أنا إن نسيت فلن أنسي تلك اللحظة التي قابلني فيها الأخ الشيخ عثمان الهادي _ وكان وقتها المسؤول الأول في شركة شيكان للتأمين وإعادة التأمين_ ثائرا مواجها لي _ بعنف_ متسائلا ، عن سبب كتابتي عن تأمين الحجاج، وإجابتي التي كانت أشد عنفا: لأنه حرام، ثم سؤاله الذي معناه: هل الحرام عندنا بس؟، وإجابتي: ياشيخنا ما لا يدرك جله لا يترك كله، الحرام راقد ، لكن نبدأ بيكم! تلك مرحلة مضت وحادث مرّ بخيره وشره ، لكن الحوار الذي فجر هذه الثورة من شيخ عثمان ورد الفعل من قبلي لمّا يزل مستمرا ، وينتظر الإجابة! يا شيوخنا الكرام: تأمين الحجاج الذي تقوم به شركات التأمين عندنا حلال أم حرام؟ لقد أجيز التأمين على الحياة _إسلاميا_ بعد دخول شروط عليه تمثلت في الآتي: رضاء المشترك، وهذا يعني تنازله طائعا مختارا عن ماله لصالح التكافل بينه وبين إخوانه، فإذا أخذ بإذعان أو بغير رضاه أصبح حراما فلا يجوز أخذ مال امرئ من غير طيب نفس، وكذلك التصرف في الفائض من المال بعد انتهاء العملية، وهذا يعني أن يرجع الفائض للمشتركين أو يتنازلوا عنه بطوعهم واختيارهم وحالتهم المعتبرة شرعا وقانونا، وإلا فهو حقهم ويحرم التصرف فيه وكل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ، ولا يحق للسلطان أخذ مال الناس بغصب أو بجهالة! إذا اختلّت هذه الشروط، أصبحت المعاملة ذات صيغة غير إسلامية، هكذا قال علماء التكافل الإسلامي وبه أجيز صيغة من صيغ المعاملات الإسلامية. مبلغ علمي _ والله أعلم_ أن ما يتم عندنا تأمين إجباري على الحياة تنتفي فيه صيغة التراضي ولا يرجع الفائض للمساهمين فإن كان الأمر كذلك فإنه يتحتم السؤال _ ياشيوخنا_ هل هو حلال أم حرام؟ لقد كتبت قبل سنين عن هذا الأمر_ كما هو واضح في مدخل المقال_ وزدت على ذلك أن اجتهدت مع إخوتي في صحيفة (الحياة)، فتابعنا الموضوع حتى أدخلناه مجمع الفقه الإسلامي، وكان الوزير _ وقتها _ أزهري التجاني يقوم بدور هنا وهناك لا نستطيع الجزم به، لكن نتيجته أننا ما وجدنا فتوى واضحة حتى مات الموضوع وقتها! ونحن على أبواب الحج _هذه الفريضة الطيبة التي لا يقبل الله فيها إلا طيبا_ فإنني أقول واستنادا على فتوى العلماء ذوي التخصص في التأمين والتكافل الإسلامي: إن تأمين الحجاج، إذا لم يراع فيه الرضا والتصرف في الفائض حرام بّين لا اشتباه فيه. وأزيد: إن بإمكاننا أن نجعله حلالا وفق إجراءات صحيحة متمثلة في خطوات ميسرة تحتاج لصدق وجدية وورع ، وإلى ذلك الحين، أتقدم بسؤال مباشر للأخ الشيخ العالم العلامة الحبر الفهامة الدكتور عصام أحمد البشير أتمنى أن يجيب عليه من منطلق مسؤوليته بمجمع الفقه الاسلامي_ ولو بموقعه بالفيسبوك الذي أنا أحد أصدقائه فيه_: هل تأمين الحجاج الممارس حاليا_ أكرر الممارس حاليا_ عندنا في شركات التأمين السودانية حلال أم حرام؟ أفيدونا أفادكم الله فأنتم حرّاس الدين في هذه الثغرة وليحذر أحدكم أن يؤتى الدين من قِبَله!