قبيل أن يجف مداد القرار الجمهوري القاضي بحل السلطة الإقليمية لدارفور وإعادة إنشائها بمرسوم آخر، وبعد أن كشف المرسوم الجديد فى طياته عن أسماء وزراء السلطة الإقليمية الجدد، انتفض البعض على التكوين الجديد دامغين إياه بالجهوي والقبلي، ولعل تلك العبارات هي ماوردت على بيان من مكتب التحرير والعدالة بنيالا وفى ذات الاتجاه اصطف موظفو السلطة السابقة للوقوف فى وجه العاصفة التى هددت باقتلاعهم بحجة إعادة الهيكلة، الشيء الذى وضع حركة سيسي فى محك التنفيذ الفعلي لوثيقة الدوحة فى أول اختبار لتنزيل مضامينها لأرض الواقع. تجاوز الحركة لهذا المطب هو ماستفصح عنه الأيام القادمة. نذر خلاف بعد صدور المرسوم الجمهوري القاضي بإعلان التشكيل الهيكلي للسلطة الإقليمية لدارفور؛ ظهرت للسطح نذر خلافات تلوح في الأفق وتنذر بغبار لا تعرف حتى الآن كثافته، فقد استنكرت القيادات السياسية لحركة التحرير والعدالة بجنوب دارفور التشكيل ووصفته بالقبلي والجهوي الى جانب إقصائها لقيادات بالولاية وتمت الإشارة في الاستنكار الى أن التشكيل مال الى القبلية والجهوية وركز على ثلاث قبائل بعينها هى الفور والزغاوة والرزيقات بولاية شمال دارفور وأهمل المكونات الأخرى كما أقصى قيادات من جنوب دارفور بالحركة، مشيرة الى إهمال الحركة وعدم اعتراف الترتيبات الأمنية بوجود جيش مقدر للحركة في المناطق الجنوبيةالغربيةبجنوب دارفور رغم وجودها الكبير في مناطق حدودية مع دولة جنوب السودان وحدود 1956. واتهموا رئيس السلطة الإقليمية لدارفور د.التجاني السيسي بممارسة عملية التهميش السياسي المستمر وادعائه القومية مستدلين بوزيرة المالية التي تم تعيينها في السلطة الإقليمية وهي ليس لها علاقة بالحركة سوى أنها مقربة من رئيس السلطة الاقليمية لدارفور، بل مضى البعض الى أن تلك الوزيرة هى زميلة سيسي فى الدراسة، وأيضا مندوب الترتيبات الأمنية لجنوب دارفور ليس له أي انتماء لجنوب دارفور سوى الانتماء القبلي والعنصري؛ الشيء الذي ينبئ ببوادر اختلاف لا يُعلم مداها، وهو الذي لن يكون في مصلحة أهل دارفور ولا سلام دارفور، ويمكن أن يجهض ترتيبات إنفاذ ميثاق الدوحة قبل ميلاده. ونجد أن ذلك الوضع يعتبر أول امتحان لحركة التحرير والعدالة للعمل وتنفيذ النظريات السياسية والاقتصادية على أرض الواقع في دارفور وفقاً لميثاق الدوحة الذى تم توقيعه فى يوليو المنصرم لمصلحة مواطنها الذي كان في يوم من الأيام واحدا من أفرادها، إما في الميدان أو في الوجدان، وسبق هذا كله إعلان تشكيل الهياكل التنفيذية للسلطة الإقليمية لدارفور بغية البدء فعليا في إنفاذ ما اتفق عليه في الدوحة عسى ولعل أن يصلح ويرمم ما أفسدته الحرب من دمار وخراب. وبالرغم من طمأنة حركه التحرير والعدالة لأهل دارفور بأن السلطة سيشرك فيها كل أهل دارفور دون محاباة لأحد بل أكد قادتها مراراً بضرورة العيش في أمان وسلام وداخل مناطقهم التي نزحوا منها الشيء الذى هللوا له وأدخل السرور فى وجدانهم علهم يسترجعوا قليلا من ماضيهم في حياة البداوة والترحال الغنية بالعادات الاجتماعية والتكافلية الجميلة دون النظر الى أي نوع من أنواع التقسيم والتمييز والقبلية التي لم تكن في يوم من الأيام حاجزا يمنع أو فاصلا يفصل بين هذا وذاك فالكل شريك في الماء والكلأ ومعا في السراء والضراء. اتهام غير منطقي الأمين الإعلامي لحركة التحرير والعدالة احمد فضل قال في إفادته ل(السوداني) إن البيان الذي صدر وتحدث عن إقصاء وتمييز لبعض القبائل على الأخرى في الهيكل التنفيذي للحركة ليس له مايبرره والمراقب المحايد إذا نظر الى شكل السلطة يجد أن التشكيلة متنوعة بشكل كبير وتضم مكونات كثيرة من مجتمع دارفور بدون أي تحفظات او أي تمييز مع العلم أن الحركة أصلا لديها خمسة مواقع فقط في التشكيل التنفيذي للسلطة الإقليمية ومن يريد أن تكون دارفور كلها بجميع مكوناتها ممثلة في الخمس مواقع هذه يكون شخصا غير منطقي لأن قبائل وإثنيات دارفور تفوق المائة فهل يعقل أن تمثل في خمس مواقع فقط؟ وأضاف فضل مستطرداً أن مشاركة حركته في تقاسم السلطة ليست مقتصرة على مستوى السلطة الاقليمية لدارفور وهذا التشكيل ليس خاتمة المطاف وهناك تشكيل على المستوى الولائي والمحلي في المعتمديات والمحليات ومن يعترضون على عدم التمثيل لو وجدوا أنفسهم وممثليهم خارج هذا الإطار عليهم أن يحتجوا فلهم الحق في ذلك ولكن اعتراضهم الآن غير موفق نهائيا فقد استبقوا الأحداث ففي السلطة التشريعية التي لم تعلن حتى الآن لنا 67 عضوا. ومضى بشكل يبعث على طمأنة قادة حركته إلى أن هنالك لجان داخلية ونحن محتاجون أصلا لكل أهل دارفور لإكمال العملية السلمية في دارفور. وأكد فضل أن وزيرة المالية التي احتجوا عليها هي ليست عضوا في الحركة، والسلطة الاقليمية ليست حكرا على الحركة، ونحن عندما خاطبنا الشعب السوداني وعدنا بمشاركة المجتمع المدني الدارفوري الذي شارك في العملية السلمية في دارفور مشاركة فعالة وهذه المرأة من المجتمع المدني وتمثل المرأة في دارفور. تباين وجهات النظر المحلل السياسي المختص في الشأن الدارفوري عبدالله آدم خاطر قال ل(السوداني) إن تباين وجهات النظر في تقييم السلطة الاقليمية في دارفور يعد جزءاً أصيلاً من العملية السلمية نفسها لأن كل الناس لابد أن يروا أنفسهم بالداخل، مع العلم أن السلطة الانتقالية بدارفور لم يتم اكتمال تشكيلها حتى الآن، ولأول مرة يتم اختيار وزيرين من المجتمع المدني الدارفوري الذي شارك في العملية السلمية للسلطة الانتقالية متمثلة في وزيرة المالية ومفوض المصالحات والترتيبات الأمنية، والاختيار لم يتخطَّ فقط جنوب دارفور فهناك أيضا شمال دارفور(التنجر والمساليت) واحتجوا أيضا. وأضاف خاطر قائلا إن السلطة الحالية في دارفور هي ليست سلطة محاصصات وإنما سلطة إنهاء نزاع وترتيب لدارفور من أجل مواجهة التنمية والتعافي والمصالحات وفتح الطريق وتحسين العلاقات بين مجتمع دارفور والحكومة الاتحادية، وماصدر من بيان أفرزت فيه مجموعات عن إقصائها من التشكيل ماهو إلا شيء مستعجل لتحريك العواطف نحو الاستكمال وهو المطلوب أن يحتج الكل لتوفير فرصة الشفافية لأن السلطة لم تكتمل حاليا وهذا هو الوقت المناسب لسماع كلام الناس واحتجاجاتهم وأصواتهم، والواجب يحتم على السلطة الانتقالية سماع كل الناس لأن هذه السلطة هي سلطة إنهاء نزاع وحرب في دارفور وتوفير أمن واستقرار لمواطنيها. مزيد من التوتر عضو لجنة شئون الموظفين المحلولة وعضو اللجنة الإعلاميه بحركة التحرير والعدالة عبدالرحيم محمد حولي قال ل(السوداني) إن 1580 موظفاً كان قد تم استيعابهم في اتفاقية أبوجا تم الآن إعفاؤهم من السلطة الاقليمية بطريقة غير أخلاقية ووجدوا أنفسهم في الشارع بدون سابق إنذار وهو ما أوجب أن نتساءل هل تسريح هؤلاء الموظفين هو بداية أم نهاية سلام أم توترات قادمة مع العلم أن 80% منهم حاملين للسلاح ويحملون شهادات عليا وفي ظل الحرب والجبهات المختلفة المفتوحة ماهو الوضع القادم؟. وأضاف حولي قائلا: "إذا كان كل من يأتي باتفاقية يلغي ماقبله من اتفاق ستكون دارفور في دوامة ونحن نطالب بحق المفصولين ومراعاة الوضع الاقتصادي في السودان ودارفور خاصة وطالما أن اتفاقية أبوجا مستمرة؛ ماهو الشيء الذي يدعو الى استيعاب القادة مثل مصطفى تيراب وعلي مجوك وابراهيم مادبو في السلطة الانتقالية وفصل الموظفين، وأكد حولي أن ماحدث بخصوص التشكيل التنفيذي للسلطة الاقليمية في دارفور وماحدث فيه من تجاوز سوف يؤدي الى مزيد من المشاكل نسبة للتركيبة السكانية المعروفة لدارفور وعدم الموازنات.