ذات زيارة له للهند وقف الرئيس إسماعيل الأزهري أمام رهط من الهنود وقال ممتدحاً السينما الهندية في ذلك الأوان (إن ابني محمد شاهد فيلمكم جانوار عشر مرات!).. كان فيلم جانوار مانفستو العشق العذري في ستينيات القرن الماضي فقد شاهده كل ذي صبابة وغنى. كان الزمان غير هذا الزمن وكان الناس كالحناء (يشيلو على الهبشة) والأمكنة كانت أثيرة فهل أتاك غناء الكاشف (حلاة الجمعة يوما وحلو شمبات مقيلا) او تصادحات القرشي للبان جديد او (ضيعني ساكن الموردة) هذا بحسب (جدي العزاز الجيدو قزاز وياعزاز أنا نومي خزاز) وطف (بفريق القلعة). واعتدل واطمئن وأنت تقف أمام عبير تلك الأمكنة ومايسح من سيرتها العذوبة والشعر الذي كان يتسقط أسرارها: لك يا قضارف روعة تركت شعبا النفس سكرى وتأمل توفيق صالح جبريل في كسلا التي أشرقت بها نار وجده فكانت بالحق جنة الإشراف في ذلك الصباح الندي الذي حل فيه توفيق لحديقة العشاق واذهب إلى مليط واحصد حياك مليط توب العارض الغادي وجاد واديك ذي الجنات من واد وكان للأمكنة في ذلك الأوان العذوب راياتها الجمالية (ظبية المسالمة – بيكي الفريق نور يا ست بنات بارا – واللوري تشيل منو غير بنات نوري تشيل منو- ويا بدور القلعة وجوهرا- وجوبا مالك عليا) كان لا بد لشامي كابور أن يتغلغل في وجدان شعب بكل تلك الحمولة الرومانسية فقد كان سلطان الممثلين العشاق وتلقاه شعبنا بذلك الوجدان الخصيب تلقياً عفويا فصارا مثل (التبشة اللقت الرمال)! وحفظ الناس أغنيته التي كان يتوسل بها (لسبنا) حتى صارت (ميري مهبه) في مقام (لحظك الجراح) وتنادى في زمن شامي كابور الهنود لبلادنا اتذكرون محلات (بومبي بازار) وعبق الصندلية الهندية وتلك (السرتية) التي تسوّد الخضاب فتكمل هيئة اللون الأسود الجميل لون الليل على ما أذكر مثلما يقول أمير العشق الشعري العذري عالم عباس ؟! رحل شامي كابور ولم تعد الأمكنة في بلادنا تتضوع بتلك الرائحة وتبدل كل شيء فما الناس بالناس الذين عرفتهم ولا الدار بالدار التي هي أعهد!