شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    شاهد بالفيديو.. بعد غياب طويل الفنانة شهد أزهري تعود للظهور بفستان مفتوح من الصدر ومثير للجدل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق أمريكية عن عبود (13): انقلاب شنان أسبوع صراع العسكريين على حكم السودان
نشر في السوداني يوم 31 - 08 - 2013


وثائق أمريكية عن عبود (13): انقلاب شنان
أسبوع صراع العسكريين على حكم السودان
تمرد شنان وعبد الله لأن عبود لم يدخلهما المجلس الأعلى
اعتقال عبد الوهاب، ثم الإفراج عنه، ثم إعادته إلى المجلس الأعلى، ثم عزله
فشلت خطة عبد الله خليل: عزل عبود عبد الوهاب، وتمرد على المهدي
هل كان عبد الوهاب زوج بنت عبد الله خليل؟
واشنطن: محمد علي صالح
هذه هي الحلقة رقم 13 في هذا الجزء من الوثائق الأمريكية عن السودان. وهي كالآتي:
وثائق الديمقراطية الأولى، رئيس الوزراء اسماعيل الأزهري (1954-1956). وكانت 25 حلقة.
وثائق الديمقراطية الأولى، رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). وكانت 22 حلقة.
وثائق النظام العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، آخر سنة كشفت وثائقها). وكانت 38 حلقة.
هذه وثائق النظام العسكري الأول بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وستكون 25 حلقة تقريبا.
وبعدها، واخيرا، وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريبا. إن شاء الله.12
------------------------------
في هذه الحلقة، انقلاب شنان. أو محاولة انقلاب شنان. خلال اسبوع، تنافس كبار الضباط على من سيحكم السودان. حدث ذلك بعد اربعة شهور فقط من الانقلاب الذي قاده عبود.
خلال اسبوع، رغم بيانات عبود للاذاعة والصحف أن "الوضع مستتب"، وان هناك "مجرد خلافات بسيطة بين كبار الضباط"، اهتز السودان، بينما العسكريون يتنافسون في من سيحكمه.
خلال اسبوع، تعارك العسكريون، وهددوا بعضهم البعض، ثم تصالحوا. ولكن، لفترة قصيرة...
----------------------------
اول تغيير:
6-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... حسب اعلان حكومي صدر اليوم باسم الفريق ابراهيم عبود، صار المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتكون من الآتي:
الفريق ابراهيم عبود. اللواء أحمد عبد الوهاب. اللواء محمد طلعت فريد. الأميرالاي أحمد عبد الله حامد. الأميرالاي أحمد رضا فريد. الأميرالاي حسن بشير نصر. الأميرالاي أحمد مجذوب البحاري. الأميرالاي محي الدين أحمد عبد الله. الأميرالاي محمد أحمد عروة. الأميرالاي المقبول الأمين الحاج. الأميرالاي عبد الرحيم محمد خير شنان... "
(يوم 17-11، يوم انقلاب عبود، وحسب الأمر الدستوري رقم (2)، كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتكون من 13 شخصا:
الفريق ابراهيم عبود. اللواء أحمد عبد الوهاب. اللواء محمد طلعت فريد. الأميرالاي أحمد عبدالله حامد. الأميرلاي أحمد رضا فريد. الأميرالاي حسن بشير نصر. الأميرالاي أحمد مجذوب البحاري. الأميرالاي محمد نصر عثمان. الأميرالاي الخواض محمد. الأميرالاي محمد أحمد التيجاني. الأميرالاي محمد أحمد عروة. القائمقام عوض عبد الرحمن صغير. القائمقام حسين على كرار).
(في وثيقة السفارة الأميركية، يتكون المجلس الجديد من 11 شخصا. لكن، الأمر الدستوري رقم (4) الذي اصدره عبود بعد انقلاب شنان وعبد الله، يوم 4-3، اعلن أن المجلس الجديد يتكون من عشرة اشخاص:
اخرج عبود ستة: الأميرالاي أحمد عبد الله حامد. الأميرالاي محمد نصر عثمان. الأميرالاي الخواض محمد. الأميرالاي محمد أحمد التيجاني. القائمقام عوض عبد الرحمن صغير. القائمقام حسين على كرار.
