الزفة تظاهرة احتفائية تقودها جوقة أو فرقة موسيقية تجوب الشوارع للفت الأنظار أو الترويج لحدث أو بضاعة ما، والناس حيال الزفات إما متفرج من على الرصيف أو سائر فيها أو مساير لموكبها. و"السير في الزفة" تعبير يعني فعل المرء أمراً بسبب أن أناساً غيره يفعلونه وإن كان يتعارض مع قناعاته ومعتقداته. وقد ارتبطت الزفات ببعض الأصناف البشرية، مثل (كداب الزفة) الذي يطلقه المصريون على "الفضولي أو "المتطفل" الذي لا صلة قرابة له بأهل العُرس ولكنه يشارك في زفته بحماس زائد وإحساس كاذب. هناك نماذج لشخوص أخرى مرتبطة بالزفات تجري بذكرها الأمثال الشعبية. وللزفات تأثيرات وتطبيقات عملية اجتماعية وسلوكية. فمن تطبيقاتها في عالم السياسة ميل الناخبين للتصويت لصالح المرشح التي ترجح التوقعات كفته كعادة الناس دائماً في ميلها لمن غلب. ومن تطبيقاتها في عالم الاقتصاد ازدياد الطلب على سلعة ما بتزايد الإقبال عليها بعكس القاعدة الاقتصادية التي تقول بسيادة مبدأ العرض والطلب وتَحَكُّم سعر السلعة وذوق المستهلك في قراره. ومن تأثيرات "الزفات الخضراء" البارزة بصورة واضحة في مجالات استجلاب الأنواع الشجرية الغابية وتوطينها في محيطنا الوطني، أصناف "الزفات الخضراء" التي شهدتها منذ عهد الدراسة الجامعية في أواخر السبعينات الماضية زفة الهوهوبا" (أو الجوجوبا)، تلك الشجيرة مستديمة الخضرة والقدرة الفائقة على تحمل درجات الحرارة وملوحة التربة العالية، والاحتياجات القليلة للماء، والتي تعتبر شجيرة مثالية لإدخالها في المناطق الجافة وشبه الجافة للاستفادة من إنتاجها من الزيوت كوقود حيوي رخيص ومستدام حيث تحتوي بذرتها على (40-60%) من وزنها زيتا نقيا. والتي ثم ما لبثت أن أفسحت المجال لزفة "المسكيت" أو الشجرة المعجزة" التي أسهم مشروع البحوث الكنديون إسهاماً وافراً في نشرها في المناطق المتصحرة والمهددة بزحف الرمال قبل ان يصدر قرار استئصالها عام 1996. ثم أعقبتها "زفة شجرة اللوسينا" سريعة النمو عالية القيمة الغذائية العلفية للحيوان وأحد مصادر الطاقة الحيوية التي تبناها "مشروع السودان للطاقة المتجددة في الثمانينات، قبل أن يتم وأدها في مهدها بعد أن تبينت خطورتها كافة لسرعة انتشارها في المناطق الزراعية المروية. لتفسح المجال لزفة شجرة النيم" التي سميت ب"الصيدلية الشعبية" أو "صيدلية القرية"، والتي شهدت زخماً إعلامياً كبيراً بعد أن دخلت قضايا الصراع على حقوق ملكيتها بين الهند وألمانيا المحاكم الدولية. ثم توالت بعد ذلك ثلاث زفات متعاقبات "زفة البزروميا" أو "الدمس السعودي" سريع الانتشار الذي غزا الميادين العامة والمنازل والطرقات والمزارع كشجرة زينة وظل قبل أن تتكشف عيوبه وتكثر الشكاوى مما أحدثه من أضرار بسبب انتشار جذوره افقياً واختراقها أنابيب الصرف الصحي وأنابيب مياه الشرب، وتمدد جذور إلى داخل المباني وأصابها بشروخ وتصدعات مما اضطر بعض الناس لإزالتها. وزفة "المورنجا" المشهورة محليا بشجرة الرواق حيث تستخدم أجزاؤها في تنقية مياه الشرب بديلاً لمادة الشب، وتستخلص من بذورها زيوتا كغذاء للإنسان ويستفاد من المادة الصلبة المتبقية من بذورها بعد استخلاص الزيوت (امباز) لغذاء الحيوان. وهي الشجرة التي تعرف في الولاية الشمالية بمسمى "بان الخلا" حيث تنمو بصورة طبيعية في الوديان وخاصة بوادي الكاسنجر الذي يعرف بوادي البان. وأخيراً "زفة الجاتروفا" الشجرة المعروفة في السودان منذ زمن بعيد والتي تستخدم كسياج للمزارع والبيوت بجنوب كردفان والنيل الأزرق وآخر محاولات إعادة توطينها ببعض نواحي ولاية سنار وأطراف محمية الدندر بغرض إنتاج زيوت الطبيعية أو البيوديزل. ومن مخاطر زفات استجلاب أصناف نباتية بغرض توطينها أو إعادة توطينها، اللهفة على إدخالها قبل إكتمال إجراء البحوث التطبيقية عليها وتقييم فائدتها وجدواها الاقتصادية وتأثيراتها الإيكولوجية والبيئية وحساب إنتاجها وتقييم إنتاجيتها وتوفير المعلومات الاساسيه عنها. ومن أبرز مخاطر زفات استجلاب أصناف نباتية بغرض توطينها أو إعادة توطينها والتي غالباً ما تؤدي لفشلها أو عدم استدامة مردودها هي أن مرتاديها أو القائمين على أمرها هم في الغالب من غير ذوي الاختصاص بها أو من ليس لهم استعداد للتنسيق مع من هم أهل الاختصاص في مجالها. خلاصة القول إن هناك ضرورة إلى أن تقوم كل جهة بتجويد ما يناط بها من واجبات والعمل على تجنب تداخل الاختصاصات والسعي للتنسيق وتكامل الجهود وإتباع المؤسسية والأسس العلمية والعزف عن ركوب موجة الزفات خدمة للبلاد والعباد.