف جنيه سوداني ،مشيراً إلى أن المتهم خلال الست سنوات الماضية رفع تقارير وخطابات غير صحيحة وبيانات غير حقيقية لوزير الإرشاد والأوقاف الأسبق، وقدم مستندات من نظار سعوديين عن أوقاف ليست لحكومة السودان دخل بها، مضيفاً أن التقارير أثبتت أن المتهم تحصل على صكوك وتعويضات نقدية قدرها (90) مليون ريال سعودي كتعويض، و(17) عمارة وقطعة أرض وحوالي (55) صكاً أصلياً، بالإضافة إلى حصوله على صك من بيت القائد ب(14) مليون ريال سعودي ،وقدم المراجع عدداً من المستندات تؤكد صحة ما قاله. أطراف واتهام هكذا كانت تسير القضية.. الاتهام يوجه إلى شخص واحد رغم كثرة الأطراف التي تدلي بأقوالها في القضية، حيث كانت أسماء خليل عبد الله، أزهري التجاني، والطيب مختار، عبدالمنعم أحمد وخالد سليمان وآخرين ترد ضمن تقارير المراجع العام، ويقول مصدر فضل حجب اسمه ل(السوداني) إن القضية استغل فيها عدم إلمام الناس بالأوقاف وتحميل المسؤولية لأشخاص ينفذون ما يطلب منهم بينما تترك الرؤوس الكبيرة المدبرة للعملية. أما الأمين العام السابق لديوان الأوقاف د.الطيب مختار فيؤكد في حديثه ل(السوداني) أن وجود الأوقاف وحقيقتها لا تعني أنها تحت الجهات المعنية بالأوقاف، مشيراً إلى أنهم لم يتمكنوا من استرداد الوقف من وزارة المالية التي كانت بيدها السلطة، ويعيد ويذكر مختار أن المسؤولية تقع على عاتق هيئة الحج والعمرة التي كانت مسؤولة عن الأوقاف، لأن هيئة الأوقاف تكونت عام 2009، ويشير إلى أن هيئة الحج وضعت خطة وميزانية معينة حيث طلبت من خالد سليمان استرداد الأوقاف على مرحلتين ويضيف مختار أن خالد قام بالمرحلة الأولى حيث استرد الصكوك وهي عبارة عن أراضٍ (فاضية) أو منزوعة، وعمارات قديمة أو متهالكة بينما لم يتمكن من المرحلة الثانية وحول رأيه بحكم المحكمة، قال مختار إنه يحترم قرارها لكن رغم ذلك فهو متأكد بأن خالد برئ، مشيراً إلى أن الحكم ليس نهائياً ومن حق المتهمين استئنافه. نطق المحكمة كان المراقبون للقضية يتوقعون أن يتم الحكم فيها خلال هذه الأشهر، فبعد أن تمكنت القضية من الدخول إلى محكمة اختلاسات المال العام ، واستمرت لفترة طويلة، أصدر القاضي مولانا اسامة حسن عبد القادر أمس حكماً بالسجن عشر سنوات على المنسق العام لأوقاف جمهورية السودان بالخارج بالإضافة إلى إلزامه برد المبلغ المعتدى عليه والبالغ قدره 3.657.705 ريالات سعودية و65 ألف جنيه سوداني .وقال رئيس نيابة الأموال العامة مولانا هشام عثمان في تصريح لوكالة السودان للأنباء أن المحكمة أكدت في حكمها أنه ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المتهم بدد وحول لمنفعته الشخصية المبلغ المذكور. وأضاف أن المحكمة أكدت أيضاً أنه ثبت لديها أن المتهم حول بعض المبالغ لمصلحته الشخصية وبدد بعضها بالصرف بسخاء وبحجة استرداد أوقاف ضائعة لصالح حكومة السودان فيما ثبت أن بعض الأوقاف موجودة بالفعل تحت يد حكومة السودان وبعضها لا علاقة له بالسودان. وأشار إلى أن المحكمة رأت أن تشديد العقوبة على المدان لازم لأن المال العام موضوع الدعوى مال عام وأن الاعتداء تم في وزارة مناط بها تبصير المواطنين بالأحكام الشرعية "لأن الفعل معصية فى موطن الموعظة " . وقال إن المتهم تمت إدانته تحت المادة 2/177 من القانون الجنائي لسنة 1991م والمادة 29 من قانون الإجراءات المالية والمحاسبية مبيناً أن نيابة الأموال العامة تولت التحري في الدعوى ومثلت الاتهام أمام المحكمة برئاسة المستشار أبوبكر فضل الله وكيل نيابة الأموال العامة فيما مثل الدفاع عدد من المحامين. أوقاف مهملة يقول الوزير السابق خليل عبد الله إن كثرة الوكلاء على الأوقاف السودانية بالسعودية تسبب في أضرار بالغة أهمها توقف العمل في وقف أبوذر «بجوار الحرم بالمدينة المنورة» والذي كان ممولاً من بنك التنمية الإسلامي بجدة، وتوقف العمل في مقر قنصلية السودان بجدة والتي أخرجت منها القنصلية لتوفر تمويل لتشييدها من بنك التنمية الإسلامي أيضاً، إلا أن البعض يشير إلى أن الأوقاف كانت متضررة أصلاً ولم يلحقها ضرر جديد، لأنها منذ أن كانت وقفاً في المملكة لم يحدث لها تطوير أو شيء إيجابي!. وكانت القضية قد انطلقت في أغسطس من العام الماضي بعد اتهام المراجع العام بالخرطوم عبد المنعم عبد السيد، الذى قال إنّ المتهم بدد المال العام بالصرف على عبد الله بشير السحيمي، وثبت من خلال المراجعة أنها لم تسلم له. بجانب مبلغ «65» ألف ريال سعودي بشيك مالي كذلك باسم السحيمي، وصُرفت له نقداً بواسطة المتهم واضاف إنهم بدأوا المراجعة في سبتمبر من عام 2011م بموجب خطاب من المراجع العام بمراجعة حسابات الهيئة العامة للحج والعمرة التي كشفت عن وجود اختلاسات ترجع لأعوام سابقة. وأشار المراجع إلى أنه اتضح بعد المراجعة أن شركة السحيمي قد أقرَّت أثناء إجراءات التحري باستلامها المبلغ مقابل تسليم الطرف الأول الذي قام بتسليم أوقاف سودانية ضائعة «صكاً أو نقداً» ولم تسلم أية عقارات ملموسة أو مبالغ نقدية معروفة، وأضاف المراجع أنه بحسب إفادة السحيمي أنه سلم الصكوك لبعض العقارات، وذكر أنه وباستجواب المتهم خالد أنها سُلِّمت للناظر لاستكمال بعض الإجراءات بالمحكمة الشرعية.