سجل السفير جوزيف ستافورد القائم بالاعمال الأمريكي زيارة كريمة لي في المنظمة السودانية للحريات الصحفية. لقد كانت زيارة خفيفة وجميلة ... مثل خفة ورشاقة وجمال الشعب الأمريكي ... هذا الشعب الظريف الواضح والحر ... شعب متواضع غير متكبر ... ومكافح وعبقري ... في الحقيقة لدي إعجاب قديم بقصة إستقلاله من الاستعمار البريطاني و"حفل الشاي في بوسطون" في 1773 والذي كان شرارة ثورة التحرير. بل قد استمعت وحفظت اغاني ثورة التحرير عن ظهر قلب ثم ادمنت اغاني الريف الأمريكي وخاصة "جوني كاش" وصممت منهجا لتدريس المخاطبة الإنجليزية على أغاني جوني كاش! أمريكا تشبه السودان لأن المجتمع أقوى من الدولة ولأن كلا البلدين مزيج وارض هجرات جماعية استطاعت الأجناس والاعراق فيه أن تختلط وتتمازج وتتعايش ... الذي يميز أمريكا هو انها اكتشفت النظام السياسي الذي يناسبها ونحن ما زلنا في الطريق. أمريكا شعبا وأمة محل إحترامنا وتقديرنا ... اما الإدارة الأمريكية والكونغرس فهي "متغيرات" وليست ثوابت ... الثوابت هي العلاقات بين الشعوب. كلمتي في استقبال السفير الأمريكي شملت هذه المحاور: الترحيب بزيارته وبحركته في المجتمع المدني السوداني ... لأن هذه الحركة تجعل أمريكا تسمع أكثر من السودانيين ودونكم كأفضل مثال لذلك زيارته لخلاوي الشيخ الكباشي وما سمعه حول موقف الصوفية من "الجنائية" و"الشريعة" وغير ذلك من القضايا التي تستخدمها بعض جماعات الضغط الامريكية لتأزيم العلاقات بين البلدين ... ولذلك من المفيد جدا أن تنفتح السفارة على كل السودانيين وتسمع منهم بدلا من أن تستمع وتتحاور مع مجموعات محددة وذات أجندات موجهة. الإدانة القاطعة والواضحة لأي اعتداء أو مساس بالسفارات والدبلوماسيين المواطنين الأمريكان والأوربيين وكل الأجانب في السودان ... إنني أعتقد أن الاعتداء على من جاءوا للسودان بإذن وموافقة القانون الوطني السوداني يعتبر جريمة في حق الشعب السوداني قبل أن تكون جريمة في حق الشعب الأمريكي أو الألماني او غيرهما ... إن ما حدث قبالة السفارتين كان خطأ كبيرا لا يليق بأخلاق السودانيين ولا تبرره أي مبررات دينية أو عاطفية ... والسؤال هنا ... هل يرضى السودانيون أن يحدث هذا لسفاراتهم ومواطنيهم في الخارج؟! الموافقة على التعاون بين السودان والشركاء الدوليين في قضايا حقوق الإنسان ولكن وفق ندية تماثلية ... نحن في أفريقيا لدينا "الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" ... هذا الميثاق لا يتناقض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولكنه يربط حقوق الإنسان بالسياق الإفريقي ... لدينا تجاربنا كسودانيين وكمسلمين في المزاوجة بين إرثنا وثقافتنا وحقوق الإنسان ونؤمن بالشريعة الإسلامية لأنها مؤسسة على رفض إنتهاكات حقوق الإنسان وتعبر عن حماية الحقوق تحت عنوان حماية الضرورات الخمس وهي (الدين والنفس والعقل والنسل والمال). المطالبة بإطلاق سراح السودانيين المعتقلين في غوانتانامو ... أحدهما فقد عقله بسبب ما تعرض له في السجن ... والآخر تقول أسرته أنه أجبر على الاعتراف حتى ينال حكما مخففا بالسجن ثلاث سنوات ثم يطلق سراحه. طالبنا السفير بتسليم رسالتنا كمنظمة مجتمع مدني سودانية تنوب عن عدد من المنظمات الوطنية في الدفاع عن الحقوق والحريات ... هؤلاء أولادنا وأبناء السودان ومن العار كل العار أن نتعاون مع الأمريكان دون أن نطالب بحقوقهم بالصوت العالي وندين الاضهاد والقمع والتعذيب الذي تعرضوا له ... سنطالب ونروي قصتهم هنا وفي امريكا!