وادخل عبود ثلاثة: الأميرالاي محي الدين أحمد عبد الله. الأميرالاي عبد الرحيم محمد خير شنان. الأميرلاي المقبول الأمين الحاج.
بهذا، يكون السفير الأمريكي اخطأ، ولم يخرج الأميرالاي أحمد عبد الله حامد).
رأينا (رأي السفير الأمريكي):
اولا: ابعد عبود مؤيدين لعبد الوهاب، ولكن ليس عبد الوهاب نفسه.
ثانيا: ادخل عبود الأميرالايين (شنان وعبد الله) اللذين قادا تحركات يوم 2-3، وكانا اعتقلا عبد الوهاب وبعض مؤيديه.
ثالثا: ابقي عبود قائد القيادات الذي، رغم انه لم يشترك في التمرد الانقلابي، ينتمي لطائفة الختمية (الاميرلاي حسن بشير نصر).
رابعا: صار واضحا أن حل عبود هذا حل مؤقت. ويهدف إلى تهدئة الأمور، وعدم اراقة دماء. ورغم أن عبود اضعف اعضاء طائفة الأنصار في القوات المسلحة، لم يتخلص منهم نهائيا.
سادسا: يبدو أن السيد عبد الرحمن المهدي، راعي الأنصار، قبل تعديلات عبود على مضض. ويوجد احتمال كبير بانه سيغير رأيه..."
-----------------------------
ثاني تغيير:
9-3-1959
من: وزارة الخارجية
الى: السفير، الخرطوم، وسفراء في المنطقة
"... حسب معلومات وصلت الينا اليوم هنا، اعلنت اذاعة امدرمان الآتي:
اولا: كانت هناك خلافات في الرأي وسط كبار الضباط العسكريين الذين يحكمون السودان حول "مواضيع داخلية بحتة." ونتيجة لذلك، استقال اعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ثانيا: رأي الفريق عبود انه "من الحكمة دعوة قادة القوات المسلحة إلى اجتماع في الخرطوم." ووافق الاجتماع على تشكيل جديد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ثالثا: "بعد اداء القسم، قرر اعضاء المجلس الجديد اعفاء اللواء أحمد عبد الوهاب من وظيفة عضو في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الداخلية والحكومة المحلية." وقرروا "احالته إلى المعاش بمعاش كامل."
رابعا: قبل اللواء عبد الوهاب "القرار بروح وطنية عالية، وتضحية شخصية تستحق التسجيل للتاريخ." وايضا، "سيعود الأعضاء الجدد في المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى وحداتهم العسكرية لتسليم مهامهم، ثم العودة إلى الخرطوم... "
----------------------
ثالث تغيير:
9-3-1959
من: وزارة الخارجية
الى: السفير، الخرطوم، وسفراء في المنطقة
"... في تغيير جديد في قيادة حكم السودان، اعلنت اذاعة امدرمان التغييرات التالية:
اللواء أحمد مجذوب البحاري: وزيرا للداخلية. اللواء محي الدين أحمد عبد الله: وزيرا للمواصلات. اللواء عبد الرحيم محمد خير شنان: وزيرا للحكومة المحلية. اللواء المقبول الأمين الحاج: وزيرا بلا وزارة...
بهذا تأكدت نهاية الرجل القوي في حكومة عبود العسكرية: اللواء أحمد عبد الوهاب، نائب القائد العام، وعضو مجلس قيادة الثورة، ووزير الداخلية والحكومة المحلية..."
-------------------------
عبدالوهاب:
10-3-1959
من: ستيوارد و روكويل، قسم الشرق الأدنى، الخارجية
الى: راونتري، مسئول الشرق الأدنى، الخارجية
صورة الى: السفير، الخرطوم
"... هذا ملخص تحليلاتنا للتغييرات في قيادة حكومة الفريق عبود في السودان:
اولا: عبد الوهاب هو "صن أن لو" (زوج بنت عبد الله خليل، أو اخ زوجة عبد الله خليل). وهو من كبار مؤيدي حزب الأمة والانصار في القوات السودانية المسلحة. ولا شك أن عزله يعني انخفاض قوة هؤلاء في القوات المسلحة.
