التزاحم على الوظائف، قد يكون شريفا، وقد يكون لا,, قد يكون ( سيدا) وقد يكون بطرق ملتوية، ومن هذه الطرق التقليل من شأن الآخرين، وقدراتهم العملية، ومهاراتهم.. بل والتشكيك في شهاداتهم، أو في نزاهتهم، أو في طهارتهم الاخلاقية.. كل هذا يحدث بالتندر، والتنكيت، والمزاح، لكن يبقى القصد- في النهاية- هو القصد: سد أبواب العمل في وجوههم، لتفتح في وجوه غيرهم! إنه القتال من أجل الرزق، ولكنه القتال الذي لا شرف فيه، ولا خلق، ولا أمانة، ولا نبل، ولا نزاهة، ولا، ولا، لا. في خضم (هالشكل) من القتال، أطلق من أطلق من الوافدين صفة الكسل على السودانيين، في شكل نكتة.. نكات، وراجت، وتوالت غيرها إلى يوم الناس هذا يا (عُصمان).. و(عُصمان) كانت تربد ملامحه في البداية، يكفهر وجهه، يستبد به الغضب، ثم صار يضحك من شر البلية، ثم صار يضحك أخيرا، على من ضحك أولا، ومن يضحك أولا يبكي- عادة- في النهاية! هل السودانيون كسالى؟ أنظر إليهم ياصاح: إنهم مثل غيرهم من خلق الله، يصحون مع الديك يطلبون الرزق، في البرد وتحت المطر، وفي الحر الذي يلوي ذنب الضب. أنظر إليهم ، إنهم يصنعون الدبابة، والطائرة بدون طيار، والسيارات أمجاد.. أمجاد ياعرب أمجاد.. أنظر إليهم، إنهم ينحنون إلى الأرض، يبذرون البذرة في ملايين الهكتارات، حتى انحنت ظهووهم. انهم يحفرون الترع، ويشيدون السدود العملاقة، ويردون على أوكامبو بالحلاقيم تلك التي من فصيل ( الساوند سيستم) الر الرد بالسد السد. أنظر إليهم إنهم ظلوا يتقاتلون بشراسة-شمالا وجنوبا- منذ ماقيل الاستقلال، وحين أطفأوا النيران بين الشمال والحنوب، هبوا يتقاتلون قتال الجن في دارفور، التي هى وحدها بمساحة فرنسا وبلجيكا... يتقاتلون وما زالوا، وما انفكوا، ومابرحوا ولم تفلح كل قوات الامم وإفريقيا في أطفاء نيرانهم المدلهمة. أنظر إليهم- ياصاح- إنهم يصلون الخمس وزيادة، يحجون البيت، ينحرون، يكرمون الضيف، يحمدون رب الناس في كل الاوقات، يتزوجون يتناسلون، يتكاثرون، يضربون غرائب ابل الغربة إلى فجاج الدنيا أطباء ومهندسين وإعلاميين وأساتذة جامعات وفنيين وعمالة ماهرة، وأخرى على باب الله، طاهرة اليد واللسان، تفيض خلقا ، وبساطة، ومروءة! هل السودانيون كسالى؟ أجل.. إنهم لكذلك.. وفي ظني أن بيل غيت ماتوصل إلى فلسقته في فن التشغيل، إلا عبر سوداني: ضحك غبتس من واحدة من النكات التي تسبغ الكسل على السودانيين، ونادى على( عصمان) يا ( أسمان كم هيا) وحين جاءه عثمان، امره أن ينجز عملا، أرهق غيره في ( الإمبراطورية)، ليرى (أوسمان) كيف يكب (الجرسة)!. لدهشة غيتس، أن (أوسمان) أنجز العمل بكل سهولة.. دون أي نوع من التعب، ودون أن (يتجرس)! التمعت الفكرة في ذهن بيل.. قال قولته المشهورة في ذهنه أولا.. وقالها ثانيا، في جامعة( اوستن) والحضور الكثيف يرفع حواجبه.. وبين القولين، كان غيتس ينادي- باستمرار- على (أوسمان) يا أوسمان.. يا أوسمان.. يامستر(أوسمان) كلما فشل الآخرون في انجاز عمل صعب، ومتعب! يديك العافية يا (أوسمان) ( ماقصرت والله.. ماقصرت)!