محمد عبد العزيز مدخل: وقائع هذه القصة تُشابه ما حدث أو قد يحدث بالسودان، ولكن مع ذلك نؤكد ألا علاقة لها بالواقع. (1) لم يكن يتوقع ما حدث، لكنه كان ينتظر ذلك ويحلم به، صلى لله كثيراً قبل أن يجلس في ترقب، وقلبه يخفق بشدة، لم يمضِ وقت طويل حتى ظهر مقدّم البرنامج المحبوب ليعلن من الفضائية الشهيرة عن موعد إعلان اسم الفائز بمسابقة المليون دولار، والتي لا تستلزم كثيرَ جهدٍ سوى الاتصال برقم عالمي. مضى الوقت بعدها طويلاً أو هكذا خُيَّل له، قبل أن يظهر رقمه على الشاشة وينطق المذيع في ذات الوقت باسمه. (2) لم يعد بعدها بشيء لفترةٍ قصيرةٍ بَدت كغفوة خفيفة، قبل أن ينتزعه صوت الهاتف ليجد أنها مكالمة من الخارج تبشره بالجائزة، وصوت المذيع المحبوب يهنيه على الهواء بفوزه بالجائزة، لهج لسانه بشكر الله والقناة، بل وامتد شكره لبتاع الطبلية التي يبتاع منها كروت الشحن للمشاركة في المسابقة. (3) استقبل الجمهور خبر فوز مواطنهم بمزيج متابين من المشاعر، والحسد بطبيعة الحال كان مسيطراً على البعض لدرجة أنهم قللوا من المبلغ، بينما كان هناك من يطمع في مقاسمة الفائز جائزته أو حتى الحصول على مائة دولار. في تلك الأثناء ظهر مسئول غير نافذ ولكن عينه على الجائزة وصرح في الفضائية الرسمية عن أن هذه الجائزة تندرج في إطار الربا الممحوق، وابتسم أمام الكاميرا في إشارة ذات مغزى. (4) صبيحة اليوم التالي تدافع عشرات المهنئين نحو الفائز مباركين وطامعين، لتُذبح الذبائح ويوزع البارد والحلوى، ودون مقدمات قطعت الأجواء الاحتفالية عربة حكومية تقدمت منها ادعت أنها مسؤولة النفايات وأنها حضرت لتحصيل رسوم نفايات المليون دولار، تراجع الفائز للوراء قليلاً ليمتص الصدمة قبل أن يعدها بدفع الرسوم لاحقاً حالما يستلم الجائزة الدولارية، ابتسمت في وجهه ورحلت. (5) ما إن حل موعد صلاة الظهر، حتى تفاجأ الفائز فور خروجه من المسجد بشخص يعتمر عمامة وتسيطر على ملامح وجهه لحية طويلة يقترب منه ويقول له، إعلم يا أخي أنك شاركتَ في (ميسر)، لذلك يتوجب عليك أن تتوب إلى الله وأن تترك هذه الأموال المحرمة. قبل أن يتحرك الفائز عنه قليلاً تفاجأ بموظف حكومي يقترب منه ويقول له إعلم أننا في الضرائب قد اعتبرنا فوزك بالجائزة بمثابة دخل شخصي لذلك فيتوجب عليك أن تدفع 7% من قيمة الجائزة للضرائب، كما يجب عليك أن تدفع للزكاة ما قيمته .... (6) قبل أن يكمل بنود الصرف الحكومي التي يتوجب عليه دفعها ولَّى مدبراً ولم يعقب، دخل منزله مسرعاً، طرد المحتفلين، وتوارى عن الأنظار. لاحقاً نشرت الصحف أن المواطن الفائز غادر لاستلام الجائزة ولم يعد، وأن الحكومة طلبت توقيفه بواسطة الإنتربول أو استلام حقوقها المادية، صحف معارضة أشارت لاحقاً إلى أن المواطن بدل جنسيته ولم يعد أبداً.