أخبار تركيا وأخبار إيران، هذه الأيام، طغتا على أخبار حمامات الدم العربي؛ رغم أنهما ضالعتان في كل ما يحدث ب(الوطن العربي).. لاحظ قارئي العزيز أن كلمة إسلامي لم تخطر على بالي وأنا أشرع في كتابة العمود، رغم أن الإسلام هو ما يجمعنا (هذه الأيام) بهاتين الدولتين.. إيران، فيما يبدو لنا، أنها لم- ولن- تساعدنا ولن تستثمر في أراضينا مهما اقترب منها سياسيونا أو ابتعدوا.. والحرب الإيرانيةالعراقية زادت الطين بلة وعملت على لخبطة (الكيمان) بمنطقتنا العربية.. ويكفينا انقسام حكامنا (ذاك الزمان)؛ ناس مع العراق وناس مع إيران.. ثم حدث التقارب (الإسلامي) بين نظامي الحكم هنا وهناك، ولكنه للأسف الشديد لم يكن له أي مردود اقتصادي يفيد البلاد أو ينتفع به العباد.. بعض الخبثاء يقولون ببعض مساعدات في مجال الأمن، وفرتها إيران من زمان نميري وحتى نظام الإخوان!!.. إيران الآن، تغير في سياساتها ومعاداتها للغرب، في محاولة لفك حبل المقاطعة الاقتصادية الذي أوهنها حد الهزال.. إيران- حتى الآن- دولة معزولة ومن يلف لفها حيضوق ذات الوبال.. أما تركيا، التي أذهلنا نظامها الحاكم وهو يخرج من نجاح لنجاح، على المستوى المحلي الداخلي، بالتغلب على معظم المشكلات الإقتصادية وجمع الشعب حول الحكومة بتأجيل أو الاستغناء عن التمكين، وتحبيب الناس في الحياة كيفما يشاؤون، والسعي وراء المشروع (القومي) الأساسي لديهم وهو الانضمام للمنظومة الأوربية- بحكم الموقع- مع الامتثال لمطلوبات (هذا الشرف المنشود).. لقد كثُر الكلام عن الاستثمار التركي بالسودان، إلا أننا لم نلمس أي فعل استثماري يشار له بالبنان سوى بدايات متواضعة، مثل شراكة سودانية تركية لنظافة ودمدني، تداعت عند أول (مقلب زبالة).. ولا أدري إن كان بتاع المشاوي التركي بمدني مستمراً أم لَحِقَ بال(منظفاتية).. ومع هذا أقر وأعترف بأنني كنت من المعجبين بالتجربة (السياسية) التركية، وكان أملي أن ينتهج الحكام العرب الذين أفرزتهم ثورات الربيع العربي (الفرازة!!)، النهج (الإسلامي) التركي في حكم شعوبهم، ولكن خاب ظني ومات أملي؛ فالإخوان الجدد صُمُ بُكمٌ عُميٌ.. (قرمانين) حُكم.. عجبتهم الكراسي وال(بنابر) فاستعجلوا (الغداء) بالآخرين ولكنهم الآن في موائد العَشاء يُلتَهَمون.. ثم يحدث تدخل سافر من حكام تركيا في شئون "أم الدنيا"، حُزناً على (الرفاق).. ومرة أخرى يطفو الغباء السياسي ياعم رجب خليك في حالك وقُل بمثل ما قال حكماء السودان: ما يحدث بمصر شأن مصري لا نتدخل فيه.. أهو أنت خسرت أسواق مصر التي تحترم وتقدر كل ما(صنع بتركيا) من مختلف المنتجات.. وبعيداً عن تركياوإيران، يبدو أن هناك نُذر دخان في العلاقات بين مصر والسودان، وأن أي (صنة) في هذا المكان، تنبيء بأن هناك شيئا ما يجري في الخفاء مما لا يحمد عقباه، لا ندعي علماًً ببواطن الأمور، ولكنه الإحساس الذي لا يخيب؛ فمصر في القلب والوجدان.. لكل أهل السودان.. ويارب عديها..