ثعلبان لا يلتقطان ما يلتقطه كتاب عابري السبيل كمال حنفي والبطل.. وأفكار قارعة الطريق! هاشم كرار الأفكار، في قارعة الطريق (على قفا من يشيل)، وأجمل الأفكار على الإطلاق، تلك التي لا يلتقطها العابرون!. قلت ذلك لصديقي اللدود، محمد هديب. رسم ابتسامة مشاغبة، وقال: "على فكرة.. حتى هذه الفكرة التقطها الكثيرون من عابري السبيل! كان الحديث- يدور بيني وبين هديب- عن الفكرة، والكتّاب الثعالب. اتفقنا: الكاتب الثعلب، ليس مثل بقية المارة، مجرد عابر سبيل. ضرب هو- هديب- مثالا: "أحدهم- يا صاحبي- حسن البطل.. كاتب ثعلبي.. صيّاد بشكل مخيف، في صحيفة (الأيام) الفلسطينية. و... راح يحكي عنه، بحب وفير: " البطل، لا يصطاد الفكرة التي قد أصطادها أنا، أو تصطادها أنت.. هو يتركها لأمثالنا، ويصطاد فقط، ما لا يخطر على بال"! صديقي هديب، حين يحكي- حتى عن الموز بالملح- يحبّبُ إليك هذا الموز بالملح، لو كنت أنت ذلكم الرجل الذي سأل من كان يقشر الموز، يغمسه في الملح، ينظر إليه في ضيق واشمئزاز، ثم... ثم يرمي به من نافذة القطار! النكتة قديمة جداً: سأل صاحبنا- صاحبنا الذي هو ليس أنت- من كان يقشر الموز، يغمسه في الملح، ثم ينظر إليه في ضيق، قبل أن يرمي به من نافذة القطار: " يا..يا سيدي، لماذا تقشر كل موزة.. تغمسها في الملح، ثم تنظر إليها باشمئزاز، وترمي بها من الشباك؟" لم يبتسم صاحبنا. فقط راح ينظر إلى السائل، بتأفف، قبل أن يقول وقد رسم في وجهه، كل تعابير الاشمئزاز التي كان يدخرها، للإجابة عن هذا السؤال: " لأنو أنا – يا سيدي- لا أحب الموز بالملح"!! أرجعُ لصديقي هديب، وكان لا يزال يتحدث: إنني يوميا- أول ما أفتح الإنترنت- أفتحه على صديقي الثعلب، الصيّاد حسن البطل! جملته تلك، أعادت إلى ذهني جملة، كنتُ قد قلتها في إجازتي الأخيرة بالسودان، عبر الهاتف، لرجل كتّاب جداً.. رجلٍ اسمه كمال حنفي. - يا كمال، إنني لم ألتقك وجها لوجه، ولا أنت التقيتني وجها لوجه أيضا، لكنني والله أفتتح بك يومي الإلكتروني! سألت هديب: " أتعرفه؟ هديب، بالطبع لم يكن داخل جمجمتي، حين رحتُ أنا أتذكرُ أنني كلمت كمال حنفي. انتبهت إلى ذلك. ألقيتُ على السؤال- سؤالي لهديب- ضوءا كاشفا، وأعدته: ": أتعرفه.. كمال حنفي، الذي يكتب في (الرأي العام) السودانية (إلا قليلا)؟ وأرى صديقي اللدود جهله برجل (إلا قليلا). وأرى جهله بابتسامة حزينة، تشبه ابتسامتي تلك التي واريت بها جهلي بالكاتب الصيّاد، حسن البطل، في ( الأيام) الفلسطينية! اتفقنا (حتى يصير المرء صديقا لمن يجهل) أن أدخل إلكترونيا، على البطل، ويدخل هو- هديب- على كمال حنفي. في المساء، راح هديب يتحدث، بابتسامته المشاغبة، ويداه الاثنتان، ورجلاه أيضا.. يتحدث كله، عن الثعلب كمال حنفي، وكيف أنه لا يلتقط الأفكار التي يلتقطها عابرو السبيل، من الكتاب! - هذا رجل مجنون جدا يا زلمة! هكذا قال هديب.. - أولم أقل لك ذلك، يا زول؟ هكذا، ألقيت عليه بالسؤال، أنا! و.. هكذا، صار صديقي اللدود، يبدأ يومه ببهجة ما يصطاده الثعلب كمال حنفي، وما يصطاده الثعلب الآخر، حسن البطل.. وهكذا، صرتُ مثله أنا أيضا.. أبدأ يومي بابتسامات مشاغبة جدا، من الاثنين- حنفي والبطل.. وهكذا، أسسنا نحن الاثنين معا- أنا وهديب- لمقولة جديدة.. مقولة: " المرء، يمكن أن يصير صديقَ من كان يجهل"!