في أعقاب دفن جسد طاهر كان يحمل روحاً عزيزة لاحظت عقب أداء صلاة الجنازة أعداداً كبيرة من عربات مظللة ، وبرصدي لأصحاب تلك العربات وجدت معظمهم من الإسلاميين ، الاسلاميون الأصلاء ، قراء المودودي ، وأهل حسن البنا ، الأكثر فتنة بسيد قطب ، دعاة الشريعة الإسلامية الصريحة التي لا لبس فيها ولا التباس ، إسلاميو التكبير إذا ادلهت الخطوب ، والتهليل إذا ابتسمت الأيام وقضت وطراً ، إسلاميو (جزاك الله خيراً) إذا احسنت، ولعنة الله عليك إذا خالفته الرأي ! امتطي كل إسلامي صناجة عربته المظللة وضرب الفجاج ، يرانا ولا نراه ! (العربية) صيغة مؤنثة فهل يحرص الإسلاميون بهذه الخلفية الأنثوية على ركوب (عربة محجبة) ؟!! لاحظت عربة شديدة التظليل، بدنها وافر ومن ذوات الثدي الذي تكلله انوارها الامامية سائقها من إسلامي كلاسيكي . من تقطيبة الوجه ، حتى الجوارب التي ينتعلها مع الجلابية .لاحظت انها ليست محجبة فحسب من كثافة التظليل ، هي قطعا (منقبة) لأن صاحبها حرص على حجب كل مفاتنها وانحشر بداخلها وناء بكلل ! أزعجتني تلك المشاهد واخافني أكثر تحليلي العارض لعلاقة الإسلاميين بالعربات علي خلفية صيغة المؤنث ، لكن ما اخافني أكثر أنني تذكرت أن مقاهي الخرطوم كانت تمتلئ قبل عامين (بالشيشة) وهو دخان لا يذهب العقل لكنها الآن ممنوعة تماماً بعد أن خضعت لجدال فقهي واف مر (بالتفسير والاجتهاد والقياس ) ! لكي اختبر حقيقة التظليل واستيقن هل هو حق عام أم خاص بالإسلاميين ، قمت صباح اليوم التالي بتظليل عربتي ، وكان المظلل ماهراً ، كساها وغطاها ودثرها ، وعالج بمكر بسمة من ثغرها الامامي كي لا تفتن الناظرين ، انحشرت مثل ذلك الرجل الذي قابلته في المقابر ، وحين أدار سائقي العربة واشعل التكييف مسني من نسيم الألوهة برق خفيف حتى أحسست بأني سواي ! الناس اشباح، والركشات معيز بلا اصحاب ، اوساخ الطريق تظهر بوضوح مع التظليل بصورة لم يتعودها نظري قبل أن أظلله ، السائق ذاته تضخم وتورم وخاطبني ب (شفتا كيف يا فردة) فتضخمت أنا بدوري وفصلته في لحظتها ! أحسست بذات جديدة متورمة ومتكورة وسعيدة بأن السائق كان مذعناً رغم أنه مفصول ، وكانت سعادتي أكثر حين بدأ الاعتذار لي بكلمات سوقية هي من صميم ثقافته الدارجة ، في تلك اللحظة كادت أن تصطدم بنا عربة غير محتشمة من ماركة (كلك) رسخت في قناعتي أنها ذات منشأ علماني !! أوقفنا شرطي الحركة وطلب إذن التظليل الذي لم أستخرجه من الأصل و(عينك ما تشوف إلا النور ) ذهب بنا للملازم الذي لم أشأ أن اقول له انني بصدد (أستوثاف) يختص بجدل التظليل . هل هو عام أم خاص بالإسلاميين ؟ وهل له روافد فقهية أم من النوافل ؟ وهل يندرج في أطر الجندر وهل يتم استيفاؤه بتراتبية تكبير / تهليل/ تظليل . دقق الملازم في وجهي ، وأمرني بنزع التظليل والعودة الحميدة لنفسي مع تغريمي اربعة إيصالات !! محمد محمد خير