يحمد للسيد الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي لموافقيه ومخالفيه الرأي أنه شخص مرتب جداً، ويمتلك قدرة فائقة في تقديم الوصفات للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية..إلخ، وهو متفرد بأنه يطرح المشكلة ويقدم لها الوصفة العلاجية وليس مثل كثيرين من السياسيين يكتفون بالنقد والهجوم على خصومهم دون تقديم الحلول. والمهدي يعتبر ملك الأرقام، مثلاً يمكنك أن تقدم له الدعوة للعشاء فيقول لك أنه يوافق لثلاثة شروط، أولها أن يكون العشاء صحياً وخالياً من الكرستول، وثانياً أن يكون الجود بالموجود، وثالثاً أن يكون في وقت مبكر من الليل، وهكذا هو حال الحبيب الإمام مرتب جداً في أطروحاته. آخر نشاط للرجل كان مشاركته في ندوة عن مكافحة الإيدز نهاية الأسبوع الماضي، دعا فيها إلى تكوين مجلس قومي لمحاربة الإيدز بمشاركة كل منظمات المجتمع المدني، وشدد على تيسير الزواج للشباب بأن لا يتعدى العقد والإشهار، مضيفا أن تعسير أمر الزواج جعل النساء يصرخن من (البورة ) وجادت قريحته بأبيات تقول (نحن البايرات يا جماعة .. ولي الله أيدينا بنرفع .. شعارنا عريس متواضع .. يا حي يا رازق أسمع .. ما همنا حفلة وشيلة .. بي حاجة قليلة بنقنع). الإمام في دعوته تناول مشكلة (البورة) وقدم لها الوصفة العلاجية بتيسير الزواج، ولقد وجدت دعوته هذه ارتياحاً واسعاً وسط الباحثات عن الزواج أكثر من الشباب، والحق يقال (البنات مقتنعات لكن البقنع الديك منو؟)، إحداهن (عاجباها نفسها شديد)، ولها شروط صعبة في شريك حياتها أبسطها (عربية وشقة وشغالة) وشعارها (بصوم لكن ما بفطر على بصلة)، و(ما زالت صائمة ومنتظرة هلال العيد الذي رفض الظهور)، و(مسكينة بقت البصلة ما لاقياها). قالت لى أخرى لا تتفق معها: (والله كتر خيرو الإمام الزول الوحيد الحاسي بينا وبمشكلتنا، لكن والله الشباب ديل كلامو دا ما بحرك فيهم ساكن لأنو قلوبهم ماتت)، ودخلت معها في نقاش مستفيص عن أنه ربما العطالة وعدم وجود فرص عمل جعلا أمر الزواج في آخر أولويات الشباب، فانفعلت بشدة: (يا خي ديل للأسف العرس ما طارنو، تقول لي الظروف هو أسع في بت قاعدة تقول دايرة ولا دايرة، عليك الله خلينا). وجدت أن حديثها به مبررات ربما مقنعة تكشف عن عزوف الشباب عن الزواج، ولكل أسبابه المقنعة، وغير المقنعة، أحدهم ظل لعشر سنوات عاطلاً عن العمل، وكلما التقي به والده في مجمع أسري (يجيب ليه سيرة العرس، والموضوع دا بقى يتوتر منو جداً)، وأخيراً وجد مخرجاً من هذا المطب الذي ظل يضعه فيه والده كلما وجد لمة من الأهل، فيقول: (والله الولد حيرنا عديل عايز يعرس متين ماعارف)، فرد عليه (إنت يا أبوي أنا قلت ليك عندي موقف مبدئي من العرس أسع دي أديني أربعين مليون بكرة بعرس)، فانقلب السحر على الساحر، فصمت الأب وغير (النغمة طوالي ومن ديك وعيك). وشعار العريس المتواضع الذي رفعه الإمام سيكون شعار المرحلة (للبايرين والبايرات)، لأن البورة ليست حصرياً على البنات فما أكثر البايرين، وكلمة متواضع دي مقصود بيها (الشباب المفلسين، عشان الناس بالها ما يمشي بعيد، والبنات يركزن على (الشباب المرتاحين ومتواضعين)، في الحالة دي يكونوا بالغوا عديل وسيطول الانتظار إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها).