حرص بنك السودان المركزي بإصداره دليلا إرشاديا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال المصارف والصرافات، على تحسين سجل البلاد على مستوى العالم في مكافحة غسيل الأموال، بعد أن كان متذيلاً دول العالم في السنوات الأخيرة الماضية، حيث أنه أحرز على نقطتين فقط في العام 2010م من جملة (16) نقطة حددتها لجنة التقييم الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بناء على (40) توصية متعلقة بغسيل الأموال وتسعة توصيات متعلقة بتمويل الإرهاب تقدمها اللجنة للدول لإنفاذها، ويجيء الدليل تعبيراً عن تلك التوصيات الدولية. يبدو أن الخطط والبرامج الاقتصادية والمالية التي تصدرها الحكومة من فترة الى أخرى لم تأخذ بهذه الجوانب بصورة جادة في ظل عالم تهتكت فيه الحدود الجغرافية، والتعاملات المالية.. وما تأثُّر كل دول العالم بالأزمة المالية العالمية التي كان منشأها الولاياتالمتحدةالامريكية، إلا صورة مكبره لتداخل العالم في الشأن المالي، لاعتبار أن المال لا وطن له، كما أنه يمثل سبباً للحروب التي تخلق بيئة ملائمة لهذه الممارسات. لقد زارت البلاد في الفترة من (14 -29) ديسمبر المنصرم لجنة التقييم الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ووقفت ميدانياً على أداء المؤسسات المالية من البنوك والصرافات ودققت في المستندات المتوفرة في هذه المؤسسات، للتأكد من مدى التزام السودان على تنفيذ التوصيات التي أصدرتها، بجانب أنها أجرت لقاءات بالمسئولين المعنيين ببنك السودان المركزي، ووزارة العدل، وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، وهي زيارة درجت اللجنة القيام بها وعلى أساسها تصدر تقييمها للدول، وبحسب المعلومات التي توفرت لدي فإن الموقف نسبياً أفضل من السنوات الفائتة. إن عدم الاستقرار في السياسة النقدية في البلاد نسبة لعدم الاستقرار السياسي، والأمني، هو الذي أضر كثيراً بتحسن أوضاع البلاد في هذا الخصوص، خاصة وأن ممارسة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب تتزايد في البلدان التي تشهد انفلاتات أمنية، الأمر الذي يجعل تركيز الحكومات على تحسين الأوضاع الأمنية أكثر من غيرها، كما أن انفصال الجنوب هو الآخر له آثاره السالبة، ولكن في نفس الوقت قد يساهم أيضاً في تحسين وضعية السودان من حيث التقييم العام، لأن دولة الجنوب يتم تقييمها في هذه المرة كدولة قائمة بذاتها، وبذلك ترفع بعض الأثقال عن السودان.