ثانيا: حسب معلوماتنا، البحاري، وربما ايضا شنان، من مؤيدي السيد علي الميرغني وطائفة الختمية.
ثالثا: حتى اذا لم يكن البحاري وشنان من مؤيدي الميرغني، لابد انهما محايدان اكثر من عبد الوهاب.
رابعا: لكن، عزل ثاني اهم رجل في الحكومة يدل على أن الحكومة تواجه، أو ستواجه، مشاكل اكثر.
رابعا: حتى قبل عزل عبد الوهاب، جمعنا معلومات عنه بأنه قوي، ونشط، وقادر، وذكي، وحازم. لكنه غير محبوب داخل القوات المسلحة. وللموضوع صلة بالمنافسات، والمناورات والتحالفات، والحسد، وسط كبار الضباط. وقال لي السفير البريطاني في الخرطوم أن أحمد خير، وزير الخارجية، قال له إن عبد الوهاب، نعم، غير محبوب داخل القوات المسلحة. ولهذا السبب، لم يتحمس السيد عبد الرحمن المهدي والانصار، للدفاع عنه... "
(سؤال:
هل كان عبد الوهاب زوج بنت عبدالله خليل، أو اخ زوجة عبدالله خليل؟ هذا ما جاء في هذا التقرير من وزارة الخارجية في واشنطن إلى السفير الأمريكي في الخرطوم؟
قال الأخ مهدي داؤود الخليفة، زوج نادرة عبد الله خليل، ووزير الدولة في حكومة الصادق المهدي، وعضو البرلمان في الديمقراطية الثانية، والمقيم في واشنطن، ورئيس حزب الأمة في الولايات المتحدة، انه اتصل مع عديله اللواء والسفير السابق ميرغني سليمان خليل، ابن أخ عبدالله خليل، وزوج ابنته الكبرى سالمة. واوضح ميرغني أن عبد الله خليل كان تزوج في بداية حياته من صفية، عمة اللواء أحمد عبدالوهاب، ولم يرزقا بجنين.
وقال الأخ مهدي إن العلاقة بين "البيه" واللواء أحمد عبد الوهاب كانت "متينة، وقوية، لاسيما أن أحمد اشتهر بالشجاعة، والإقدام. وهي ذات الصفات التي كان يتحلى بها البيه عبدالله خليل.")
----------------------------
القنصل الياباني:
11-3-1959
من: السفير، القاهرة
الى: وزير الخارجية
صورة الى: السفير، الخرطوم
"... امس جاء إلى السفارة سيمو تانيتاني، قنصل في سفارة اليابان في القاهرة. جاء مع اغلاق السفارة، أو بعد ذلك بقليل. قال انه سيسافر إلى الخرطوم، لاول مرة، ليكتب عن التطورات هناك، لان السفارة اليابانية في القاهرة تمثل اليابان في الخرطوم.
يبدو عمره خمسين سنة تقريبا. قصير وبدين قليلا. يرتدي نظارات. يتكلم انجليزية مقبولة. قال انه يشرب الكحول نادرا. ويدخن السيجار كثيرا.
عندما قدم نفسه لموظف الاستقبال، ورغم تأخر الوقت، رحب به، واعد له مقابلة الدبلوماسي ديكمان.
وهذا ما كتب ديكمان:
"رحبت به. وقال انه يريد أن يتحدث عن التطورات الأخيرة في السودان. واقترحت عليه أن نتقابل في شقتي في مساء نفس اليوم...
لم اقدم له غير المعلومات المسموح بتقديمها إلى الصحافيين، وهي كالآتي:
يوم 2-3، وقع انقلاب عسكري في السودان. لم يكن بتأثير خارجي، ولكن لاسباب داخلية. قلل الانقلاب نفوذ انصار الإمام عبد الرحمن المهدي في القوات المسلحة.
