:: للدكتور الحاج آدم، عندما كان والياً بالشمالية تجربة فريدة وتستحق الدراسة ثم تطبيقها بكل ولايات السودان..غادر الحاج الشمالية قبل أن يسهب في توسيع تلك التجربة، ولكن بذرة التجربة أثمرت لأهل الشمالية هناك بعاصمة ولائية لم تعد نوبية أو كما كانت، بل سودانية بكل ما تحملها هذه الكلمة من (معان سامية). وجد الحاج بدنقلا تجاراً من كل ولايات السودان بلا متاجر، وأسراً من قبائل الوطن بلا منازل، فشرع في تخطيط الأسواق والأحياء ثم توزيعها - بعدالة مدهشة - لمن يستحقها بغض النظر عن مسقط رأسه أو قبيلته. وبهذا التخطيط الإستراتيجي، استقر السواد الأعظم من أبناء غرب البلاد وشرقها وجنوبها في متاجرهم ومنازلهم، وغادروا رهق الإيجار، وارتفع معدل الإنتاج والحراك التجاري والكثافة السكانية.! :: ثم المهم جداً، بعد تجربة حاج آدم التي ملكت بعض أرض البلد هناك لكل أهل البلد (حسب الحاجة)، أصبحت دنقلا كما القضارفوالخرطوم وغيرها (ما معروفة حقت منو)، وهذا هو المطلوب على نطاق الوطن، وليس استنكاراً لذاك الحق ولكن ليؤكد قومية أي رقعة جغرافية بأرض السودان..واليوم من يقصد أسواق دنقلا وأحياءها ومدارسها، يسخر من دعاة العنصرية والقبلية ويضحك على خطل تفكيرهم..ثم، القوة الاقتصادية المنتجة اليوم بدنقلا وأريافها، هي القوى القومية التي استقرت بتلك الديار وانصهرت مع مجتمعها. الخدمات بكل ولايات السودان دون الطموح، وكذلك تتساوى كل ولايات السودان في قلة التنمية، ومع ذلك بالشمالية أزمة هي بمثابة مأساة سودانية - وليست شمالية فقط - وهي (الفقر السكاني)..فالأرض على مد البصر، وكذلك النيل، ثم أعمدة الكهرباء، ولكن للأسف (مافي ناس).! :: ومرد هذا الفقر السكاني ليس تنموياً وخدمياً فقط، إذ حال التنمية والخدمات بالشمالية هو ذات حال التنمية والخدمات بدارفور وكردفان وغيرها من ولايات السودان ذات الكثافة المناسبة نسبياً، وليست (مليون وشوية) كما الشمالية، وهذه تقريباً كثافة ثلاثة أحياء بنيالا التي بلا كهرباء أو أربعة أحياء بالفاشر التي بلا أنهار..على كل، أسباب الهجرة والنزوح بالشمالية ليست اقتصادية فقط، وهذا ليس مهماً، فالمهم يجب إيجاد حل لأزمة الشمالية التي تعاني من (أزمة الناس)، وذلك بفتح فرص الاستثمار والتوطين فيها لكل من يرغب من (أهل السودان)..وفي الخاطر، خبر بصحف الخرطوم، إذ يقول الخبر: (شرعت حكومة الشمالية في توزيع ثلاثة آلاف قطعة سكنية بدنقلا لأبناء دنقلا بالسعودية وقطر)، هكذا الخبر ..(خير وبركة).! :: ولكن يجب إكمال الخير والبركة بتوزيع الأرض الزراعية والسكنية بتلك الديار لكل سوداني يقصدها بالرغبة في (الإنتاج والإقامة)..وليس بالضرورة أن يكون من أبناء تلك المدينة أو هذه..نعم، ما أكثر أهل السودان الذين يستأجرون المزارع والمنازل بدنقلا وغيرها من مدائن وأرياف الشمالية - وينتجون، وهؤلاء جديرون بامتلاك الأرض المسماة بالحكومية، وهي تعني (أرض السودان لكل أهل السودان)..وابن البلد الذي يفلح الأرض أو يقطنها بالإيجار أولى ب(التوزيع والتمليك).. ومنذ بداية هذا العام وإلى يومنا هذا، تفرض حكومة الشمالية رسوماً على إنتاج أبناء الجزيرة، إذ هم يذهبون من الجزيرة ويستأجرون الأراضي هناك ثم يزرعونها، وعند التسويق تفرض عليهم الحكومة عند مخرج البوابة الجنوبية (الرسوم).. تلك الرسوم ليست قضية اليوم، ولكن المهم كل قطعة أرض بالشمالية لا يمتلكها مواطن (بشهادة بحث)، أولى بها - تخصيصاً أو تمليكاً - هذا المواطن القادم من الوسط أو الغرب أو الشرق أو الجنوب ليفلحها..نعم، فلتكن الأرض الحكومية لمن يفلحها ويقطنها، وليس لمن (يسورها ويسافر).!