قديما كانت السرقات الأدبية تحتاج مجهودا كبيرا للغوص في اضابير الكتب للاختيار من كنوزها ما يستحق ويمكن سرقته، ثم الاجتهاد في اخفاء آثار السرقة بقناع (توارد الخواطر) و(وقع الخطى)، وذاك جهد قد يوازي الجهد الذي لو توكلت وعزمت لأخرجت من نخاشيش دماغك ما هو خير من ما سرقته ثم لا يكون مثله، ولكن حديثا اتاح فضاء الاسافير من النصوص السايبة ما يغري بالسرقة فكل ما يحتاجه الامر قص ولصق واضافة توقيعك على شقاء غيرك .. من أطرف المواقف التي مرت بي في هذا المجال أن أحد القراء أرسل إلى رسالة يحكي فيها عن موهبته في الكتابة الساخرة، ويتمنى عليّ أن امد يد المساعدة بأن انشر له في زاويتي واحدة من تجاربه أن حازت على اعجابي، وعندما فتحت الملف المرفق فوجئت بمادة (تحت السرير) التي كتبتها بنفسي وقامت صحيفة حكايات بنشرها وتداولتها المواقع والمنتديات الاسفيرية معّرفة باسمي ورسمي الشهير ب (توبي البمبي) !! نقلها ب (صمّتا) ولم يكلف نفسه مشقة تغير الاسم أو حتى الفونت المكتوبة به !! بحكم العدد الكبير من الاصدقاء والصفحات والقروبات الكثيرة التي اتابعها، تتيح لي صفحتي على الفيس بوك يوميا أن أكون شاهد عيان على حركة اللفح الاسفيري المتفشية بين رواد (كتاب الوجوه) .. يقوم أحدهم بكتابة فكرة أو خاطرة بعد عصر الدماغ وهرش الوجدان، وقد يقتبس مقطعا من قصيدة او قطعة ادبية او معلومة وينسبها لصاحبها الاصلي ثم يطرحها على صفحته، وخلال ثوان أجد نفس المعلومة تتقافز أمامي من شتى الصفحات دون أن يتكبد مقتبسوها مشقة نسبها لصاحبها الاولاني أو حتى التاني .. من ضمن ذلك اللفحي النضيف صادفت أحد الأصدقاء ينشر على صفحته قصة عن زفة عروس داخل تابوت، وكيف انه قد حضر زفافا قامت فيه نسوة متشحات بالسواد بمرافقة نعش لداخل قاعة افراح مصحوبا بموسيقى جنائزية ليوضع في المنتصف فيأتي العريس ويقوم بفتح الصندوق وتقبيل العروس المسجية داخله فتخرج وتتحول الموسيقى لفرايحية، وذلك كناية عن أن العريس قد ايقظ الأميرة النائمة من ثبات العزوبية الطويل !! استوقفتني الحكاية فظللت ارجع لمتابعة التعاليق المستنكرة والغاضبة، والتي عبّر بها القراء عن مستوى الاستلاب والتقليد الذي اصاب السودانيين في مقتل .. حقيقة انتظرت من كاتب الحكاية أن يتداخل مع اصدقائه ويوضح لهم أن القصة منقولة من احد المواقع الخليجية، وانه اوردها (مثلا) من باب مناقشة الظواهر السالبة في المجتمعات العربية، فقد كان الاقتباس واضحا لانه لم يكلف نفسه بتغيير صيغة الكلام المكتوب بلهجة اهل الجزيرة العربية، بالاضافة لاستحالة أن توافق أسرة سودانية على زفة ابنتها داخل تابوت !! هو ذاتو التوابيت الفاخرة دي ببيعوها وين ؟ الشي التاني ليس من ثقافة الحزن عندنا لبس السواد فنحن نحد على الموتى بالابيض !! والموسيقى الجنائزية دي كانت جلالات يعني ؟؟؟ المهم لشدة استيائي من تهمة الجهللة والسطحية التي الصقت بالسودانيات، كتبت تعليقا لصاحب البوست وطلبت منه أن يوضح لمتابعيه أن الواقعة غير سودانية وانه قد قام باستيرادها من احد المواقع الخليجية من باب الونسة وطق الحنك .. الغريبة أن الطين زاد بله عندما قام موقع اخباري سوداني شهير بلفح البوست الملفوح اصلا دون أن يستوثق منه، ووضعه عنوانا رئيسيا يحكي عن زفة السواد داخل التابوت للعروس السودانية .. ثم زاد الطين بلتين عندما لفح الموضوع احد الصحفيين ودبج مقالا كاربا في صحيفة واسعة الانتشار، عن ما وصل اليه الحال في الاعراس السودانية مستدلا بما جاء في الموقع الاخباري الذي نقل الكلام من صاحبنا في الفيس بوك !! مخرج: لو حاول احد اللفحنجية أن يستوثق من المعلومة قبل لفحها والقيام بها، واستعان بصديقنا العزيز قوقل لوجد الحقيقة دون تدليس ولا تلبيس .. فعندما كتر عليّ الغبن قوقلت في محرك البحث كلمة (عروس في تابوت) فجاءني ما يلي: (في احدى قاعات الأفراح بالرياض...اهل العروس يزفون العروس الى زوجها في تابوت ..حدث في قاعة نيارا للاحتفالات بالرياض ، وكالعادة فعندما تدخل العروس إلى القاعة يتم إطفاء الأضواء ..إلى هنا والأمر طبيعي جدا لكن المصيبة عندما فتحت الأضواء ، وجد الحضور أربع نساء متشحات بالسواد يحملن تابوتا ترقد العروس فيه، وسط صيحات العويل والصراخ والبكاء والنحيب .... إلخ مخرج: الحادثة سعودية وليست سودانية وحصلت في مدينة الرياض وتحدثت عنها جميع المنتديات السعودية والخليجية في استنكار .. كمان جابت ليها زفة توابيت ؟؟ ناقصين انحنا اوشاعات وشيل حال ؟ يزفوكم بالكيتة يا بركة الله !!