بعذبني الحمار الشعرو (سبيبي)..والناس (اتفلهمت)..!! ود معتوق :يوسف دوكة بدأت كتل الصوف البيضاء تتطاير من تحت مقصه كقطع الجليد في سوق معتوق بالجزيرة، وهو لا يأبه بأي مخلوق غير الذي يقف امامه في إلفة، يحسبها الناظر مسكنة وخنوع، ليعمل مقصه في صوفه تشذيباً وحلاقة ،فعدو (محمد أحمد ) الوحيد هو العربات والركشات على وجه الخصوص. (1) اقتربنا منه وكان منهمكا في حلاقة احد الحمير فألقيت عليه السلام...مد يده مسالماً لنا بعد أن سبقت يده ابتسامة ناصعة، ناصفت شمس الهجير في ضيائها وهي تندلق على وجهنا، ففي هذا المكان بالذات يزاول حاج محمد أحمد مهنته كأشهر حلاق حمير بمنطقة معتوق، مهنة حذق فنونها اسلافه، وصار هو الوريث الشرعي لعرشها، فظل يزاولها منذ الستينات وحتى يومنا هذا ،وما بين حفيف المقص والصوف المتطاير استطعنا أن نظفر منه بهذه الكلمات. (2) عن بداياته يحكي العم محمد أحمد انها كانت في 1964 ويضيف: (كنت حينها في ميعة الصبا والفضل للوالد وحلاقة الحمير (وراثة) حذقناها ابا عن جد، فوالدي رحمة الله نال حظاً وافراً من الشهرة في حلاقة الحمير حتى أن سكان القرى البعيدة والقريبة كانوا يفدون اليه ليجمل ويشذب شعر حميرهم. (3) طلبنا منه أن يعقد لنا مقارنة ما بين حلاقة الحمير في السابق والآن، ابتسم وهو يضغط على الحمار بيده محاولاً تغيير وضعية رقبته..فقال بنبرة يشوبها الحنين للزمن الجميل:(زمان زمن الدنيا بخير وحميرها كتار)، كنا نعود لاسرنا وابتسامتنا ل(آخر ضرس ) لم لا والجيب مليء بالجنيهات وقفة الخضار ينوء بحملها الحمار، ونجد عنتاً في انزالها حين نصل المنزل، ولا ننجح في ذلك الا بعد (تلتلة)، حامدين شاكرين، الا أن دوام الحال من المحال. (4) سألناه عن تغير الحال.. فقال العم محمد أحمد: الناس الزمن ده (اتفلهمت) بدلت الحمير بالبكاسي.. والمواصلات صارت متوفرة و(كمان جابت ليها رقشات ودى مريحة شديد واستهلاكها بسيط، بنزين بى (3) جنيه تلف بيها (الحلال) دى كلها، لكن الحمار يستهلك كمية من العلف، زد على ذلك أن بطئه يكلف كثيرا من زمن الوصول. (5) وعن انواع حلاقة الحمير وهل لها اسماء وموضات كحلاقة البشر، رد بلغة اهل منطقته الجميلة:(بلحيل، فيها تلاتة انواع (السيركار، والسير المعرج، والشرافة )...والاخيرة دى بتكون سبعة تمانية. ونستخدم في ذلك انواع من المقصات منها ابو بقرة وابو خروف وابو حصان...قاطعناه بسرعة: (ليه ما في مقص اسمو ابو حمار؟)...فرد تسبقه ضحكته : (يا ولدى المقصات دى صناعة انجليزية والناس ديل ما عندهم شغلة بالحمير ،لكن عملوا مقص ابو حصان وأكيد هو ود عم الحمار). (6) عن الصعوبات التي تواجه مهنته يقول: (هى في شغلة ما فيها صعوبة، مرات الحمار بيكون شعرو (سبيبى) يعنى لين.. ومن الصعب إنك تتحكم في حلاقتو، الشعر السبيبي بيشكوا منو حتى حلاقين البشر، واحياناً يرميك حظك العاثر في (حمير شرسة).. وزي دي بخت ليها عود في الخشم اسمو (اللواش). (7) سألناه عن امكانية حلاقته للبشر..فرد علينا بسرعة:(ابدا ما ممكن لانو الناس بقولوا ليك الحلاقة دي كعبة ..وخفف هنا ..وخلي هناك، وخلي لي باقي شعر عايز(افلفلوا) ،عشان كده الحمير اخير وأسهل من البشر في الحلاقه وانا لو اخلي الشغل ما بحلق لي لزول.. اخير لي (حميري) دي بقيت فاهما اكثر من اي زول . (8) وعن اسعار الحلاقات قال انها تتراوح ما بين (3)الى ال (4) وال 5 جنيهات ،حسب السوق ،وبرغم بساطة (الشغلانة) الا أن عائدها (بجيب حق الملاح)...على حد تعبيره البسيط.