لا نعرف الخطوة التالية للمهدي وطائفة الأنصار.
في الجانب الآخر، اذا لم يؤسس العسكريون الجدد الذين دخلوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة (شنان، عبد الله، الحاج) تأييدا قويا لهم داخل القوات المسلحة، واذا لم يؤسسوا تأييد قويا لهم وسط الشعب السوداني، لن يدم بقاؤهم طويلا في المجلس العسكري الأعلى.
بالنسبة للدول الخارجية، ربما يرى المصريون والروس أن هذه التغييرات ستكون في مصلحتهم. اذا ليس لسبب آخر، لسبب تخفيض نفوذ انصار المهدي. وذلك لسببين رئيسيين:
اولا: بالنسبة للمصريين، يوجد الاختلاف التاريخي مع آل المهدي (قضى الإمام محمد أحمد المهدي على الاحتلال التركي المصري للسودان سنة 1885).
ثانيا: بالنسبة للروس، يقع آل المهدي في خانة "الرجعيين"، حسب مذهبهم الشيوعي. ولهذا، لابد أن يرحبوا بهذه التغييرات في السودان...
هذا ما قلت للدبلوماسي الياباني...
واختتمت بالقول إن الوقت مبكر لمعرفة نتائج هذه التغييرات..."
-----------------------------
عبود:
11-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... في اول تصريح صحافي بعد محاولة الانقلاب، قال امس الفريق عبود لصحيفة "السودان الجديد" إن الحكومة الجديدة "لن تتخلى عن السياسات الداخلية والخارجية التي اعلنتها حكومة الثورة (ثورة 17 نوفمبر)... "
وقال، امس ايضا، لصحيفة "الزمان": "الآن وقد استقر الوضع، بهذا اؤكد أن نظامنا مستقر استقرارا كاملا، وانه يتمتع بتأييد الشعب السوداني الذي كان اعلن تأييده لثورة القوات المسلحة (ثورة 17 نوفمبر)...
رأينا:
اولا: ظلت الصحف السودانية التي يسيطر عليها نظام عبود تنشر ما تريد الحكومة نشره. وخاصة بيانات من اللواء طلعت فريد، وزير العمل.
ثانيا: في تعليقات هذه الصحف دعوات لحل المشاكل حلولا سلمية. وتجنب اراقة الدماء.
ثالثا: يكفى العمل الصحفي في ظل حكومة عسكرية. لكن، عندما يختلف الحكام العسكريون، تجد هذه الصحف نفسها في وضع لا تحسد عليه... "
----------------------------
تحليل الخارجية:
11-3-1959
من: قسم الشرق الأدنى، الخارجية
الى: السفير، انقرة
صورة الى: السفير، الخرطوم
"... ردا على طلب الخارجية التركية منكم عن رأينا في التغييرات الأخيرة في السودان، تقدرون على أن تقولوا لهم الآتي:
اولا: انخفض كثيرا دور الإمام عبد الرحمن المهدي وطائفة الأنصار وحزب الأمة في قيادة السودان، وربما سيستمر هذا الوضع لفترة من الزمن. وكان هؤلاء في قيادة حكم السودان منذ الاستقلال. كانت تقارير قالت إن عبد الله خليل، رئيس الوزراء الذي عزله عبود، اتفق مع عبود ليقوم عبود بالانقلاب العسكري. ثم يعلن عبود أن الإمام المهدي سيكون رئيسا لجمهورية السودان. الآن، حدث العكس. وها هو عبود يبرهن على انه ليس اقل ذكاء من عبد الله خليل. وها هو حلم عبد الله خليل يتبخر مع حرارة الخرطوم الجغرافية والسياسية. سقط نجم حزب الأمة. وربما لسنوات كثيرة قادمة...
ثانيا: الذين يقولون إن الحكومات العسكرية تمتاز على الحكومات الديمقراطية التي تضعف بسبب المنافسات بين الأحزاب، والسياسيين، والمناورات، والخداع، والاكاذيب، لا يقولون إن العسكريين انفسهم يمكن أن يتنافسوا، ويتناورا، ويخدعوا، ويكذبوا. وما فعل الضابطان شنان وعبد الله في السودان مثال على ذلك. دفعتهما المنافسة، والحسد، وحب الحكم. ونحن متأكدون بأن هذه ليست نهاية المسرحية...
ثالثا: بسبب وجود جمال عبد الناصر في مصر، وتحالفه مع روسيا، وزيادة قوة الشيوعيين واليساريين في المنطقة، يمكن أن يساعدهم عدم الاستقرار في السودان، وخاصة المنافسات والتقسيمات داخل القوات المسلحة. هذه نقطة مهمة يجب وضع اعتبار لها في تخطيطاتنا الأستراتيجية في المنطقة..."
---------------------------
شنان:
16-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... نشرت صحف الخرطوم اول بيان علني من الأميرلاي شنان، بعد أن دخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وصار وزيرا للحكومة المحلية. وهذا ملخص ما قال:
اولا: "هدف حركتنا هو تحقيق تطلعات الشعب السوداني."
ثانيا: "لا ندعم سياسات حكومات سابقة، ولكن تطلعات الشعب السوداني."
ثالثا: "سننظر في مطلب كل سوداني، ونوليه كل العناية، حتى نكفل له العدل والمساواة."
رابعا: "لن نسأل اي مواطن عن انتماءاته السابقة، إلا اذا عارضت هذه الانتماءات سياسة الحكومة... "
--------------------------
عبدالله:
20-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... في مقابلة اليوم مع صحيفة "الزمان"، قال الأميرالاي محي الدين أحمد عبد الله، العضو الجديد في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ووزير المواصلات، ما ملخصه الآتي:
اولا: "لم يكن الهدف من حركة الرابع من مارس حماية مصالح اي دولة اجنبية، أو اي حزب سياسي سوداني. لكنها حركة انبثقت من صفوف القوات المسلحة لخدمة كل السودانيين. ولإعادة تنظيم القوات المسلحة..."
ثانيا: "تؤيد حركة الرابع من مارس مبادئ الثورة التي اعلنها سابقا الرئيس الفريق ابراهيم عبود. وهي حماية استقلال وحرية السودان. ورفع مستوى معيشة السودانيين... "
ثالثا: "اذا يقصد الرئيس ايزنهاور أن هناك ضغوطا شيوعية تمارس على السودان، اريد أن انفي ذلك نفيا قاطعا. واريد أن اطمأنه بأن السودانيين لا يقبلون اي تدخل خارجي، من اي دولة. وهم مستعدون للتضحية بأرواحهم لحماية استقلال وحرية السودان... "
(قال السفير الأمريكي في هذه الوثيقة إن الرئيس ايزنهاور لم يشر إلى السودان مباشرة في خطابه امام الكونقرس في بداية سنة 1959. لكن آيزنهاور "اشار اشارة غير مباشرة" عندما تحدث عن زيادة النفوذ الشيوعي في المنطقة. وعن اهمية تحالف الولايات المتحدة مع الحكومات والجماعات المعادية للشيوعية. ويبدو أن الأميرلاي عبد الله اعتبر ذلك اشارة مباشرة إلى السودان).
(بعد سنوات، ازيح الستار عن تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية، سي اي ايه، بتاريخ 19-3-1959، بعد اسبوعين من انقلاب شنان. فضل التقرير التعاون مع العسكريين السودانيين المؤيدين لحزب الأمة. وقال التقرير إن هؤلاء "يتمتعون بأغلبية وسط الضباط المؤيدين للدول الغربية داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وداخل مجلس الوزراء... ")
----------------------------------
ملخص ما حدث:
20-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... بعد مرور قرابة ثلاثة اسابيع على تمرد ضباط كبار داخل القوات المسلحة، ووسط غموض وتكتم على تفاصيل ما حدث، نقدر أن نقدم هذا الملخص:
الاحد 1-3:
كان حوالي 400 جندي من القيادة الشمالية (قيادتها في شندي)، والقيادة الشرقية (قيادتها في القضارف) في طريقهم إلى جنوب السودان للاشتراك في الحرب هناك. قاد الأولى الأميرالاي عبد الرحيم محمد خير شنان. وقاد الثانية الأميرلاي محي الدين أحمد عبد الله. وعندما وصلوا إلى الخرطوم، حاصروا قيادة القوات المسلحة، ومباني البريد والبرق، والاذاعة. واعتقلوا اللواء أحمد عبد الوهاب، وعسكريين آخرين منهم: القائمقام حسين على كرار، والقائمقام عوض عبد الرحمن صغير. وعندما قابل شنان وعبد الله الفريق عبود، طلبوا منه عزل عبد الوهاب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وادخالهما هما في المجلس. واشتكيا لعبود بأن عبد الوهاب كان اعترض على ادخالهما المجلس في نوفمبر الماضي، عندما وقع الانقلاب العسكري...
الاثنين: 2-3:
طلب السيد عبد الرحمن المهدي، زعيم الأنصار، وعبد الله خليل، رئيس الوزراء السابق، من الفريق عبود اطلاق سراح الضباط المعتقلين، ومحاكمة شنان وعبد الله. لكن، اتفق عبود مع شنان وعبد الله على عدم محاكمتهما، مقابل اطلاق سراح المعتقلين، ومواصلة تقدم القوات إلى الجنوب. واصدر عبود بيانا في الإذاعة بأن القوات واصلت تقدمها إلى الجنوب، بدون أن يذكر تفاصيل ما حدث...
الثلاثاء: 3-3:
بعد اطلاق سراحه، طلب عبد الوهاب، بتأييد من الإمام عبد الرحمن المهدي وعبد الله خليل، من عبود محاكمة شنان وعبد الله. ومرة اخرى، رفض عبود. وقال إن المشكلة انتهت، وأن شنان وعبد الله واصلا التحرك مع قواتهما إلى جنوب السودان...
الاربعاء 4-3:
عندما اقترب شنان وعبد الله، وقواتهما، من كوستي في طريقها إلى جنوب السودان، علما أن عددا كبيرا من اعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة يصرون على محاكمتهما. وفي الحال، امرا قواتهما بالعودة إلى الخرطوم. ومرة اخرى، حاصرت هذه القوات قيادة القوات المسلحة، ومباني البريد والبرق والاذاعة. وفي الظهر، اصدر عبود بيانا في الإذاعة، قال فيه أن كل اعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة استقالوا. وان مشاورات تجري لتشكيل مجلس جديد. وطمأن المواطنين بأن البلاد مستقرة، وان الأمن مستتب...
الخميس: 5-3:
ارسل السيد عبد الرحمن المهدي عبد الله خليل، وارسل السيد على الميرغني خلف الله خالد (كان وزير الدفاع) إلى عبود في قيادة القوات المسلحة. وكان الهدف هو تجنب اراقة الدماء وسط القوات المسلحة. وقال خليل إن المهدي لا يرفض ادخال شنان وحامد في المجلس الأعلى للقوات المسلحة على شرط الا يخرج منه عبد الوهاب. وفي المساء، اصدر عبود بيانا في الإذاعة اعلن فيه ادخال شنان وحامد في المجلس الأعلى. وايضا، الأميرلاي المقبول الأمين الحاج. ولم يخرج اللواء أحمد عبد الوهاب.
واخراج الأميرالاي محمد نصر عثمان، والاميرالاي الخواض محمد، والاميرالاي محمد أحمد التيجاني، والقائمقام عوض عبد الرحمن صغير، والقائمقام حسين على كرار...
الجمعة: 6-3:
هدا التوتر، وظل الوضع في العاصمة هادئا. ويبدو أن السودانيين قرروا، بطريقتهم الخاصة، أن يحلوا مشاكلهم بتنازلات وحلول وسط، وليس بالقوة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.